فيلم وثائقي عن فتاة اختارت العيش مع «الشمبانزي» في الأدغال

مارلين دانيل: «جاين» يدعو كل امرأة إلى أن تتبع حلمها

صورة

ما الذي يدفع شابة في مقتبل العمر إلى أن تتحدى الجميع وتترك حياتها في بريطانيا لتعيش في أدغال إفريقيا؟ الإجابة عن هذا السؤال يطرحها الفيلم الوثائقي «جاين» الذي أعدته قناة «ناشونال جيوغرافيك» عن قصة جاين غودال، وهي شابة غير مُدربة خاضت تحدّيها ضد سيطرة الذكور العلمية على مجال أبحاث الشمبانزي، وأحدثت ثورة حقيقية في فهم العالم الطبيعي، وتم عرضه أول مرة مساء أمس في جامعة نيويورك أبوظبي، ضمن فعاليات الجلسة الافتتاحية لمهرجان أبوظبي للأفلام العلمية، وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.

مديرة الشركات والمنتجات الخاصة في «ناشيونال جيوغرافيك»، مارلين دانيل، أوضحت لـ«الإمارات اليوم» أن الفيلم الذي حاز العديد من الجوائز، يحمل رسالة مهمة للمرأة في كل أنحاء العالم، مفادها أن الأحلام والطموحات يمكن أن تتحقق طالما صاحَبها عمل وإرادة، وأن المرأة يمكنها أن تفعل أي شيء، فقط عليها أن تتبع حلمها ولا تفرّط فيه، لافتة إلى أن ما يميز قصة جاين هو ما تحمله من شغف ورغبة في تحقيق هذا الشغف رغم التحديات، فرغم أنها لم تكن تعلم الكثير عن حياة الشمبانزي والحياة الطبيعية، إلا أنها سافرت إلى تنزانيا وراء شغفها، وتحدت سيطرة الذكور العلمية على مجال أبحاث الشمبانزي في فترة الستينات من القرن الماضي، وأحدثت ثورة حقيقية في فهم العالم الطبيعي.

وأوضحت دانيل أن العمل على الفيلم استغرق ثلاث سنوات، حيث كان على فريق العمل أن يتعامل مع أكثر من 100 ساعة من اللقطات الحصرية التي لم تُعرض من قبل لرحلة جاين في حديقة غومبي الوطنية بتنزانيا في ستينات القرن العشرين، بعض هذه اللقطات كانت من أرشيف «ناشونال جيوغرافيك» تعود إلى 60 عاماً مضت، ومن معهد جاين غودال، وهي تعرض لجوانب متعددة من حياة بطلة القصة كباحثة وامرأة وزوجة وأم.

3 سنوات

عن كيفية اختيار اللقطات التي تم إدراجها في الفيلم من هذه المادة الضخمة، أشارت دانيل الى أن مخرج الفيلم بريت مورغن، الحائز العديد من الجوائز، هو الذي تولى اختيار مادة الفيلم وفقاً لرؤيته الخاصة، وهو عمل لم يكن سهلاً، ولذلك استغرق ثلاث سنوات، موضحة أن إعادة اكتشاف اللقطات الأصلية التي سجلها فان لاويك في أرشيف «ناشونال جيوغرافيك» كان عملاً ممتعاً، ولكنه كان مملوءاً بالتحديات بسبب كثرة عدد بكرات الأفلام، حتى إن بعضها ترك دون ترتيب أو ملاحظات أو حتى صوت، وتولى مورغان وفريقه المهمة الشاقة بتنظيم هذا الأرشيف الضخم وتحديد نوع 160 «شمبانزي»، وإعادة صنع أصوات غابات غومبي لإعادة هذه اللقطات المنسية إلى الحياة، ورسم صورة مثالية عن السيدة الرائدة التي تحدت كل العقبات لتصبح أحد أعظم المحافظات على البيئة.

