أكد أن «حكيم العرب» أسس الإمارات سائراً على خطى كبار القادة في التاريخ

الهاشمي: زايد كان يثق بالشباب ويستشير الشياب

صورة

قال مستشار الشؤون الدينية والقضائية في وزارة شؤون الرئاسة، علي الهاشمي، إن المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان علماً من أعلام عصره، ومثالاً لا يتكرر كثيراً في عالمنا في الحاضر، مشيراً إلى أن «زايد كان يؤمن بأن اليد الواحدة لا تصفق، وأن رمانتين في يد لا تنقبض، لذا كان يوزع المهام، ويثق بمن حوله، وبالشباب، ويشاور الشياب والمتقدمين في السن، لأن لديهم الخبرة والقدرة على أن يقولوا الحق دون خجل أو مواربة. كما كان يؤكد في جلساته أهمية الالتزام بالصدق في الحديث والمعاملة، وكان صادقاً في وعده، وفي مسيرته، وصادقاً مع كل من حوله، ومع أمته. وكان يقول: (ما نتمنى على إخواننا من الحكام والمحكومين، ومن نتصل بهم، إلا الصدق)، وهو في ذلك يسير على نهج الإسلام، وعلى هذا النهج خلف من الأبناء النجباء من نفاخر بهم الأمم، فالصدق في الإسلام أولى صفات الصالحين من العباد». 

رحمة وسخاء

ذكر مستشار الشؤون الدينية والقضائية في وزارة شؤون الرئاسة، علي الهاشمي، مواقف عدة جمعته بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عكست ما كان يتميز به، رحمه الله، من سخاء وحساسية وشفافية، فقد كان يكره الدماء، ويكره الفتن والمجادلة، ويأتي بالقول الفصل من فضل الله عليه.

وأضاف: «كان الشيخ زايد يأمر بأن نعرض عليه في شهر رمضان ومناسبات مختلفة قوائم بأسماء عدد كبير من المساجين ليطلق سراحهم. وكنت أقول له إن هؤلاء عليهم ديون لآخرين كيف نطلقهم؟ فيجيب: (خله يروح لأهله وعياله وأنا أدفع عنه حتى 100 ألف)».


«زايد كان شجاعاً في دعم الحق، ولم تكن تثور فتنة أو يشب خلاف بين بلدين إلا خرج مسرعاً لوأد الفتنة وتسوية الخلاف».

وأضاف الهاشمي، الذي كان المستشار الديني للمغفور له الشيخ زايد: «هذه أمة ولود، والشيخ زايد، رحمه الله، كان إنساناً فائقاً في إنسانيته، مسلماً عميقاً في إيمانه، عربياً أصيلاً معتزاً بشهامته وعروبته، وقد شهد له القريب والبعيد بالحكمة، ووصفوه بأنه حكيم العرب».

وأشار في حوار مع «الإمارات اليوم» إلى أن «علاقته مع الشيخ زايد امتدت على مدى ما يقارب الـ35 عاماً، وقبل ذلك كان يعمل في القضاء الشرعي، وكان على تواصل مع الشيخ زايد، إلى أن طلب منه، رحمه الله، أن يكون مستشاره الديني، إذ قال له: (خليك معنا تعيننا على الدنيا)».

وتابع الهاشمي أن «الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان كريماً، ولا يحب الثناء، وعندما يأتيه شخص ويشيد بما قام به من أعمال، كان يرفع يده إلى السماء، ويقول: (كله من الله الذي وفق زايد لهذا الأمر)»، مضيفاً أن «ما حققه زايد من إنجازات لا يرجع إلى الوفرة المادية فقط، فكثير من الدول في المنطقة والعالم رزقها الله بالمال، ولكن قادتها لم يُوفقوا لإنجاز ما أنجزه زايد».

