تحلم بأن يصبح الغناء الأوبرالي فناً للجميع.. وليس للنخبة

زينة برهوم.. سوبرانو عربية تعِدُ الجمهور بمفاجآت في دبي

صورة

تعد السوبرانو الأردنية، زينة برهوم، من القليلات في الوطن العربي اللواتي يغنين الأداء الفردي، ضمن المدرسة الأوبرالية التي لا تحظى بما تستحقه من شعبية في المنطقة، كما ترى زينة التي من المقرر أن تقدم عرض أداء لمدة 25 دقيقة على مسرح سينما روكسي في دبي غداً، واعدة الجمهور في الإمارات الذي يحب هذا النوع من الفنون بمفاجآت عدة، من ضمنها أداء أوبرالي باللغة العربية.

وأكدت زينة، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، أنها تحاول عصرنة الأوبرا لجذب الجيل الجديد من الجمهور، وتذكيره بالموسيقى ذات العراقة والتاريخ، وعلى رأسها الغناء الأوبرالي الجميل الذي تحلم زينة بأن يكون فناً يتذوقه الجميع، وليس مجرد النخبة.

عن البدايات

حكاية زينة برهوم مع ذلك الفن الراقي بدأت مبكراً، كما تروي: «ملاحظة عائلتي ميلي نحو الموسيقى الكلاسيكية، وصوتي الجهوري، جعلاهم ينمون موهبتي إلى أن أصبحت على ما أنا عليه اليوم»، مشيرة إلى أن اختيارها هذا النوع من الفنون بدأ معها وهي صغيرة جداً «طبعاً لم أكن أعرف أنني سأغني في المستقبل بالأوبرا؛ لكن بالمنزل كنا دائماً نسمع موسيقى كلاسيكية وأوبرا، ونحضر عروض الباليه وأفلاماً قديمة؛ وهكذا».

وتابعت: «كانت أمي تحب الباليه الكلاسيكي، ودائماً كانت تشغل مقطوعات شتراوس وفيفالدي ومؤلفي الموسيقى الكلاسيكية بشكل عام، والتعرّض لذلك كله غالباً هو ما حببني في الموسيقى منذ صغري، وعندما كنت في الـ12 من عمري انضممت لكورال المدرسة، حينها كنت في الصف السابع، ومدرس الموسيقى هو من لاحظ موهبتي، وأخبر أهلي بأن لدي إمكانية أن أكون مطربة أوبرا في المستقبل؛ لأنني أملك طبقات صوت واسعة؛ ما يساعد على أداء الغناء الكلاسيكي في المستقبل».

بعدها عزّزت برهوم موهبتها، إذ حصلت على دروس بيانو وعزف على آلة الكمان، وتعلمت العزف قليلاً على الغيتار، ونما حبها للموسيقى من خلال ذلك؛ أما بالنسبة للأوبرا بشكل خاص فعلاقتها معها جاءت لاحقاً، لأنها بدأت الدراسة بتركيز، وتحديداً على الغناء الكلاسيكي.

تحدي السائد

وعن ثقافة الاستماع إلى هذا النوع من الفنون الأوبرالية شبه الغائبة في الوطن العربي، قالت زينة برهوم «هو تحدٍّ بالفعل؛ لأنه يعتبر نوعاً من الموسيقى غير موجود في العالم العربي، والناس غير معتادة الاستماع له، لكن أعتقد أن معرفتهم به تزداد سنة بعد سنة، إذ يوجد فنانو أوبرا اشتهروا في العالم العربي مثل بافاروتي، وأندريا بوتشيلي الذي غنى موسيقى بوب وأوبرا، ومزج بين النوعين لتقريب موسيقى الأوبرا والكلاسيكية بشكل خاص للعالم، ونجح في ذلك في أنحاء العالم، وفي العالم العربي أيضاً، وهذان الاسمان بشكل خاص معروفان أكثر لدينا، لأنهما أكثر من عمل على تقديم هذا النوع من الفنون للعالم».

وحول عصر السوشال ميديا، وجنوح الغالبية إلى سماع الموسيقى السريعة، ومكانة السوبرانو وسط هذه المعادلة، قالت برهوم: «بالفعل؛ وتيرة الحياة أصبحت سريعة جداً، والموسيقى بطبيعة الحال صارت أيضاً كذلك، سواء كانت موسيقى شعبية أو نوعيات أخرى، إذ تراجع بشكل كبير الاستماع للأغاني الطربية والقديمة، أو ما يمكن تسميتها الكلاسيكية، أما فن الأوبرا فأعتقد أنه يدخل في خانة الموسيقى الكلاسيكية بشكل عام».

طبقات

وتطرّقت زينة برهوم بشكل أكثر قرباً إلى فن الأوبرا، مسلطة الضوء على طبقات الصوت في السوبرانو، والتي تختلف بين الرجل والمرأة «هناك تصنيفات مختلفة؛ لأن الطبقات من الممكن أن تبدأ من نوتة معينة على السلم الموسيقى وتنتهي عند أخرى، وبناء على هذا يتم تصنيف الصوت».

وقالت «الأوبرا تاريخياً هي تكنيك غنائي، بُني على أساس عدم وجود مكبرات للصوت، فتدريب وتكنيك الغناء كله مبني على أنه لا يوجد أي نوع من مكبرات الصوت، ولابد للصوت أن يكون بالحجم المناسب ليسمعه الجمهور صغيراً أو كبيراً، لأن المسارح مختلفة الأحجام، منها كبيرة مازالت موجودة ونراها عند السفر لدور أوبرا مختلفة في أوروبا، وأيضاً في العالم العربي توجد مسارح تتسع لأعداد كبيرة، وتم بناؤها على أن يُسمع الصوت دون أي مكبرات صوتية».

