منطقة سويسرية اكتشفها الرهبان في عام 1242

«باد راغاز».. فخامة السياحة العلاجية

في مرحلة لاحقة استطاع المهندس المعماري السويسري، برنارد سايمون، الحصول على الملكية التامة لراغاز، وصار مخولاً لاستخدام مياه الينابيع الساخنة 100 سنة، لكنه كان مجبراً بموجب العقد على ببناء نُزل أخرى لاستيعاب الزوار، كما توجب عليه بناء حمام للعموم، وهذا الشرط فرض عليه لتكون فرصة الاستحمام في المياه الصحية متاحة أمام الجميع وليس فقط أمام الزوار الأغنياء.

هكذا كانت بداية قصة منتجع «باد راغاز» الراقين الذي أعيد ترميمه كاملاً بكلفة 100 مليون فرنك سويسري، وتم إعادة افتتاحه في صيف 2009. وتحول اليوم إلى إحدى الوجهات الصحية السياحة الراقية على نطاق عالمي.

ترفيه وعلاج

تشتهر سويسرا بأنواع مختلفة من السياحة، على رأسها السياحة العلاجية، وهذا النوع من السياحة يستقطب كثيراً من الزوار، خصوصاً مع انتشار أماكن الإقامات الصحية التي تجمع بين الترفية والعلاج، ولعل من أبرز هذه الأماكن ما يتضمنه «باد راغاز» الشهير الذي يجمع بين صفات الفنادق الراقية والمستشفيات الضخمة، فهو مقسم إلى ثلاثة مبان مختلفة من حيث الشكل والخدمات التي يقدمها. في عام 2009 تم افتتاح الجزء الأحدث من المكان، وهو عبارة عن مركز صحي على مساحة 5000 متر مربع، وتم حديثاً ضم مبنى جديد على شكل مستشفى متخصص بتأهيل المرضى بعد تعرضهم لأزمات صحية (أزمات قلبية، عمليات زرع أعضاء، عمليات تركيب أطراف صناعية).

راحة وتأهيل

تستقبل هذه الوجهة كثيراً من السياح المرضى من المنطقة العربية، وإن المرضى يأتون إلى المشروع للراحة في المقام الأول، ولاتباع برامج خاصة لإعادة تأهيلهم، وهناك برامج كثيرة أخرى للمحتاجين إلى إنقاص وزنهم، فيشرف فريق من الأخصائيين الغذائيين على كل زائر، ويتم وضع برنامج خاص، بما يشمل النظام الغذائي بالتنسيق مع مطابخ المطاعم المتوافرة والطهاة، كما يوجد على لوائح الطعام في جميع المطاعم المتوافرة ما يعرف باسم «المطبخ المتوازن»، الذي يبرز عدد السعرات الحرارية لكل طبق ونسبة الدهون فيه. كما يوفر المنتجع فرصة لمعظم أفراد العائلة المرافقة للمريض لإجراء الفحوص اللازمة والاستفادة من الإقامة في مكان راق مجهز بناد صحي ومركز رياضي وبرك سباحة تأتي إليها المياه الجوفية الساخنة، التي يتم خفض درجة حرارتها إلى نحو 30 درجة مئوية، مباشرة من الجبل، كما توجد رياضات عدة، وهناك فريق كامل من الأطباء الذين يسهر على راحة المريض أو الزائر.

أنشطة ورياضات

توجد في المنتجع 18 حفرة لرياضة الغولف، إضافة إلى ملعب جديد بتسع حفر، كما يقدم المنتجع برامج يومية فترة الصباح لممارسة الرياضة في الماء، من خلال دروس مع اختصاصيين يطلق عليها اسم «ووتر جيم»، كما يوجد مكان خاص لمزاولة رياضة البولينغ وصالة لألعاب كرة الطاولة والبلياردو للأصغر سناً.

ويؤمن المنتجع درّاجات هوائية من الممكن الحصول عليها بالمجان، لزيارة الغابة المجاورة المحاذية للنهر، كما يمكن التعرف إلى قرية باد راغاز الصغيرة التي تنتشر فيها البوتيكات التي تفتح في أوقات معينة من النهار. وتكون السباحة أهم ما يمكنك أن تقوم به في المنتجع، فتشعر بالاسترخاء في بركة سباحة داخلية في مياه ساخنة قرب مركز صحي ضخم. ولمحبي التزلج يمكنهم التوجه إلى أقرب منحدر وهو يبعد نحو 10 دقائق عن المنتجع، وفي حال لم تكن من محبي رياضة التزلج يكفي أن تتوجه إلى أعلى الجبل عبر مصعد كهربائي لتناول الغداء في المطعم الجبلي المطل على أجمل المناظر الطبيعية.

