أكد أن البيئة الإماراتية تضم كنوزاً نباتية تتفوق على المستوردة

محمد الزعابي.. حكاية شغف كبرت بين أشجار الجد ومشتل «نخيل»

صورة

بين أشجار الجد التي فتح عينيه عليها طفلاً، والمشتل الزراعي الخاص بشركة «نخيل» الذي يشرف عليه حالياً، كبرت حكاية شغف الخبير الإماراتي، محمد الزعابي، بالنباتات المحلية التي لا تقل جمالاً عن تلك التي تجلب من الخارج، من وجهة نظره، مؤكداً أن بيئتنا تضم كنوزاً زراعية لا تحتاج إلا لقليل من الرعاية والاهتمام لتبرز ألقها.

أنواع متعددة

يعدّد الزعابي أنواع وأسماء أهم النباتات المحلية التي زرعت بحديقة النباتات المحلية في جزيرة النخلة، الممتدة على مساحة 1400 متر، والمندرجة ضمن منطقة سكنية، يحيط بها سور من أشجار النخيل يتجاوز عددها أكثر من 500 نخلة. ويقول: «لدينا أكثر من 400 نوع من نباتات الزينة المحلية، المتوزعة بين الشجر والشجيرات والنباتات، وبعض السرخفيات مثل الحلول، والرشيدي، وشجرة الفرفار، وشجرة الشيكو، وشجرة الشوع، بالإضافة إلى إمكانية زراعة أشجار السدر والنخيل والجوافة، التي تسهم في إضفاء منظر جمالي على المنازل والتجمعات السكنية المفتوحة».

120

نوعاً من النباتات المحلية

الإماراتية جمعها

الزعابي في المشتل

الزراعي الخاص بشركة

«نخيل» في دبي.

يسعى الزعابي إلى نشر ثقافة المحافظة على البيئة الإماراتية الغنية بأشجارها ونباتاتها وزهورها المتفردة، وتقديم المعلومة الصحيحة عنها إلى جميع المهتمين.

وعن بدايات الشغف، يقول الزعابي إنه كان في مرحلة مبكرة، مع انتقال أسرته في العاشرة من عمره من منزلها القديم في منطقة بورسعيد بالقرب من دوار الساعة، إلى منطقة المحيصنة، متذكراً إعجابه الكبير بمشتل جده الذي كان حريصاً على زراعة بعض النباتات المحلية والاهتمام بها، ما ولّد في نفسه رغبة طفولية في منافسة جده، والتفكير في العمل على مشتل صغير يمارس من خلاله هذه الهواية التي كبرت معه وعشقها.

خالفتُ التوقعات

ويضيف الزعابي في حواره مع «الإمارات اليوم»: «لقد توقّع الجميع أن أتخصص في مجال الهندسة الزراعية، لكنني خالفت التوقعات والتحقت بالقوات المسلحة، التي قضيت فيها فترة مهمة من حياتي، إلى أن حان موعد تقاعدي، الذي تفرغت فيه لممارسة هوايتي القديمة التي لم أتخلّ عنها طوال السنوات الماضية، بعد أن توليت مسؤولية إدارة النخيل في منزل جدي الراحل، وانكبابي دوماً على الاهتمام بنخيل منازل العائلة، ما زاد من رصيدي المعرفي وأسهم في توسيع خبرتي بهذا المجال».

ولم تتوقف مسيرة الزعابي عند حدود الهواية والشغف الشخصي، بل تعدتها إلى محاولة الاطلاع والبحث عن أسرار عوالم الزراعة اللامتناهية، من خلال العلاقات التي نجح في توطيدها مع محال الزراعة والبستنة، بهدف متابعة أحدث الوسائل والأساليب الزراعية ومختلف المواد الحديثة والمبتكرة، بالإضافة إلى شغفه المتزايد الذي دفعه كل مرة إلى الإبحار في العالم الافتراضي للاطلاع على الأخبار الجديدة والفيديوهات التي ينشرها المتخصصون عن مختلف أنواع الزارعة، ووسائل العناية بمختلف نباتات الزينة المنزلية، ما فتح المجال واسعاً أمامه للتفكير بجدية في تقديم خلاصة تجربته في هذا المجال وتفعيلها بشكل يكون قادراً على تعميم الفائدة على الناس من خلال صفحة خاصة على موقع «إنستغرام».

ويوضح الزعابي: «حاولت من خلال هذه المبادرة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي انتشرت في الماضي، بسبب عدم وجود الإمكانات والأدوات الملائمة، كما قادتني رغبتي في نشر المعرفة الزراعية إلى التفكير في تبسيط آليات التعاطي اليومي للناس مع نباتات المنزل، من دون اللجوء إلى الخبراء إلا في الحالات الضرورية، وتشجيع الجيل الجديد على الاهتمام بالثروة النباتية المحلية والالتفات إلى قيمتها».

جهود رقمية

رغبة الزعابي ومحبته الكبيرة للنباتات المحلية، أسهمتا في تعزيز مهام عمله مدير إنتاج ومسؤولاً عن المشتل الزراعي الخاص بشركة «نخيل»، الذي استطاع من خلاله جمع قرابة 120 نوعاً من النباتات المحلية الإماراتية، بهدف الاستفادة منها في مشروعات الزينة وتجميل الطرق والشوارع في دبي، ومختلف إمارات الدولة، وذلك لتفردها بالعديد من المزايا التي يعدّدها قائلاً: «لقد استطعنا في المشتل الحصول على نتائج لافتة لهذه النباتات بعد الاعتناء بها، وتوفير الرعاية التي تتطلبها، خصوصاً أنها تتفوق على كثير من أنواع النباتات المستوردة بفضل قوة تحمّلها للظروف المناخية وتحكمها في كميات المياه، بالإضافة إلى الجمالية التي تضفيها على الشوارع والطرقات».

وبنبرة اعتزاز يتحدث الزعابي عن عدد متابعيه الذي تعدى اليوم حاجز 10 آلاف و500 متابع، على الرغم من حداثة تجربته الافتراضية التي لم تتجاوز أشهراً معدودة: «حاولت استقطاب جميع شرائح الجمهور، وتقديم المعلومة المتعلقة بالمحافظة على البيئة، بالإضافة إلى التوعية ببعض المسائل الخطيرة المتعلقة بظاهرة العبث بشجر النخيل في الدولة، في ظل انتشار ظاهرة الباعة المتجولين، وغفلة كثيرين عن الأمراض التي باتت تهدده، كما نجحت في نشر عدد من المقاطع المصورة بناء على طلب المتابعين ممن لفتوا انتباهي إلى موضوعات مهمة لها علاقة بمجال الحفاظ على الثروة النباتية المحلية، التي بدأت بشكل شخصي في تكريسها على صفحتي».

حلم

يحلم محمد الزعابي بنشر الوعي البيئي بضرورة الحفاظ على الموروث النباتي المحلي، وعدم رمي المهملات في الأماكن المفتوحة، وزيادة الوعي بقيمة الحدائق والمساحات الخضراء، مطالباً بمعايير رقابية صارمة في ظل تزايد المخلفات الكيميائية التي ترميها بعض الشركات، للعدول عن هذه الممارسات المدمرة للبيئة، مضيفاً «لابد من وضع ضوابط وقوانين صارمة للحفاظ على البيئة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، في الوقت الذي يحتاج الجيل الجديد إلى تسليط الضوء على هذه الثروات البيئية النفيسة، والوعي بأهميتها لضمان حاضنة إنسانية صحية في المستقبل».

 

 

تويتر