وذكرت مارلين دانيل أن أهم ما يميز الفيلم هو أنه يحكي قصة عن حياة بطلته وحبها للاكتشاف، ويحمل قدراً كبيراً من التشويق للمشاهد العادي، على عكس كثير من الأفلام الوثائقية العلمية التي تتناول الحياة الطبيعية، كما انه يمنح المشاهد دفعة قوية بأنه يستطيع أن يحقق الكثير مثل ما حققت بطلة الفيلم حلمها، لافتة إلى أن «ناشونال جيوغرافيك» تهدف الى أن يصل الفيلم إلى جميع المشاهدين، وإلى السيدات والفتيات في أنحاء العالم، ليكون مصدر إلهام لهن.

وعن إمكانية أن تكون في العالم العربي شخصية مماثلة لبطلة الفيلم؛ قالت دانيل إنه يمكن أن تكون هناك شخصيات عربية مماثلة بالفعل، ولكن العثور عليها واكتشافها يحتاج إلى البحث والدراسة، وربما يكون هذا السؤال دافعاً لها للبحث في هذا الاتجاه.

تبث قناة «ناشونال جيوغرافيك» العرض الأول للفيلم الوثائقي جاين في الشرق الأوسط، والذي وصفه النقاد بـ«المذهل»، يوم 28 الجاري الساعة التاسعة وخمسين دقيقة بتوقيت الإمارات، كما سيبث الفيلم عالمياً في 172 بلداً بـ43 لُغة مختلفة. كما سيتم عرض الفيلم على قناة «ناشونال جيوغرافيك أبوظبي» يوم 29 الجاري في تمام الساعة العاشرة مساءً بتوقيت الإمارات.

حنين إلى الماضي

في تعليقها على الفيلم؛ قالت الدكتورة جاين غودال، مؤسس معهد جاين غودال وممثل الأمم المتحدة للسلام: «عندما شاهدت الفيلم شعرت بحنين لا يصدق الى الماضي، حيث يعرض الفيلم الأمور بالضبط كما كانت عليه، ويسلط الضوء على الشخصيات الحقيقية للناس بطريقة حميمة للغاية، خصوصاً شخصيتي وشخصية هوغو، هذا العمل أعادني لأفضل أيام حياتي بطريقة لم يسبق لأي وثائقي أن فعلها».

مهرجانات وجوائز

رُشح الفيلم الذي يُعد انتصاراً لصناعة السينما لجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام (بافتا)، واُختير كأفضل فيلم وثائقي لعام 2017 من قِبل نقابة المُنتجاين الأميركيين ومحرري السينما الأميركيين وجمعية نقاد البث السينمائي، وغيرها من النقابات والجمعيات المعنية بصناعة السينما.

تدور أحداث الفيلم في عام 1960 في غومبي، تنزانيا، عندما قررت البريطانية الشابة ذات الـ26 عاماً جاين غودال السفر إلى تنزانيا بدافع حبها للحيوانات، لتبدأ أول أبحاثها لدراسة الشمبانزي. اكتسبت جاين، بشيء من الصبر، ثقة الحيوانات وسرعان ما تصدر اسمها عناوين الأخبار بعد اكتشافها مدى ذكاء واجتماعية الشمبانزي، وكيفية استخدام هذه الحيوانات للأدوات المحيطة من أجل الحصول على الطعام، وعندها قررت «ناشونال جيوغرافيك» إرسال المخرج الهولندي هوغو فان لاويك لتوثيق أعمالها عام 1964، قبل أن يقع المخرج والشابة البريطانية في الحُب، لكن الالتزامات المهنية وتفشّي العُنف ومرض شلل الأطفال بين الشمبانزي يُهدد استمرار الثُنائي المثالي. ويتميز الفيلم بأنه يدرس جاين كما اعتادت هي أن تدرس الشمبانزي، ويُعطي هذه النظرة العاطفية حيث تقع جاين في الحُب، وتُكافح في الوقت نفسه لتحقيق التوازن بين مُتطلبات الزواج والأمومة وحلمها الأبدي.

تويتر