يقصدها الزوار للاستمتاع بمنظرها وبرودة مائها

عين الدلبة.. إرث فلسطيني ومتنفس وحيد لأهالي الخليل

صورة

في منتصف الطريق بين مدينتي الخليل جنوب الضفة الغربية في فلسطين، وبئر السبع الصحراوية المحتلة، توجد عين مازالت تنبض حيوية، وينبع منها الماء العذب، ومن حولها تمتد مساحات شاسعة من الحقول الخضراء الغناء، اسمها عين الدلبة.

حنتش: الاحتلال يحاول قطع الزوار

قال عبدالهادي حنتش لـ«الإمارات اليوم»، إن «جنود الجيش الإسرائيلي يعززون من وجودهم قرب عين الدلبة، فينتشرون في الحقول الزراعية، وعلى مدخل مخيم الفوار، لإرباك المواطنين، وإدخال الرعب عليهم، ومنعهم من التوجه إليها».

وأضاف «يطلق الجنود قنابل الغاز المسيل للدموع صوب مخيم الفوار، بهدف استفزاز الفلسطينيين، ونشر أخبار فيما بينهم عن تعامل الجنود بعنف، واعتدائهم بالضرب على من يحاول الوصول للعين، حتى تنقطع أرجل الزوار عنها».

تلك العين شكلتها الظروف الطبيعية على مر التاريخ، إذ تعد إرثاً حضارياً في مدينة الخليل، يقصدها كثيرون من المدينة، وأهالي المدن الأخرى كبئر السبع والنقب للاستجمام في العين، والحصول على مياهها النقية، وقضاء أوقات ترفيهية، لاسيما في المناسبات، إذ باتت هذه الصور تقليداً في مناطق الخليل، خصوصاً جنوبها في مخيم الفوار ومدينة دورا التي تقع عين المياه على أراضيها؛ إذ لا يوجد في تلك المناطق متنفس بحري، بفعل بعدها عن الساحل الفلسطيني، إضافة إلى إجراءات الجيش الإسرائيلي التي تمنع تنقل الفلسطينيين إلى المدن الساحلية، وانتشار المستوطنات والشوارع الاستيطانية التي تحد من تنقل الأهالي.

استجمام

في حر الصيف يحاول المواطن محمد الكومي، من مخيم الفوار جنوب الخليل، البحث عن مكان ترفيهي لتناول وجبة بين جنبات الطبيعة، والتنزه بعد قضاء نهار حار وطويل، فكانت عين الدلبة قبلته، ليفترش الأرض هو وعائلته، ويملأوا العبوات بمياه العين العذبة والباردة، بعد تناول طعام الإفطار في رمضان الماضي.

وقال الكومي لـ«الإمارات اليوم»، إن «العين تضخ الماء منذ عشرات السنوات، إذ توجد في أسفل الجبال، وتعطي مياهاً باردة جداً، حتى أصبحت مزاراً لكل أبناء الخليل، الذين يأتون إليها للاستمتاع بمنظرها وبرودتها».

وأضاف أن «مياه العين باردة صيفاً وشتاء، ويعبئ زوارها الزجاجات باعتبارها مياهاً نقيّة لا تحتوي على أي معقمات، ونظراً لشح الخليل من مصادر المياه بشكل عام، تعد العين بالنسبة للفلسطينيين تراثاً أصيلاً، وموقعاً جميلاً للتسلية في شهر رمضان والمناسبات المختلفة كالأعياد».

وأوضح الكومي أن مياه العين لم تضعف طوال السنوات الماضية، وهو ما يدفع الأهالي للتجمع عندها في شهر الصيام منذ سنوات، إذ يأتي إليها أهالي جنوب الخليل سيراً على الأقدام، فيما يستقل أهالي المناطق الأخرى وبئر السبع مركباتهم للاستجمام في مياه العين، وقضاء أوقات ممتعة بين الحقول الخضراء والأشجار. وأشار إلى أن مخيم الفوار يخلو من المتنزهات وأماكن الرفاهية، فيجد الأهالي وأطفالهم من عين الدلبة متنفساً لهم، ومكاناً للغطس والسباحة وشرب المياه النقية.

معلم قديم

من جهته، قال الحاج عاهد دويكات، من مدينة ورا نوب الخليل، إن «أفضل الأوقات التي أقضيها هي بجوار عين الدلبة، التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، إذ يزداد ارتياد الناس لها في رمضان والمناسبات، فتراهم يجتمعون هناك في أجواء مرحة وجميلة، تعزز الوجود الفلسطيني، في ظل حالة التهويد التي تسيطر على الأراضي المجاورة لها».

وتعد عين الدلبة، بحسب دويكات، من المعالم القديمة في المحافظة، كما أنها مساعد للمزارعين وأصحاب الأراضي في تلك المنطقة التي تجاور أراضي منطقة المجنونة التي صادرها الاحتلال لمصلحة مجلس المستوطنات، بعد أن كانت معسكراً لجنوده.

إجراءات

نظراً لأهمية العين لسكان الخليل ومدينة بئر السبع التي تمر مياهها عبر أراضيها، وضعتها إسرائيل نصب أعينها، لتنفذ مجموعة إجراءات عسكرية ضدها، بذريعة تكرار مرتادي العين رشق مركبات المستوطنين المارّة على الشارع الالتفافي المحاذي لها مباشرة بالحجارة.

ونصب جنود الجيش الإسرائيلي خيمة في المكان، وأعادوا نصب سياج حديدي حول العين، في محاولة لمنع الأهالي من الوجود فيها، تحت ذريعة الأخطار الأمنية، وصولاً إلى مرحلة السيطرة على أحد المنازل القديمة المهجورة، المطلة على العين، لمراقبتها، بحسب الخبير في شؤون الاستيطان في مدينة الخليل عبدالهادي حنتش.

وأكد حنتش أن جيش الاحتلال يوجد دائماً على مقربة من عين الدلبة، بحكم وقوعها على حافة الشارع الالتفافي الرابط بين مستوطنتي «عتنائيل» و«بيت حجاي»، المقامتين على أراضي المواطنين جنوب الخليل، ويكرر تسييجها، لكن الشبان يسحبون السياج في كل مرة.

وبيّن أن وقوع العين بجانب الشّارع الالتفافي جنوب الخليل وقبالة أحد المعسكرات التابعة لجيش إسرائيل، يجعلها ضمن دائرة الاستهداف للأنشطة الاستيطانية في المنطقة.

تويتر