جلسة مصرية تفتح باب الأساطير وصراع الخير ونقيضه

الكويت تستعيد «مذكرات بحار».. وتونس «تحت الماء»

صورة

بحضور فنانين من 45 دولة مختلفة، تواصلت مساء أول من أمس فعاليات الدورة الثالثة، لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، التي تستضيفها محافظة جنوب سيناء المصرية، متضمنة 19 عرضاً مسرحياً، منها سبعة عروض في الشارع، والفضاءات غير التقليدية، سواء من حيث الشكل أو المحتوى، وتحمل رؤى وأفكاراً وخيارات شبابية.

شكراً لـ «قلب» الإمارات

أبدت الفنانة المصرية، وفاء الحكيم، إعجابها بالعرض الإماراتي «قلب يرى»، الذي مثل الإمارات في الدورة الثالثة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، من إخراج سعيد الهرش.

وأضافت الحكيم: «نجح العرض في فرض حضوره، وإيصال رؤية مخرجه، وتفاعل الحضور معه كان بمثابة شهادة آنية على نجاحه وصدقه، لذلك جاءت هذه المشاركة الثرية بمثابة إضافة حقيقية لبانوراما العروض الشبابية المتنوعة التي يستوعبها المهرجان، لذلك فليس أقل من شكراً لأسرة (قلب يرى) الإماراتي».

سميحة أيوب: خيارات شابة

بررت الفنانة سميحة أيوب وجود سبعة عروض كاملة، من بين 19 عرضاً مسرحياً، في مهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، بقولها: «نحن ضيوف الآن على هذا المهرجان الدولي الشاب، ومن واجبنا أن نتعاطى مع ما يقدمونه، ونحاول فهمه». وأضافت سيدة المسرح العربي، لـ«الإمارات اليوم»: «هذه هي خيارات الشباب، وعلينا قبولها، والكثير من تلك العروض يجب ألا نبني أحكامنا بصددها بناء على رؤى أو انطباعات مسبقة، لذلك من الضروي أن ننزل معهم في فضائهم المختار، لنتابعهم ونفهم رؤاهم».

جاء انحياز المهرجان في دورته الحالية لاستيعاب أجواء وفضاءات غير تقليدية في العرض، إلى الدرجة التي فاجأت بها فنانة تونسية الجمهور بقرارها المنسق سلفاً مع إدارة المهرجان، بأن أعماق الماء، هو فضاؤها المختار، داعية الجمهور لمتابعتها هناك، أو الاكتفاء بمتابعتها عبر شاشات النقل المباشر، في حين فضل أحد المخرجين مقهى في قلب السوق القديم، لاعتباره مسرحه المثالي للعرض.

وانتهج العرض الكويتي «مذكرات بحار»، لمخرجه سعيد الهرش، وتمثيل مشاري الجيبل، طابعاً مختلفاً لمسرح المونودراما، وراح يغلب حضور الأغنية والفلكلور الكويتي المرتبط بأهل الساحل، عوضاً عن الغوص في تفاصيل المأساة الداخلية، التي عادة تكون محور العمل الدرامي، ليشكل العرض أيضاً مساحة غير مألوفة من حيث التناول المونودرامي، تؤكد في الوقت نفسه أن الخيارات المعاصرة للشباب لا تعني تغييباً لأصالة الارتباط بالموروث.

وعلى الرغم من ولوج عرض «الجلسة» المصري عالم الأساطير والجان، مستعيناً بطاقة الكوميديا الساخرة، واللاذعة أحياناً، وتطرقه إلى الصراع الأزلي بين الخير والشر، فإن العرض طرح في قراءته الأعمق قضية شديدة المعاصرة، ترتبط باستغلال بعض التيارات للدين من أجل تحقيق سلطة مجتمعية ونفسية، ولأغراض محض شخصية.

واختار المخرج المصري، مناضل عنتر، خوض مغامرة فنية تتداخل فيها عوالم الإنس والجن، وتتشكل الأساطير والحكايا الموروثة في حركات وكلمات أبطالها.. قوى تدعي الشر وأخرى الخير تتصارع على فتاة شابة تعاني مساً شيطانياً، تتناقلها الأيادي هنا وهناك، تارة تغادرها الأرواح الشريرة، وفي أطوار أخرى تعود إليها أكثر قوة.

وسعت «الجلسة» إلى الغوص في أعماق الذات الفردية، لتعرية «تابوهات» مرتبطة بخيالات وأقوال تنحى مظهراً عقائدياً، أحياناً، لطرح فكرة أن الهزيمة الحقيقية لأي شخص تبدأ من زعزعة اليقين، واستبداله بشك يؤدي إلى الخوف، ومن ثم الهزيمة، وهي رؤية اختار أن يطرحها في مشهد «جلسة» استحضار جن، تلبّس فتاة، لم يعد تؤثر فيه التعاويذ حينما يكون محلها اللسان، لا القلب، لغياب اليقين.

واستعان مناضل عنتر، مخرج «الجلسة»، بأداء حركي راقص، تم توظيفه بشكل فاعل لخدمة تكثيف الدلالات النفسية للشخوص، يحاول رجلا دين إنقاذ الفتاة، متسلحين بآيات وترانيم دينية وقوة إيمان، تفقد توازنها أحياناً في مواجهة ألاعيب الإغواء وإثارة الشك والخوف المتقنة من طرف محركي العالم السفلي.

تويتر