مركز صحي

توجد في المركز الصحي غرف سونا وبخار وغرف تدليك، ويقوم فريق كامل مختص بالعلاجات الضرورية، وقد يكون الأخصائي المعروف باسم (زاندي) كردي الأصل، من أهم المختصين على الإطلاق، فهو مختص بآلام الرقبة والظهر والتشنجات فيقوم بعلاج طبي بحسب ما يحتاجه المريض، كما يوجد في المركز جيم فيه جميع الأجهزة، وهناك نظام يخولك اتباع برنامج خاص بك طوال فترة إقامتك، وأهم ماكينة تجدها في المركز هي عبارة عن غرفة صغيرة تتسع لشخص واحد، يتعين عليك الجلوس فيها وتحمل ارتفاع الحرارة تدريجياً إلى أن تصل إلى 40 درجة مئوية، لترى العرق يتصبب من كل أجزاء الجسم، وهذه الماكينة طورها مصمم سويسري ألماني، وتعدّ برأيي من أهم الماكينات التي تساعد على خسارة الوزن لأنها فعالة جدا.

«راغازر» للتخسيس

هذا النظام هو أكثر ما يجعل من منتجع باد راغاز ملاذاً مهماً بالنسبة للسياح الذين يعانون الوزن الزائد، فمن خلال هذا البرنامج، الذي يمتد إلى ست ليال، يقوم فريق طبي بفحص المريض عند وصوله، وتقييم وزنه وحالته الصحية، وتقدم له النصائح اللازمة مع فحص معدل نسبة الدهون في الجسم، وخلال الإقامة يقوم فريق خاص في المطبخ بتحضير الأطعمة الخاصة به، التي تناسب حالة المريض وحجمه، ويتم إعطاؤه لترين من المياه الجوفية الساخنة الصالحة للشرب (لأنها أثبتت علمياً أنها تساعد على خسارة الوزن)، ويقوم مدرب رياضي بحصة يومية مدتها 50 دقيقة مع المريض، إضافة إلى ممارسة رياضات أخرى يوصي بها الأخصائي. (السعر 2833 يورو عدا سعر الإقامة).

إضافة إلى هذا البرنامج هناك برامج كثيرة أخرى مثل «راغازر ديتوكس» Ragazer Detox وNutrition and Training وهذا البرنامج يساعد على تحسين التمثيل الغذائي للمرء، من خلال الاستعانة بالمختبر. وللباحثين عن بشرة نضرة، يقدم المنتجع برامج خاصة لمكافحة التجاعيد والشيخوخة، ويطلق على البرنامج اسم Ragazer Anti - Aging، ويشار إلى أن المنتجع يضم أول بوتيك خاص بمستحضرات «لا بريري»

فبعد عملية إعادة تأهيل واسعة، تم افتتاح الفندق من جديد عام 2009 وكانت النتيجة «سبا» يمتد على مساحة 5500 متر مربع، ويضم تسع غرف راقية مخصصة للتدليك، يقدم فيها نخبة من الاختصاصيين أنواعاً لا تحصى ولا تعد من المساجات العالمية، بما فيها الهندية «الأيورفيدك»، وتنتشر في «السبا» أيضاً غرف السونا على الطريقة الفنلندية، وأخرى تعرف باسم «ساناريوم» تعتمد على نظام آخر للحرارة، وينفرد «السبا» في المنتجع بتقديم فرصة الاسترخاء في سرير صمم خصيصاً للمنتجع على شكل صفدة أو مركبة فضائية أطلق عليه اسم «ناب شيل»، وهو مخصص للاسترخاء وسماع الموسيقى الهادئة مع سقوفية تتغير فيها الألوان باستمرار. والمتعة الحقيقية تقتصر على الاستحمام في حمام السباحة، الذي تستعمل فيه مياه الينابيع الساخنة من دون إضافة أي مادة أو تعديل، وتوجد أيضاً بركة سباحة خارجية تفتح أمام الزوار في شهر مايو ولغاية انتهاء فصل الصيف، ومنها تشاهد أجمل المناظر المطلة على سفح جبال الألب الخلابة. وفي «السبا» أيضاً إضافة إلى بركة «هيلينا»، حمام بخار تزينه حجارة الشواروفسكي البراقة المقاومة للحرارة العالية، وفي وسط «السبا» تجد «سونا وورلد» وهو عبارة عن بركة مياه تم خفض حرارتها بشكل ملحوظ، وتتدلى من فوقها شلالات مياه على شكل أمطار موسمية تضفي على المكان سحراً إضافياً من الناحية الجمالية، أما من الناحية الصحية، فهذه الطريقة تعتمد في أشهر المراكز الصحية، وينصح بها بعد الجلوس في غرف السونا أو البخار مباشرة لأنها مفيدة لنضارة البشرة.

