يدعم مشروعات خيرية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية

«مهرجان الكتاب المستعمل».. تدوير المعرفة بأسعار زهيدة

صورة

هي خمسة أيام بدأت في 23 فبراير الجاري، وتستمر حتى نهاية اليوم، تكون فيها غابة النخيل على بحيرة خالد في الشارقة، محطة وعنوان كثر من عشاق الكلمة المقروءة والباحثين عن الكتاب، في مهرجان الكتاب المستعمل بنسخته السادسة، بما يحمله من قيم أدبية وأخلاقية وعلمية ومعرفية.

متطوعون

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/02/433242Q290%20(1).jpg

أكثر من 200 متطوع من طلبة المدارس والجامعات والموظفين في مختلف الجهات والدوائر والمؤسسات، شاركوا كمتطوعين من أجل مساعدة الزوار والجمهور، وتعبيراً منهم عن مساهمتهم في دعم مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، هكذا قال لنا عدد من طلبة «مدرسة المعرفة» الذين جاؤوا منذ اليوم الأول للعمل كمتطوعين في المهرجان، ومن بينهم محمد أبوحليمة، وباسل هشام، ومحمد عباس، وأحمد صالح، وخليل عبدربه.

أما الطالب (معاذ) في الصف الخامس الابتدائي، الموجود معظم الوقت في أحد الأكشاك المخصصة لكتب الأطفال، فما إن يشاهد أي شخص كبير أو صغير إلا ويبادر بالتوجه إليه وسؤاله من أجل مساعدته في البحث، أو في أي شيء يسهل عليه مهمة البحث عن ضالته من الكتب.

كما شهد المهرجان حضوراً كبيراً للطلبة من مختلف المدارس للعثور على الكتب التي تناسبهم، وقد تلقوا مساعدات كثيرة من زملائهم الطلبة المتطوعين.

ممر خاص لذوي الإعاقة وكبار السن

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/02/433242Q290%20(2).jpg

إحدى ميزات المهرجان هذا العام هي توفير ممر خاص للأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية، الذين يستخدمون الكراسي المتحركة، فقد حرصت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على أن يكون المكان مهيأ للجميع ومن بينهم كبار السن، والأمهات اللواتي يصحبن أطفالهن مستخدمات العربات، وبقية فئات المجتمع من دون استثناء. وهي رسالة للمجتمع من أجل تسهيل وتيسير وصول هذه الفئات إلى المكان.

 

هنا في معرض الكتاب المستعمل بغابة النخيل في الشارقة، ستجد ضالتك من الكتب بجودة عالية ونسخ نظيفة لا تختلف كثيراً عن شقيقتها الجديدة، كتب نادرة وقديمة أيضاً، جميعها بأسعار زهيدة جداً، لكنها تسهم في دعم مشروعات خيرية وإنسانية لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، التي تنظم هذا المعرض كل سنتين مرة، فالمدينة تحرص على التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات والهيئات والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد، وتفتح أبواب التبرع بالكتب، كي تكون حاضرة في هذا المعرض، الذي يسهم في تعزيز دور الكتاب والقراءة، عدا عن كونه يدعم العمل الخيري والإنساني.

يأتي المعرض زمنياً بين موعد معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يعقد في نوفمبر من كل عام، وبين معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي يعقد في مايو من كل عام، ويأتي المهرجان هذا العام منسجماً مع مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بجعل عام 2016 عاماً للقراءة.

ينتظره كثيرون، ففيه تنوع هائل من الكتب بمختلف المجالات، ويقوم الزائر بجولة في الهواء الطلق بين الكتب، ولا يكتفي بساعات، بل يكرر الزيارات، يبحث عن كتب بعينها، لكنه يكتشف ثروة هائلة، يأتي من أجل بضعة كتب لكنه يحمل ما تيسر مما يجده ليعود في اليوم التالي يكمل مهمته.

يتمنى البعض ممن تحدثت إليهم «الإمارات اليوم»، خلال جولاتها في المهرجان، أن يكون هذا المهرجان سنوياً لمدة 10 أيام على الأقل، هو فرصة لاقتناء الكتب، تختلف عن فرصة المعارض الأخرى، فالأسعار لا تصدق، تبدأ من درهم واحد ولا تتجاوز 20 درهماً للنسخة الواحدة، كما أن جودة الكتب أو طبعات الكتب هي مستعملة لكنها في حالة جيدة جداً وفي حالة ممتازة، تبدو وكأنها جديدة، فالمهم أنها تؤدي الغرض وبسعر بسيط جداً، كما أنها وسيلة بسيطة ومهمة من أجل دعم مشروعات المدينة.

ويؤكدون: قد لا تضطر إلى البحث، فما أكثر الكتب التي تنادي عليك، وتقف لك في الطريق، وأنت تتجول في الهواء الطلق من أجل كتاب ما، لافتين إلى أن المهرجان أصبح إحدى علامات الفعل الثقافي في الإمارة، حيث ينتظره كثيرون، من متبرعين وزوار ومشترين.

