فنانات يقرّرن: سنرسم لكم «على قدّ المبلغ»

إذا كانت لوحات الفنانات النساء تباع بأسعار أقل من لوحات الفنانين الرجال، فهن سيرسمن على قدر ما سيتقاضين من أثمان للوحاتهن،.. ويتركن باقي اللوحة فارغاً !

هذا ما قرّره عدد من الفنانات بعد الكشف أن نسبة الفارق في أسعار اللوحات تصل الى 47.6 %، وهو ما كشفت عنه دراسة قامت بها جامعة «أكسفورد» بعد تحليل أسعار مليون ونصف مليون لوحة. الفارق الصادم تم تسليط الضوء عليه من خلال معرض يحمل عنوان «آرت غاب» ضمن «فنون العالم دبي»، وتشارك فيه 19 فنانة قمن برسم لوحاتهن مع ترك ما نسبته 47.6 % من مساحة اللوحة فارغاً وبدون أي لون. «الإمارات اليوم» استطلعت آراء مجموعة من الفنانات اللواتي عبرن عن صدمتهن بهذه النسبة، ورفضن تحديد السعر تبعا لعوامل لا ترتبط بالفن على رأسها «جنس الرسّام».

الفنانة اللبنانية كريستيل بشارة، قدمت عملا من ضمن مجموعة «الجمال في التنوع» ويحمل نصف وجه امرأة، وقالت عن هذه النسبة: «في كل مجالات العمل الرجال يُدفع لهم أكثر، وهذا ينطبق على الفن أيضا، ولكن في الفن يجب أن يتم تسعير اللوحة بناء على جماليتها وليس جنس من رسمها، ويصعب علي كفنانة تقبل هذا الفارق». وأكدت بشارة أنها لم تشعر بالظلم في أي وقت من الأوقات، وهي تقدر فنها وتضع السعر الذي ترى أنه مناسب لقيمته الفنية، موضحة أنها تشارك للمرة الثانية في «فنون العالم دبي»، نظرا لنجاح المعرض. ولفتت الى أنها ابتكرت شكلا خاصا في أعمالها يمزج بين الرسم التقليدي والديجتال آرت، وقد عبرت من خلال المجموعة عن النساء بشكل كبير، موضحة أنها تعمل كثيرا على إبراز قوة المرأة على جميع الأصعدة، ولاسيما الجانب الناجح في حياتها.

من جهتها الفنانة المصرية جيهان فوزي، والتي تمزج بين التجريدي والواقعية في اللوحات، لفتت إلى أنه لا يجب التمييز بين الفنان والفنانة، ولكن المشاهد هو الذي يسهم في زيادة الفجوة الكبيرة، لأن من يشتري لوحة الفنان يدفع السعر العالي، ولكنه حين يرى توقيع المرأة على اللوحة نجده يميل أكثر الى محاولة تخفيض السعر. وأشارت الى تنازل بعض الفنانات عن السعر العالي، وخضوعهن للمكاسرة، الأمر الذي يجعلهن يخسرن من قيمة العمل الفنية والمعنوية والمادية أيضا، موضحة أنه لا بد من تغيير هذه النظرة. واعتبرت فوزي ان الفرق بين أسعار اللوحات ليس حكرا على العالم العربي، بل ينطبق على العالم الغربي أيضا، ومثال على ذلك لوحات الفنانة فريدا التي لم تكن تباع، وبعد موتها باتت تباع بالملايين وفي المتاحف. وأشارت الى أن هذا الفارق والاختلاف لا يحبطها ولا يدفعها للتراجع في الرسم، ولكن الإضاءة على الموضوع هي درس للناس.

من خلال لوحة «مواجهتها» قررت الفنانة المصرية رباب طنطاوي التحدث عن مواجهة النساء لقلة العدالة، فرسمت وجوها نسائية تبرز الاختلافات الكثيرة مع الكتابات غير المقروءة، لتبرز ما يدور في مخيلة السيدات. واعتبرت طنطاوي أن الاختلاف في الأسعار كان صادما بالنسبة اليها، مشيرة الى أن حياة الفنان صعبة، وهذا الفارق يجعلها أكثر صعوبة، فهو رقم محبط كثيرا خصوصا أن الفن ابداع وإحساس. ورأت أن الإضاءة على الرقم من خلال قوله فقط، لن يلفت انتباه الناس، ولكن ترك نصف اللوحة غير مكتمل، سيلفت نظر الحضور الى وجود هذا الاختلاف الكبير، فالمرأة تعاني من الكثير من الأعباء في الحياة سواء عمليا أو اجتماعيا أو من خلال المظهر، وهي بحاجة للدعم في كل شيء.

من جهتها الفنانة سنا موتشنت، شاركت من خلال لوحة تحمل بصمتها في الألوان التجريدية، مع الألوان التي تعكس طبيعة المرأة. ونوهت بأنها حين شاركت في لوحة غير مكتملة، فكرت كثيرا في تقليص الحروفيات التي تجعل اللوحة أكثر جمالا، فقللت من العناصر الأساسية في العمل، لتضيء على هذه القضية. ورأت أنها كفنانة سعيدة بهذا المعرض الذي من شأنه أن يطرح علامة استفهام كبيرة، ومن شأنه أن يزيد الوعي الكبير لدى الجمهور حول هذه المسألة التي لم تطرح.

أما الفنانة اللبنانية ميراي سلطي، فلفتت الى انها عبرت من خلال أسلوبها الذي تعمل فيه على التجريد وبشكل عفوي، على تقديم نصف اللوحة تعبيرا عن رفض هذا الاختلاف، مشيرة الى أنها لم تتوقع هذا الفارق على الاطلاق، فالرقم أحزنها وجعلها تفكر كثيرا كيف يمكن أن تحمي ابنتها من مواجهة هذا الاختلاف مستقبلا. سلطي وصفت الفارق بأنه مخيب للآمال، ولكنه على العكس يجعل الفنانات أقوى، لأن من حقها الدفاع عن قيمة العمل المادية، فالعمل عبارة عن ساعات من العمل، وموهبة، والكثير من التفاصيل التي لا ترتبط بجنس الفنان، موضحة أن هذا الامر ليس محصورا بالفن، فهو شائع في كل المجالات وهذا يعود الى تاريخ طويل، حيث أن كل المشاهير في مجالات عدة كانوا رجالا، ويلزمنا المزيد من الوقت لتقليص الفارق.

19

فنانة تشارك في «آرت غاب» المقام ضمن فعاليات المعرض.

تقليص الفارق

القيمة على المعرض بتول جعفري، قالت لـ«الإمارات اليوم»: ان «هذا المعرض يجعل الفارق في السعر جليا أمام الجمهور من خلال الأعمال الفنية، لأنه بالنظر الى لوحة غير مكتملة سيتوقف الحضور عندها وهذا سيدعم النساء أكثر في محاولة تقليص هذا الفارق». ولفتت جعفري الى أن الجناح لفت انتباه الحضور كثيرا، وقد اثارت الفكرة فضول الموجودين كما أن خمسة أعمال قد بيعت في اليوم الأول من المعرض الذي يختتم اليوم.

الأكثر مشاركة