العالم يحتفي بها في 18 ديسمبر

اللغة العربية في يومها.. واقع صعب ومبادرات إماراتية مخلصة

صورة

يحتفي العالم، غداً، بيوم اللغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي صدر فيه، عام 1973، قرار إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.

وتعد اللغة العربية من أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة، يتوزعون بشكل أساسي في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الجغرافية المجاورة.

أسبوع كامل «بالعربي»

تزامناً مع اليوم العالمي للغة العربية، تنظم مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة فعاليات مبادرة «بالعربي» التي جاءت كفكرة طرحتها على المؤسسة مجموعة من طلبة جامعات الإمارات، وتبنت المؤسسةُ الفكرة، وعملت على تطويرها لتحتفي بها سنوياً.

وتحرص المبادرة، التي تمتد فعالياتها على مدى أسبوع كامل، على الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، عن طريق التشجيع على استخدام اللغة العربية فقط في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، من «تويتر وفيس بوك وإنستغرام» طيلة اليوم العالمي للغة العربية.

422

مليون نسمة، يتوزعون بشكل أساسي في الوطن العربي، يتحدثون بـ«لغة الضاد».

وتكتسب اللغة العربية أهميتها من كونها لغة القرآن الكريم، وقد أثر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولاً خارج الجزيرة العربية، في ارتفاع مكانتها، إذ أصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون.

وأثرت اللغة العربية تأثيراً مباشراً في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي. وتعد «العربية» من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية؛ فعلى سبيل المثال يحوي معجم «لسان العرب» لابن منظور، من القرن الـ13، أكثر من 80 ألف كلمة، بينما في اللغة الإنجليزية، يحتوي قاموس صموئيل جونسون، وهو من أوائل من وضع قاموساً إنجليزياً من القرن الـ18، على 42 ألف كلمة.

ولم تبقَ حال اللغة العربية كما كانت من ازدهار ونمو، بل إنها اليوم تعاني التراجع والاضطهاد من قبل الناطقين بها، وقد راحت اللهجات العامية تجتاحها، فيما الأغلاط الكتابية في الإملاء والنحو تتسع؛ إلى جانب أنها لم تعد اللغة الأساسية للتعليم والبحث العلمي، خصوصاً في الجامعات، ما يمثل خطراً حقيقياً على الهوية والانتماء الوطني لجيل الشباب في العالم العربي.

قيادة الجهود

وأمام هذا الواقع المرير، أخذت دولة الإمارات على عاتقها مهمة قيادة الجهود والمبادرات المخلصة من أجل المحافظة على اللغة والهوية العربية، والنهوض الحقيقي بهما على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، وتكريس مكانتها في المجتمع الإماراتي وعلى النطاق العالمي.

وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في مناسبات عدة، أن «اللغة العربية هي قلب الهوية الوطنية ودرعها، وروح الأمة وعنصر أصالتها، ووعاء فكرها وتراثها»، وهذا هو جوهر المبادرات والجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات التي تستهدف الحفاظ على اللغة العربية، وجعلها في المكانة التي تليق بها بين اللغات القادرة على التطور، ومواكبة موجات التحديث والتطور العالمية.

ويشكل ميثاق اللغة العربية، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أبريل 2012، علامة بارزة ونقطة انطلاق رئيسة للجهود الإماراتية في حماية اللغة العربية، نظراً إلى حزمة المبادرات القيمة والعملية التي تتضمنها، بهدف تعزيز حضور اللغة العربية في كل المجالات الحياتية.

وشملت حزمة المبادرات ميثاق اللغة العربية، الذي يهدف إلى تعزيز وضع اللغة العربية، والتركيز على مكانتها في المجتمع، وليكون مرجعاً لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحماية اللغة العربية، وتعزيز استخدامها في الحياة العامة، مثل استخدام اللغة العربية في التعاملات الحكومية الداخلية والخارجية، وفي كل الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور، وإعطاء الأولوية في البرامج الإعلامية على القنوات المحلية للغة العربية، إضافة إلى توفير المعلومات التي يحتاج إليها المستهلك باللغة العربية بجانب اللغات الأخرى.