ما يلفت النظر، سواء في ساعات الصباح أو ساعات المساء، هو ذلك الإقبال اللافت على المهرجان، من قبل مختلف المؤسسات والمدارس والأفراد، الذين يبحثون حسب اهتماماتهم القرائية وميولهم الفكرية، عن كل ما هو متاح من كتب في أجنحة المهرجان الغنية والمتنوعة، التي تضم بين جنباتها كتب الدين والتاريخ والفلسفة والأدب والعلوم وغيرها.

30 ألف كتاب

قال منسق عام المهرجان، جهاد الطاهر، لـ«الإمارات اليوم»، إن فكرة المهرجان طرحت في عام 2003، ورأت النسخة الأولى من هذا المهرجان النور في عام 2006، تبعتها النسخة الثانية عام 2007، وذلك في القصباء، ومع النسخة الثالثة عام 2009 تم الانتقال إلى غابة النخيل، ومازلنا في هذه المنطقة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي، وكثرة الإقبال عليها واتساعها.

وأشار إلى أن المبيعات اليومية تصل نحو 30 ألف كتاب، وأعرب عن سعادته للإقبال الجماهيري الكبير على المهرجان، ولفت إلى أن هناك تبرعات مستمرة على مدار أيام المهرجان، مشيراً إلى أن لجنة المتابعة والفرز تقوم بالعمل على تنظيمها وفرزها وترتيبها، وتوزيعها على الأجنحة المخصصة لها.

ولفت إلى أن الهدف من هذا المهرجان هو التشجيع على أهمية العمل التطوعي، والتبرع والدعم، وتشجيع القراءة واقتناء الكتاب، وتوفير الكتاب بأسعار زهيدة، كما أن المهرجان بمثابة دعوة للتبرع بالكتب تتضمن نوعاً من تدوير الفكر والمعرفة بين أفراد المجتمع، ويعكس مدى ثقة أفراد المجتمع بما تقدمه المدينة والخدمات التي تتوافر لديها.

وتابع أن المهرجان فرصة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط كي يسهموا في دعم المدينة وفقاً لظروفهم وإمكاناتهم، كما أنها تضيف لهم كتباً إلى مكتباتهم، وبالتالي المزيد من المعرفة والوعي، وهي شكل من أشكال دعم المدينة، وتحقيق رغبة الجمهور في دعم المدينة، واقتداء بتوجيهات وتوجهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

فعاليات مصاحبة

لا يكتفي المهرجان بعرض الكتب من أجل بيعها بهذه الأسعار الزهيدة، بل يقدم ما هو جاذب للأطفال، فهناك الفعاليات المصاحبة للمهرجان، مثل مسابقة الرسم التي يشارك فيها طلبة المدارس الزائرة، ومسابقة للكاتب الصغير، حيث يقوم المشاركون فيها بكتابة قصص أو موضوعات تعبيرية أدبية، تخضع لتقييم لجنة تحكيم تحدد في مساء اليوم نفسه أسماء الفائزين الثلاثة في كل يوم ليتم تكريمهم بجوائز قيمة، ومن ضمن الأنشطة المصاحبة كتب زوار المهرجان أسماءهم بلغة الإشارة، وفقرات فنية قدمها طلبة من مختلف المدارس الزائرة للمهرجان، بالإضافة إلى فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية عدة، لإتاحة الفرصة أمام زوار المهرجان والمتطوعين لإبراز مواهبهم وقدراتهم الفنية والثقافية والاجتماعية.

يشتري.. يقرأ.. يعيدها

قال منسق عام المهرجان، جهاد الطاهر، إن هناك من يشتري الكتب من المهرجان، ويقرأها، ومن ثم ينتظر الموسم التالي للمهرجان كي يعيدها كتبرع، وما إن يفتح المهرجان أبوابه حتى يقوم بشراء كتب أخرى، ليعيدها في مهرجان لاحق، وهكذا.

كتب متنوعة

تتوافر في المهرجان كتب متنوعة في مختلف المجالات، وتتنوع موضوعات وتخصصات الكتب بين الدين والسياسة والفكر والأدب والتراث والأطفال والمعاجم، كما يمكن للزائر أن يعثر على كتب ومجلات قديمة، فهناك مثلاً نسخة من مجلة «الأقلام» التي تعود لعام 1965، وهي مجلة فكرية عامة، من إصدارات وزارة الثقافة والإرشاد في العراق، ونسخ من مجلة «شؤون أدبية» الشهيرة، وكتاب يحمل اسم «دراسات نفسية تربوية اجتماعية» 1978 ـ الطبعة الأولى، والطبعة الأولى من كتاب «التوجيه في عبقرية خالد» الصادر عام 1970. وموسوعة علم النفس، وصحيح البخاري، ورسائل الجاحظ، وموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للباحث عبدالوهاب المسيري، والأعمال المسرحية الكاملة لممدوح عدوان، وغيرها من الكتب القيمة. وكتب أخرى مازال الإهداء على صفحتها الأولى، بعضها إهداء من المؤلف نفسه، وبعضها يحتوي على تأريخ لزمن ويوم اقتناء الكتاب من قبل صاحبه الذي اشتراه بمناسبة ما، وملاحظات أخرى على الصفحة الأولى أو صفحة ما بعد الغلاف.

 

تويتر