وعن ارتباط الشيخ زايد بالعمران والأرض وحبه للزراعة، قال: «كان سخياً على الإنسان والحيوان والأرض، فمثلاً لم يكن في الطريق بين أبوظبي والعين في عام 1970 عود أخضر، فقط بعض الأشجار أمام قصر المشرف، ثم لا ترى العود الأخضر إلا في مدينة العين التي كان يحكمها زايد، والآن الطريق من أبوظبي إلى العين أو منطقة الظفرة (المنطقة الغربية سابقاً) لا يغيب عنه اللون الأخضر والأشجار، كما اهتم الشيخ زايد اهتماماً خاصاً بالنخلة». وتطرق الهاشمي إلى نهج الشيخ زايد في السياسة، موضحاً أنه «كان مَعلماً من معالم الحق، وكان شجاعاً في دعمه له، ولم تكن تثور فتنة أو يشب خلاف بين بلدين إلا خرج مسرعاً لوأد الفتنة وتسوية الخلاف. وسيظل موقفه خالداً خلال حرب أكتوبر 1973 عندما أوقف ضخ البترول للدول المساندة لإسرائيل قبل أي بلد آخر، وهو أيضاً الذي وقف في مؤتمر بغداد بمفرده، داعياً إلى عدم مقاطعة مصر عقب 1977، وكان يرحب باستضافة من يجد أنه في مأزق، وكثيراً ما سعى ليصلح بين الرئيسين السابقين محمد أنور السادات ومعمر القذافي، وغير ذلك كثير من الأمثلة».

وذكر أن «الزعماء الأجانب كانوا يأتون إلى الشيخ زايد ليلتمسوا منه الحكمة، حيث كان حاضراً بنفسه بعض الجلسات التي قّدم فيها دبلوماسيون غربيون أوراق اعتمادهم كسفراء، فكان زايد يتحدث إليهم بحديث يثير إعجابهم، لما فيه من حكمة واطلاع ومعرفة واسعة، وهو إلهام من الله سبحانه وتعالى».

وأوضح الهاشمي أن الشيخ زايد كان يأخذ الأمور باعتدال، ويكره الانقسام والفرقة، ويرى أن التفاهم أفضل من العنف في حل ومعالجة المشكلات، أياً كان نوعها، مضيفاً أنه كان يفضل مواجهة ما يعترض طريق الاستقرار بالحكمة.

وأكد حرص المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على إحياء المناسبات الدينية، وشهر رمضان المبارك، واستضافة العلماء خلاله من كل الدول الإسلامية، بل كان يشارك في إحياء بعض هذه المناسبات. ولفت إلى أن «زايد شارك في إحدى المرات في الاحتفال بالمولد النبوي، وتحدث حديثاً فتح به الله عليه في السيرة النبوية، وهو حديث ينم عن معرفة وثقافة إسلامية واسعة»، مرجعاً ذلك إلى أن «العربي في السابق لم يكن يحمل شهادة، لكنه كان يجلس في مجالس الدين، ويقرأ القرآن الكريم، فتتكون عنده حصيلة جيدة قد لا ينالها بعض حملة الدكتوراه في زماننا هذا».

وقال الهاشمي: «كان الشيخ زايد ينظر إلى الإمارات باعتبارها جزءاً من الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع، وكان الحاكم الوحيد الذي أرسل، عندما كان حاكماً لإمارة أبوظبي، سيارات لإحضار طلبة من مختلف الإمارات، وحتى من بعض الدول المجاورة، ليدرسوا في أبوظبي، وكان يعطي لكل طالب 200 دينار، أي ما يوازي 2000 درهم. كان الطالب يتعلم ويسكن ويأخذ راتباً. وهو ما لم يفعله أحد من قبله، وهذا يرجع إلى إيمانه بأن التعليم هو الذي يرفع الأمة، بدليل أن أول ما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو (اقرأ)، فالمال ليس شيئاً، بل العلم والإنسان هما أساس كل شيء».

تويتر