بدأت القصة في عام 1242 عندما كانت مجموعة من الرهبان الصيادين يتجولون في منطقة «باد راغاز»، التي تقع في أقصى شرق سويسرا، ولفت انتباههم الأدخنة والمياه الساخنة وأعمدة البخار المتصاعدة من بين الصخور، وما لبث أن انتشر خبرها في هذه المنطقة، وسرعان ما تحولت منذ ذلك الزمن إلى مقصد لأصحاب المراكز الرفيعة والثرية، حيث كانوا يجلسون على مقاعد مربوطة بالحبال، ويتم إنزالها إلى الينابيع المعدنية الساخنة.

في القرن الـ14 زاد الاهتمام بهذه المنطقة بعد اكتشاف القوة العلاجية لهذه المياه، لكنها ظلت حكراً على طبقة الأثرياء والنبلاء.

استمرت الحال حتى القرن الـ18، وبالتحديد في عام 1840، حيث تم سحب المياه وتوصيلها على مسافة أربعة كيلومترات إلى قرية «باد راقاز»، وأصبحت المنطقة تجتذب السياح الأثرياء والنبلاء، وتم بناء قصر كبير يستقبل زواره القادمين من مناطق بعيدة، وما لبث أن تحول القصر إلى فندق خمس نجوم أطلق عليه اليوم «غراند هوتيل هوف راغاز».

مدينة متكاملة

المنتجع أشبه بمدينة كاملة متكاملة، عند الإقامة فيه لن تشعر بالحاجة إلى مغادرته لقضاء حاجياتك، لأنه يضم كل ما تحتاج إليه من محال للتبضع ورياضات ومطاعم، فهو يضم العديد من المطاعم، نذكر منها مطعم «أبتيستيوب» المختص في تقديم المأكولات السويسرية التقليدية في أجواء ريفية جميلة، ومطعم «بيلير» الذي يقدم المأكولات العالمية ويخصص بعض الأمسيات للمأكولات اليابانية، التي يحضرها الطاهي الياباني تاداشي أوكي الحاصل على 15 نقطة «غولت ميلو» للتميز. ولمحبي المأكولات المتوسطية ننصحهم بالتوجه إلى مطعم «أوليف دور»، أما بالنسبة لمطعم «نانوم» فهو حاصل على 13 نقطة «غولت ميلو» ويقدم المأكولات الآسيوية بشتى أنواعها. وينتشر في الفندق العديد من المقاهي في أجواء راقية جداً وعلى الأنغام المنبعثة من البيانو التي تصدح في زوايا المكان.

وادي «تامينا وباد بفافيرس» القديم

وادي ضيق يخترقه فقط بضعة حزم من أشعة الشمس في وسط النهار، وهو عملاق تم تحويل عبوره إلى رحلة فنية شديدة التنوع. تم اكتشاف الكهف بالمصادفة في عام 1240، وهو يفضي أيضاً إلى عدد من البرك والمياه الساحنة العلاجية، لكن الأكثر إدهاشاً في الأمر هو العرض البصري المميز الذي يروي تاريخ المنطقة، إضافة إلى التشكيلات البصرية اللونية الساحرة، وتقوم حافلات مخصصة في نقل الركاب والسياح، حيث غير مسموح للسيارات الخاصة أن تسير على طريق هذا الكهف، نظراً إلى ضيقه ووقوعه على حافة منحدر شديد الخطورة.

تويتر