وتضمن الميثاق أيضاً الإعلان عن المجلس الاستشاري للغة العربية، الذي يتولى رعاية ودعم الجهود الرامية لتطبيق مبادئ وتوصيات ميثاق اللغة العربية، ويترأسه وزير الثقافة وتنمية المعرفة، فيما يضم نخبة من العلماء والأكاديميين والمتخصصين، ويشرف المجلس على تعزيز ورعاية جهود الحفاظ على اللغة العربية على مستوى دولة الإمارات، وتنسيق الجهود الحكومية والأهلية في هذا المجال.

كما أعلن الميثاق عن تشكيل لجنة خبراء عربية دولية تهدف إلى إعادة إحياء اللغة العربية كلغة للعلم والمعرفة، وتحديث أساليب تعليمها، وتقديم نموذج عصري لتعليمها بما يعود بالفائدة ليس على دولة الإمارات وحدها بل على كل الدول العربية.

ونصّ الميثاق على تنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة، تهدف لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم، وتشمل المسابقات مجالات الكتابة والخط العربي والقراءة، إضافة إلى الشعر العربي، وتشرف على هذه المسابقات وزارة التربية والتعليم، ضمن سلسلة من الفعاليات السنوية الرئيسة خلال العام الدراسي.

وتضمنت المبادرات أيضاً تأسيس معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين عن طريق جامعة زايد، يتم التعاون فيه مع الجامعات المتخصصة حول العالم لإيفاد الطلاب والبعثات لتعلم اللغة العربية في الإمارات.

معجم محمد بن راشد

ومن ضمن مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لخدمة اللغة العربية، تم الإعلان أيضاً عن إنشاء كلية للترجمة، ضمن مظلة كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأميركية بدبي، وتهدف لتخريج المترجمين الذين ستتزايد الحاجة إليهم، خصوصاً مع السياسات والقوانين الجديدة التي ستعزز من اللغة العربية في المجتمع.

وفي عام 2015 جاء الإعلان عن إطلاق معجم محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة، الذي سيكون معجماً سنوياً يتماشى وتطور العصر ومتطلباته، ويعزز مكانة لغتنا الجميلة كلغة حياة، على أن يكون معجماً ناطقاً، وبه ستصحح العلاقة بين اللغة الأم واللهجات العامية في الدول العربية، وهو أيضاً معجم مهم للطلاب والدارسين والمدرسين والباحثين، ولكل المهتمين باللغة العربية، خصوصاً المستشرقين والمستعربين.

وتعتبر جائزة محمد بن راشد للغة العربية جائزة كبرى لا مثيل لها، تقدم لكل من له إسهامات لرفعة اللغة العربية في العالم، وتحفز المؤسسات والحكومات على تبني المبادرات المهمة لإعادة اللغة إلى مكانها الطبيعي، وقد أسهمت منذ إطلاقها عام 2014 حتى اليوم في تزايد الاهتمام العربي للإسهام في رفعة اللغة العربية دولياً.

وعكست مبادرة «تحدي القراءة العربي» جميع مؤشرات القراءة في الوطن العربي إلى الأعلى بشكل سريع وفعال، إذ قرأ طلبة المدارس في الوطن العربي ملايين الكتب. وتستضيف الإمارات سنوياً مؤتمر اللغة العربية، الذي يعد من أهم المؤتمرات العربية التي تقام برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ويشرفه بحضوره، وفي هذا المؤتمر تناقش مئات الأبحاث العلمية في مجال اللغة العربية.

رسالة سلام

وتنظم «اليونيسكو»، على مدار اليومين المقبلين، اجتماع طاولة مستديرة بخصوص اللغة العربية والتكنولوجيات الحديثة، كما سيتم تنظيم حفل موسيقي ومعرض بهذه المناسبة.

وسيتولى إدارة الجلسات عدد من الخبراء المشهورين والممثلين رفيعي المستوى، وستتمحور حول موضوعات اللغة العربية والعلوم، والتخطيط اللغوي ودوره في تعميم اللغة العربية والهندسة اللغوية، واستخدام التكنولوجيات الحديثة في تعليم اللغة العربية، واللغة العربية بين الحاضر والمستقبل. وسيقدم الموسيقار العراقي وفنان «اليونيسكو للسلام»، نصير شمة، حفلاً موسيقياً للجاز الشرقي بصالة رقم (1) في مقر المنظمة، يسلط من خلاله الضوء على رسالة السلام والأمان والوئام بين الشعوب التي تجسد القيم التيتعززها «اليونيسكو» حول الحوار بين الأديان والسلام.

تويتر