اللغة العربية في الأوبرا

وحول دمج اللغة العربية في غناء الأوبرا، أكدت برهوم أن «الدمج بشكل عام ليس سهلاً، لأن المشكلة في المقطوعات التي تحتوي على دمج توصف بأنها تجريبية، ومعظم الأحيان الموسيقى التجريبية ليست لها استمرارية على المدى الطويل لأنها تجربة يمكننا سماعها مرة واحدة ونتقبلها، لكن لا نحب سماعها مرة أخرى».

وقالت إن الدمج ينبغي أن يتم بطريقة مدروسة وصحيحة «وإذا تمت ترجمة مقطوعة للغة ثانية، مثلاً كاللغة العربية، تجب دراسة الأمر بطريقة تسمح للترجمة بأن تكون مطابقة للوزن الموسيقي؛ لأنه عندما كُتبت المقطوعة باللغة الأصلية كان كل شيء موزوناً، لكن عند ترجمتها للغة جديدة فهناك صعوبة بعض الشيء، لكن إذا دُرس الأمر جيداً يمكن أن يُكتب له النجاح، لاسيما إذا تم الحفاظ على الموسيقى دون تغيير كبير فيها مع دمج ذكي للآلات الأخرى».

عصرنة

تسعى السوبرانو زينة برهوم إلى «عصرنة» الأوبرا، لاجتذاب الجمهور إليها، موضحة «نحاول دائماً تحبيب الناس أكثر في الأوبرا، وتذكيرهم بالموسيقى ذات العراقة والتاريخ الكبير، ودائماً نقدمها بشكل جديد إذا استطعنا؛ وهو ما يحدث فعلياً في عالم الأوبرا، فهناك مزج بين الموسيقى الشعبية والكلاسيكية في حفلات موسيقية، وأيضاً إنتاج أوبرا بشكل عصري أو ديكور مختلف، المهم المحاولة قدر المستطاع تجديد الإنتاج نفسه، بطريقة تحبب الناس في الأوبرا حتى يقبلوا عليها أكثر، ويستمعوا للموسيقى بشكل أكبر».

واستطردت «مثلاً في النسخة الأولى من مهرجان عمان الأوبرالي، قدمنا أوبرا لا ترفياتا دون تغيير شيء من ناحية الديكور أو استخدام طريقة إنتاج مختلفة أو حديثة؛ بالعكس قدمناها بطريقة كلاسيكية، وحتى الملابس كانت من عصر كلاسيكي، والمكان الذي عرضت فيه الأوبرا كان المسرح الروماني التاريخي بوسط البلد، ومع ذلك جذبنا جمهوراً من مختلف الأعمار»، مؤكدة أن العرض نجح في جذب «الجيل الصغير الذي يوجد كثير منه في المهرجان، وهو أمر عادة لا يحدث في دور الأوبرا العالمية، وبعد انتهاء الأوبرا جاء الكثير من الأهالي للتعبير عن سعادتهم هم وأولادهم، وسألوا متى ستعاد مرة أخرى؛ لأنهم يرغبون في رؤيتها مجدداً، فالحمد لله نجحنا في جذب الجيل الجديد؛ وما نريد فعله في المستقبل ألا يقتصر هذا النوع من الفن على الجمهور الكبير في العمر فقط، أو يتحول لفن نخبوي، بالعكس هو فن للجميع ولكل الأعمار».


تدريبات يومية

عن التدريبات التي تؤديها السوبرانو الأردنية زينة برهوم، قالت إنه «توجد تدريبات يومية يجب عليّ القيام بها لصوتي، وهي مهمة جداً لأنها تجعل الأحبال الموسيقية مرنة دائماً، لأن الأحبال مثل العضلات يجب تدريبها باستمرار حتى تكون لائقة وجاهزة لأي أداء مطلوب منها».

وأكملت «إلى جانب التدريبات الصوتية أمارس التأمل، بينما الأكل يكون على فترات، حتى تكون أعصابي هادئة على المسرح. أيضاً يفضل عدم التحدث كثيراً لمدة يومين على الأقل قبل الصعود إلى المسرح، وشرب الماء بكثرة حتى لا أشعر بالعطش، لاسيما إذا كان الأداء لفترة طويلة، كما يجب الحصول على الراحة والنوم بشكل كافٍ، لامتلاك الطاقة الكافية، لأن التعب يؤثر في الصوت ويضعف الأداء، وأيضاً الأكل الذي أتناوله يجب أن يكون مناسباً لي، وتجنب الأطعمة التي تتسبب في شعوري بالضيق أو الانتفاخ، أو تضايق معدتي أو تنفسي، حتى أكون مرتاحة في الغناء».

25

دقيقة ستؤديها زينة برهوم على مسرح سينما روكسي بدبي غداً.

«نحاول تحبيب الناس أكثر في الأوبرا، وتذكيرهم بالموسيقى ذات العراقة، وتقديمها بشكل جديد إذا استطعنا».

«مقطوعات شتراوس وفيفالدي ومؤلفي الموسيقى الكلاسيكية، حببت إليَّ الموسيقى منذ صغري».

تويتر