فاز بالجائزة الكبرى لـ «حمدان بن محمد الدولية للتصوير»

محمد الراغب: عدستي ترصد الأمـل وسط الدمار في سورية

صورة

لم يتمكن من الوجود في أهم موقع يمكن أن يأمل حضوره مصوِّر، وهو منصة التتويج بالجائزة الكبرى لجائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير، بسبب الظروف في بلاده، لكن هذا لم يمنع انخراط حضور الحفل الختامي في موجة تصفيق، تحية لعدسة السوري، محمد الراغب، وجسارته لأجل التقاط الصورة الفائزة.

- الفوز بمثابة مكافأة رائعة ومدعاة لفخر حقيقي.

- الأعمال المتوّجة بالجائزة رائعة ومميزة هذا الموسم.

- المشهد الذي وثقته الصورة الفائزة أعجز عن وصفه بالكلمات.

- الصورة هي السلاح الرائج في العالم الحديث.


أحلم بتصوير معالم دبي

قال المصور السوري محمد الراغب: «لقد تمنيت السفر إلى الإمارات لحضور حفل التتويج بالجائزة، وكنت أعتزم بعده التقاط صور لدبي، خصوصاً برج خليفة وبرج العرب، بالإضافة لزيارة مسجد الشيخ زايد بأبوظبي وقصر الإمارات».

وبخصوص البورتريه، والشخصيات الإماراتية التي يطمح أن يصورها، أضاف: «أطمح أن يكون لي شرف التقاط صور بورتريه لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وكذلك الدكتورة مريم مطر، والمخرج علي فيصل مصطفى، وسيدة الأعمال فاطمة الجابر».

«الإمارات اليوم» تواصلت مع الراغب، المقيم في حلب، لترصد تفاصيل التقاطه للصورة التي أبهرت نقاداً وأعضاء في لجنة التحكيم، منحوا التقييم الأعلى لصورة الراغب من بين آلاف اللقطات المتنافسة لمحترفين وهواة، وكذلك مشاعره بهذا الإنجاز.

وأكد الراغب أنه بعد اقتناصه لجائزة دورة «اللحظة» في جائزة حمدان بن محمد للتصوير، سيبحث عن «الأمل» بعدسته في دمشق وحلب وكل ربوع سورية، من أجل المشاركة في الدورة المقبلة، التي تتخذ منه ثيمة رئيسة لها، معتبراً إياه صناعة يومية تُقام على أنقاض الدمار، رغم استمرار الحرب.

وهنا نص الحوار مع المصور السوري..

حكاية صورة

■ تصوير تداعيات تفجير إرهابي، كنت أنت أحد الموجودين في محيطه، أمر ذو مخاطر كبرى.. هل يمكن أن تضعنا في أجواء مشهد صورتك الفائزة بالجائزة؟

■■وقع التفجير في حي الراشدين غرب مدينة حلب، كان مشهداً مروعاً جداً، حيث استهدفت سيارة محملة بمواد متفجرة تجمعات تبادل أهالي قريتَي كفريا والفوعة، في ظل وجود مجموعة من الإعلاميين لتغطية الحدث، في هذه الأثناء وبين هذه الجموع انفجرت السيارة، وتسبّبت في مقتل المئات من الأهالي، واثنين من الإعلاميين، والحمد لله كنتُ من الناجين رغم إصابتي ببعض الجروح أثناء وقوعي على الأرض جرّاء ضغط الانفجار. كان مشهداً أعجز عن وصفه بالكلمات، لذلك كانت عدستي هي الخيار الأفضل لتوثيقه، ونقل جانب من تفاصيله بحيادية.

■ ما ردك على من يقولون إن البطل الحقيقي أمام الكاميرا وليس خلفها؟

■■يوجد في هذا الحدث أبطال ورجال كُثُر أنقذوا المصابين، لكن الشاب الذي التقطت صورته خلال إنقاذه طفلاً، وجد نفسه فجأة بين نيران التفجير، هو من أصبح البطل الحقيقي بنظر البعض، فجميع من كانوا حاضرين في تلك اللحظات كانوا أبطالاً حقيقيين، وبعد ثوانٍ من التفكير أخذت على عاتقي نقل الصورة الحقيقية من مكان الحدث، لتلافي حدوث تزوير أو تضليل إعلامي، كما يحدث في كثير من الأحيان.

