بالفيديو: نعومي كامبل.. السمراء التي ألهمت مصممي أزياء العالم

لكل إنجاز حكايته الخاصة التي تختلف مع اختلاف صاحبه ونظرته لما يحيط به، سواء كان لوحة فنية، أو منحوتة، أو تصميماً هندسياً، أو مجموعة أزياء، أو حدثاً غيّر مجرى التاريخ. ومهما اختلف العمل في تركيبته والخيوط غير المرئية التي شكَّلته، والتي لا تراها سوى عين صاحبه، تبقى الشخصية الملهمة، هي المعيار الوحيد الذي لا يتغير، وتبقى تلك العلاقة الغامضة والمثيرة للجدل بها، هي الشرارة الحقيقية التي تستفز الابتكار، فمن هن الملهمات في التاريخ؟

 

بمشية راقصة ذات إيقاع لا يخطئ، استطاعت نعومي كامبل، أن تتحوّل منذ أولى خطواتها على منصات العروض، إلى واحدة من أشهر عارضات الأزياء في العالم، وأن تصبح أحد أهم أسباب ابتكار مسمى «سوبر مودل»، وأن تصبح الملهمة الرئيسة لمجموعة من مصممي الأزياء العالميين، على مختلف العقود.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

منذ سن صغيرة جداً، كانت كامبل قادرة بابتسامتها المشرقة وثقتها العالية، وحضورها الفذ، أن تستفز شعلة الإبداع بداخل مختلف المصممين الذين التقت بهم، حيث صار بعض منهم عائلتها الجديدة، بعيداً عن عائلتها، وكان آخر أشبه بالأب الروحي لها، وأخرى أقرب لأن تكون الصديقة المعجبة، بينما اختار البعض الآخر أن تكون هي، انطلاقة عروضهم وختامها، وأن ترقص رقصة النقري أو الـ«تاب دانس» مرتدية تصاميم البعض الآخر، وآخر فضَّل أن تخرج على المنصة وهي تغني أشهر أغاني «جورج مايكل» آنذاك، كل ذلك، ولاتزال هذه السمراء الساحرة أسطورة منصات عروض الأزياء، وصاحبة أشهر وأجمل خطوات جسدت تماماً ما تعنيه عبارة «كات ووك» أو «مشية القطة» في مجال هذه الصناعة، وأكثرهن قرباً وإلهاماً لعدد لا يُحصى من مؤسسي الدور العالمية.

وُلدت نعومي كامبل في 22 مايو من عام 1970 في جنوب لندن، لأم ذات أصول جامايكية تعمل راقصة، ولأب لم تلتقِ به قطّ، فقد هجرالعائلة قبل أن تُولد، ويعود اسم عائلتها لزوج والدتها، الذي اختارت الأم أن تحمله بدلاً من اسم والد نعومي الحقيقي.

قالت كامبل في كتابها «نعومي كامبل»: «لقد حظيت بطفولة رائعة، لكنني لطالما شعرت بأنني امرأة كبيرة في جسد طفلة صغيرة، فكنت لا أزال في الخامسة من العمر عندما كان الوصول إلى مدرسة الرقص يعني أخذ حافلة وقطارين في كل صباح، بينما اضطررت للانتقال في الـ13 لمدرسة إيتاليا كونتي، كما أنني كنت قد بدأت الظهور في الكثير من الفيديوهات الموسيقية قبل ذلك بكثير».

تخصصت كامبل في مدرسة «إيتاليا كونتي» في تعلم رقص «الباليه»، وفي تلك الفترة وبينما كانت الطالبة الجميلة تقف مع زميلاتها بزي المدرسة الموحد في «كوفنت غاردن» بعد نهاية الدروس، تقدمت إليها سيدة لتسألها ما إذا كانت قد فكرت بالعمل في مجال عروض الأزياء، كانت تلك السيدة هي، مؤسسة وكالة عروض الأزياء «سينكرو» بيث بولت، والتي تحولت تدريجياً إلى واحدة من الأمهات الروحيات لكامبل.

