قدَّم «هوت كوتور» باريسياً بروح برشلونية

إيلي صعب.. شغف راقصات الفـلامنغو وقوة الماتادور الإسباني

صورة

قد تتغير العناصر الملهمة لكل مجموعة: الألوان، طرق التزيين، الفكرة والروح، إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يساوم عليه مصمم الأزياء اللبناني العالمي إيلي صعب، هو الأنوثة الطاغية لكل قطعة تخرج في شكلها النهائي إلى منصة العرض، مقدماً في أسبوع باريس للموضة لخريف وشتاء 2018/‏‏‏2019 لملابس السهرة الراقية (هوت كوتور)، تشكيلة مستوحاة من مدينة برشلونة كلاسيكية الغواية.

سيد الرومانسية إيلي صعب لم يخذل محبي تصاميمه هذا الموسم، بخاماته الغنية الراقية، والتفاصيل الشديدة الدقة، التي غالباً يثبت من خلالها ما تعنيه كلمة «هوت كوتور»، تنوعت فيها التصاميم بين الفساتين، وقطع «الجمبسوت»، والسترات، والمعاطف الحريرية المشغولة، معتمداً نزعة تحمل ما يكفي من القوة والعملية، جامعاً إياها مع قطع أخرى ناعمة ورومانسية، مركزاً كعادته على إظهار أجمل تفاصيل جسد المرأة وانحناءاته المحيّرة.

عند الحديث عن إسبانيا، وبرشلونة تحديداً، لا يمكن تجاهل الفنان والمهندس المبتكر الكاتالوني أنطونيو غاودي، في بدايات القرن الماضي، الذي تتمحور معظم مناطق مدينته حول أعماله، ومبانيه، التي رسمت الشكل المعاصر للمكان، وهو الذي يعرف بأعماله التي تبتعد عن الخطوط القوية الواضحة، معتمداً دائماً الانحناءات والأفكار الهندسية الملتوية، بكثير من القوة الناعمة، التي قد تذكر المرء أيضاً براقصات الفلامنغو الإسبانيات الجميلات، وانحناءات أجسادهن الغضة، في مقابل قوة الرقص وشدة المشاعر اللاتي يعرضنها في الوقت ذاته، وهو ما يمكن ملاحظته أيضاً في المجموعة التي جمعت بين القطع القوية الواثقة، والخطوط الناعمة بانحناءاتها التي ترسم تضاريس العارضات، أو قسوة الـ«ماتادور» وشموخ وقفاته.

اعتمد المصمم القائمة المسائية المعروفة من الخامات، التي غالباً تُعتمد لفساتين السهرة، بأكثر نسخها جودة وغنى، مثل البروكار الغني، والحرير، ما أعطى إيحاء ملكياً للتصاميم، بالإضافة إلى التول، والشيفون الحريري، والأورغانزا الحريرية، والكريب الحريري أيضاً، وخامات الترتر اللماع، وهي الخامات التي تداخلت إلى جانب بعضها بعضاً بذكاء أعطى كل تصميم عمقاً في التفاصيل، حيث مزج المصمم بين فساتين من الترتر الكامل ذات الفتحات الطويلة، أسفل عباءات حريرية سوداء، إضافة إلى السترات والمعاطف التي ترافقت بأناقة والفساتين، واتخذت ذات الطول.

لم تفتقر المجموعة إلى فساتين السجادة الحمراء، التي غالباً يبدع صعب في ابتكارها، بقصاتها ذات التموجات والكسرات المنسابة فوق أجزاء ضيقة معززة لانحناءات الجسد، ليعيد المصمم إلى المنصة صورة المرأة الكلاسيكية الفاتنة، بفساتين ذات جودة عالية التنفيذ، تبدو كما لو كانت قد فصلت على أجساد العارضات، أو كما لو كانت قد خرجت من شاشات أفلام الخمسينات، تتهادى بها أيقونات جمال هوليوود، من أمثال غريس كيلي، ناتالي وود، وإليزابيث تايلور، مقدماً في هذا الموسم قطعاً لا يمكن وصفها سوى بالفن القابل للارتداء.

صعب قدم، أيضاً، مجموعة متنوعة من السترات المختلفة القصات والأطوال فوق فساتين السهرة، سواء تلك التي بدت أقرب للمعاطف الحريرية الطويلة، أو تلك المشابهة لسترات الـ«ماتادور» أو مصارعي الثيران، لكن بنسخة واسعة وكبيرة القياس، بالإضافة إلى اعتماد لمسات أخرى إسبانية الإيحاء مثل فكرة تزيين السترات بالكرات الصغيرة على طول الحواف.

اعتمد المصمم، أيضاً، فكرة الأكتاف الكبيرة، سواء من خلال السترات التي سبق ذكرها، أو تموجات الخامات المكونة للأكمام، أو تلك العقد، وتجمعات القماش المكونة لورود كبيرة بارزة في منطقة الكتف والصدر، أو طبقات الحرير المنسدلة من كتف واحد، ما أعطى الفساتين لمسة دراماتيكية، خصوصاً مع اعتماد ألوان الحرير السادة، في هذه القطع، والبعيدة عن الخامات اللماعة المبهرجة، بينما مالت تلك المعتمدة على الترتر بالكامل، واللافتة بألوانها على القصات الناعمة المنسدلة البعيدة عن العناصر البارزة في حجمها.

ألوان هادئة

مالت الألوان التي اعتمدها المصمم، في معظمها، إلى نسختها السادة الهادئة الألوان، من البيج، والوردي المقارب للون البشرة، إضافة إلى الليلكي المغبر، كما اعتمد أيضاً على الخامات السادة المتدرجة حتى اختفاء اللون، وهي الفكرة التي برزت في القطع ذات الألوان الداكنة القوية، مثل اللون الأخضر الزمردي، واللون الأحمر الياقوتي، إضافة إلى البنفسجي الملكي، كما قدم المصمم، أيضاً، مجموعة من الألوان المتداخلة مثل البيج مع الأسود، إضافة إلى الأسود الذي تزين بضربات فخمة ومبتكرة من الألوان، ولمسات قليلة من اللمعة التي أبرزت هذه الخامة الفاخرة، التي لا يمكن أن تحتمل لزحامها أكثر من القصات السادة الناعمة، مثل فستان طويل ذي تنورة منتفخة ومنسدلة، وجذع ذي أكتاف عارية، إضافة إلى تصميم آخر للقماش نفسه، تميز بقصته القصيرة الضيقة، أسفل سترة واسعة من الطول والخامة نفسيهما.

تويتر