■ الطفل المُصاب في الصورة تم إنقاذه ولمّ شمله بأهله، ماذا يعني لك هذا الأمر؟

■■علمتُ من صديقي، عبدالقادر حبق، الذي ناب عني بالحضور في حفل توزيع الجوائز، أن الطفل قد عوُلج في تركيا ثم عاد إلى سورية عن طريق تبادل جرى بإشراف «الهلال الأحمر»، وأرى ذلك أمراً رائعاً، فإنقاذ طفل يعني لي الكثير.

■ البعض يرى أن مشاركتك في إنقاذ الطفل الضحية، كانت أولى من الركون إلى التصوير، في تلك اللقطة.. ما رأيك؟

■■لم يكن بإمكاني مساعدة زملائي في إسعاف الجرحى بسبب معاناتي من آثار إصابة قنّاص قديمة، إذ تمنعني تلك الإصابة دائماً من الركض بالسرعة المطلوبة في مثل هذه الحالات، وبعد تيقني من أن الجميع يعملون بكل همة من أجل إنقاذ الضحايا، أخذت على عاتقي نقل الصورة الحقيقية من أرض الحدث لتلافي التضليل.

■ لو أعيد أمامك هذا المشهد، مرة أخرى، ماذا ستفعل؟

■■سأفعل ما فعلته أول مرة.

فرحة عن بعد

■ ما الأسباب التي منعتك من حضور التتويج؟ وهل تابعت الحفل؟ وكيف كان انطباع عائلتك وأصدقائك؟

■■لم أستطع السفر والخروج من سورية بسبب تأخر وصول موافقة عبور «ترانزيت» إلى تركيا، لكنني تابعت البث المباشر للحفل على حسابات الجائزة بصعوبة كبيرة بسبب ضعف قوة الإنترنت في سورية، وبعد إعلان فوزي بثوانٍ انهالت عليّ التهاني من أهلي وأقاربي وأصدقائي، كان شعوراً لا يوصف أن تفوز صورتي بالجائزة الكبرى.

■ إلى أي مدى تؤمن بأن الصورة «سلاح»؟ وماذا عن علاقتها بسواها من «الأسلحة» الأخرى؟

■■بكل تأكيد الصورة هي السلاح الرائج في العالم الحديث، ويتحمّل ناقلها المسؤولية عن صدق المعلومات وتحرير الخبر الحقيقي معها، وهكذا يتكامل سلاحا الصورة والكلمة، في سبيل نقل الحقيقية، كما هي، ومن دون تحريف مُغرض.

الأعمال المتوّجة

■ كيف تقرأ فنياً الأعمال الفائزة في الدورة السابعة لجائزة حمدان بن محمد للتصوير بشكل عام؟ وما العمل الذي يجذبك بشكل أكبر من سواه كمصور؟

■■الأعمال المتوّجة بالفعل رائعة ومميزة بشكل أكبر هذا الموسم، وتتجاوز حتى حدود استيفاء المعايير الفنية، لتنفتح على جماليات الشكل والمضمون، بتقنيات ورؤى متباينة، وأكثر ما لفت نظري إضافة تقنية «التصوير المتتابع» أو «التايم لابس»، في حين جاءت الصورة الفائزة بالمرتبة الأولى في محور اللحظة من بنغلاديش للنساء والأطفال المهجّرين قسراً، مبهرة، ووضعتنا في سياق مؤثر جداً.

■ هل تشعر بأن الفوز مكافأة لك.. أم عبء يحمّلك مزيداً من المسؤولية؟

■■الفوز، قطعاً، في هذا السياق التنافسي العالمي، بمثابة مكافأة رائعة، ومدعاة لفخر حقيقي، سأعمل بكل تأكيد على تأكيد استحقاقي له.

■ كفائز بالجائزة الكبرى، ما الذي تشعر بأنك قادر على فعله في المستقبل؟

■■كل الخيارات قد تبدو متاحة، لكن كثيراً من الطرق لا يكون كذلك بالضرورة، لذا ما أعد به في هذا السياق هو أنني سأسعى جاهداً لتطوير مهاراتي في مجال التصوير من دون توقف، من أجل الوصول إلى الاحتراف الحقيقي.