لم تتوقف العروض عن الانهمار على كامبل لعمل جلسات تصوير خاصة بالمجلات البريطانية، والأميركية، والفرنسية، مثل «إيل»، و«فوغ»، وكانت لاتزال في الـ16 عندما حصلت على أول طلب عرض أزياء في باريس، وتكررت العروض بشكل متواتر، وفي أحدها تم سرقة مالها بالكامل، وهو اليوم الذي بدا سيّئ الحظ بالنسبة لها، لكنه تحول إلى بداية لأفضل ما يمكن أن يحصل لفتاة في مثل ذلك العمر تعمل في مجال قاسٍ كعالم الأزياء، إذ لاحقاً في ذلك اليوم، تعرفت كامبل إلى مصمم أزياء تونسي الأصل فرنسي الانطلاقة، عزالدين علايا، الذي كان أحد أشهر مصممي الأزياء الباريسيين آنذاك.

سرقة

منذ اللحظة التي علم بها عن حادث السرقة الذي تعرضت له كامبل، عرض علايا على الفتاة أن تقيم لديه، قرّر الاتصال بوالدتها، وعرض الفكرة، وبعد موافقة الأم، أصبح كل من العارضة والمصمم لا يفترقان سوى للعمل حتى وفاته العام الماضي، متحولاً شيئاً فشيئاً لصورة الأب المحب والراعي لها، منادية إياه «بابا»، بينما كان يناديها «ابنتي»، كما تعدّى دعمه لها مجرد فكرة العمل، بل كان حريصاً على أن تبقى دائماً في أمان، حيث كانت تتفاجأ به في أوقات متأخرة من الليل طالباً منها العودة معه إلى المنزل ومنعها من إكمال سهرة في نادٍ ليلي، أو حفلٍ ما.

«فوغ»

تعتبر مجلة «فوغ» هي الأهم والأعرق في عالم الموضة، ويمكن اعتبار اختيار عارضة ما لغلاف هذه المجلة، إنجازاً كبيراً لصاحبته، وفي ديسمبر 1987 ظهرت كامبل على غلاف مجلة «فوغ» البريطانية، وكان يعتبر أول ظهور لعارضة ذات بشرة سوداء منذ عام 1966، كما ظهرت على غلاف مجلة «فوغ» الفرنسية عام 1988، وكان ذلك الظهور الأول لعارضة ذات بشرة سوداء في تاريخ المجلة، وهو الأمر الذي تحقق بعد تهديد مصمم الأزياء الفرنسي الصديق والمعلم إيف سان لوران، بأن يسحب إعلانه من المجلة إن استمر رفض المجلة وضع عارضات سوداوات البشرة على غلاف المجلة.

في العام التالي ظهرت السمراء الجميلة على غلاف عدد سبتمبر لـ«فوغ» الأميركية، وهو العدد الذي يعتبر في تقليد المجلة، «عروس» الأعداد للعام، كما أنه كان يعتبر العدد الأول الذي تقوده آنا وينتور، كرئيسة تحرير للمجلة.

مخدرات

كان من الطبيعي أن يكون هناك وجه آخر بشع لكل ذلك الجمال المحاصر بالأضواء، حيث عانت كامبل من إدمان الكوكايين منذ منتصف التسعينات، كما تسببت وفاة مجموعة قريبة من أصدقائها خلال عام واحد، في جعلها تسعى لمزيد من الخدر الذي بدأ في التأثير على انفعالاتها وقدرتها على ضبط النفس، لتبدأ أصابع الإدانة تنهال عليها متهمة إياها بحالات اعتداء بالضرب، والتي كان بعضها حقيقياً، الأمر الذي جعلها تخضع لجلسات «إدارة الغضب»، لم تأتِ بنتيجة مثالية.

الأكثر مشاركة