ثيمة محفزة

■ هل ستشارك في الدورة المقبلة للجائزة؟ وما رأيك في اختيار موضوع الأمل؟

■■نعم، بالتأكيد، ستكون المشاركة بالمسابقة بمثابة تجربة مثيرة مجدداً، بالنسبة لي، وفي تصوري أن الثيمة الجديدة للمسابقة محفزة للغاية.

■ تعتقد أن ثمة موطناً أو مساحة لهذا الموضوع (الأمل)، لاتزال موجودة؟ وهل الصورة قادرة على التقاطه، سواء في سورية أو أي مكان مشابه؟

■■أعتقد أنه رغم حضور القتل والدمار، فإن الأمل وإعادة الإعمار أيضاً حاضران بقوة، وربما يومياً، في كل أنحاء العالم، وفي سورية خصوصاً. وفي تقديري أن صور الصمود وصناعة الأمل على جسور وأنقاض الدمار في سورية لاتزال أوسع من أن تُحصى.

■ فنياً، هل درست فنون التصوير بشكل أكاديمي، أم أن الهواية هي ما تربط بينك وبين عالم التصوير؟

■■خضعت لدورة في مجال التصوير لتعليم مبادئ ذلك الفن، وعملت جاهداً على تنمية هوايتي وممارستها يومياً، لاسيما أنها أصبحت مهنة ملحّة في سورية بسبب قلة أعداد المصورين المؤهلين.

■ ما الأعمال الأخرى التي تمارسها إلى جانب التصوير؟ وما عملك الرسمي؟ ولو لم تكن مصوراً.. أي المجالات تعتقد كان سيجذبك؟

■■عملتُ آخر خمس سنوات مراسلاً متعاوناً مع العديد من الوكالات الإعلامية المحلية في سورية، وأعتقد أن أكثر الأعمال التي كانت ستجتذبني، بخلاف التصوير، علوم التكنولوجيا، لاسيما المرتبط منها بالمعلوماتية.

■ بعد فوزك بالجائزة الكبرى، ما النصيحة التي توجهها لمصورين محترفين وهواة يلتقطون صوراً قد لا يعلمون أنها ستصبح ملهمة للآلاف، وربما الملايين، كما هي الحال في تجربتك؟

■■ما أؤمن به أن السر في النجاح هو التوكّل على الله والإيمان به، وإدراك حجم المسؤولية وعظمتها في نقل الصورة، كما هي من دون تحريف أو تزوير، وأن يكون المصور مدافعاً حقيقياً عن القضايا الإنسانية العادلة، بحيث يكون نتاجه سلاحاً ناجعاً بوجه الظلم، لا العكس.

ذاكرة «رمضان»

■ صِفْ لنا تجربتك مع الصورة في رمضان، هل تلعب الصورة دور الموثّق للهوية الرمضانية؟ هل للشهر الكريم ذاكرة بصرية خاصة في تقديرك؟

■■الصورة فعلاً توثّق الهوية البصرية في رمضان، ويبدأ تأثيرها قبل بداية الشهر الكريم، فالتحضيرات البهيجة المتنوّعة في الأيام الأخيرة من شهر شعبان تجذب الصورة وتأسر العواطف، وتستدعي مشاعر إيمانية غامرة لدى المسلمين. الطقوس الرمضانية في البيت والشارع والمسجد، هي مساحات تنافسية للذاكرة البصرية الخاصة بهذا الشهر، وخلال عملي الإعلامي في سورية، كنت أهتم كثيراً بالتقاط مظاهر الفرح في بدايات الشهر الكريم، حيث الأطفال يستقبلون الشهر بحب، ويعبّرون عنه بعفوية رائعة تنتج عنها عشرات الأعمال البصرية المميزة.

والشارع في سورية يكتسي بحلّة رمضانية مميزة، وتتغيّر به كل التفاصيل المعتادة في الأشهر الأخرى، السوس والتمر الهندي وقمر الدين، وغيرها من المشروبات الرمضانية، بجانب الحلويات التقليدية، مرح ولعب الأطفال، في الشوارع المزدحمة، بفوانيس رمضان، لوحات الغروب، ولحظة الإفطار، وصلاة المغرب، واكتظاظ المساجد بالمصلين، كلها لقطات تنقل للمشاهد روعة هذا الشهر الكريم وخصوصيته في كل تفاصيله.

تويتر