تجاوز الوظيفية إلى الأيقونية.. (2-2)

التطور العمراني فــي الإمارات.. طموح لا يهدأ

صورة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/01/Zayed-bin-Sultan-Al-Nahyan-(1).jpg

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/01/29123_EY_11-01-2015_p28-p29-1.jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بُنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات.

واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.

أرقام وأحداث

2030  وضعت أبوظبي خطة 2030 التي تهدف إلى تحقيق نمو مستدام يعكس التطور الاقتصادي في الإمارة، وكذلك الحفاظ على البيئة.

828  يعد برج خليفة من المعالم المعمارية الأيقونية البارزة على مستوى العالم، ويصل ارتفاعه إلى 828 متراً، ويتألف من نحو 200 طابق، وتم افتتاحه في 2010.

2005  شهدت الإمارات ومنطقة الخليج طفرة عمرانية في الفترة من 2005 - 2008، جمعت بين الطراز العربي والإسلامي وطرز معمارية مختلفة.

1932  في عام 1932 دشنت الشارقة أول مطار لها، وافتتحت أول مدرسة ومكتبة ومبنى للبلدية فيها.


قلب الشارقة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/01/425011.jpg

تمتد مسيرة تطور الشارقة لسنوات طويلة، إذ دشنت الإمارة في عام 1932، أول مطار لها، وافتتاح أول مدرسة ومكتبة ومبنى للبلدية فيها. وتشير مصادر تاريخية إلى أن الرحلات التجارية في القرنين 16 و17 ساعدت على وجود تنوع ثقافي ظهر جلياً في ملامح العمران والبناء، وكانت أهم ملامحه بناء البراجيل كنظم تهوية طبيعية. وحالياً، تبذل الشارقة جهوداً كبيرة في الحفاظ على التراث التاريخي والعمراني لديها من خلال إعادة ترميم وإعادة بناء المباني القديمة والأثرية وفقاً للمعايير العالمية، والعمل على وقف كل المشروعات التي تشوه هذا الإرث التاريخي، وأبرز مثل على هذا الاهتمام مشروع «قلب الشارقة».


أبراج شاهقة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/01/425010.jpg

تصدّرت الإمارات في عام 2013 قائمة دول الأبراج السكنية الشاهقة المكتملة عالمياً، إذ تضم 27 برجاً من إجمالي 100 برج في القائمة. وأظهر التصنيف السنوي لمجلس المباني الشاهقة والمساكن الحضارية، أن 22 برجاً من إجمالي الأبراج الشاهقة في الإمارات توجد في دبي، وأربعة منها في أبوظبي، وواحد في الشارقة، في وقت بلغ إجمالي ارتفاعها 7572 متراً، من خلال 1796 طابقاً.

كما حملت العمارة القديمة في دولة الإمارات ملامح البيئة في الزمن الماضي، وعكست أسلوب حياة الناس في القدم، بما فيها من بساطة وإصرار على استخدام كل الإمكانات المتاحة، على بساطتها، للتأقلم مع البيئة، ومواجهة قسوة الظروف الطبيعية في المنطقة، والتعايش معها، كذلك عكست مراحل تطور العمارة عقب قيام الإمارات العربية المتحدة مراحل تطور الدولة، ومسيرتها نحو التنمية وما تضمنه ذلك من الانفتاح على أنماط الحياة العصرية في مختلف المجالات، وصولاً إلى الطفرة العمرانية التي تشهدها الدولة حالياً، والتي تجاوزت فيها إقامة أبنية ذات قيمة وظيفية، إلى تقديم نماذج أيقونة من العمارة تعد من معالم العمارة على مستوى العالم، ما يمنح المباني في الإمارات أهمية إضافية باعتبارها انعكاساً لتطور الفكر واستراتيجيات العمل في الدولة.

 

مع البدايات الأولى لقيام دولة الإمارات، كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مدركاً أن التحدي الأول والأكبر هو تحسين معيشة المواطنين من خلال توفير أساسيات الحياة الكريمة لهم، وفي مقدمتها المسكن الملائم الذي يتناسب مع التطور الذي تسعى الدولة لتحقيقه في مختلف المجالات، وفي هذا السياق، أمر الشيخ زايد في تلك الفترة بإنشاء أحياء سكنية تتضمن بيوتاً شعبية للسكان في مختلف إمارات الدولة عرفت باسم «الشعبيات»، واتسمت هذه البيوت بسمات معينة؛ فكانت مساحتها 24 × 24 متراً، وتتكون من غرف تطل على ساحة فناء داخلي، كما راعى تصميمها المعماري عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي، والحفاظ على خصوصية الحياة داخل البيت، مثل تخصيص مجلس للرجال بعيداً عن بقية البيت. ومع الوقت وتطور الدولة تحولت البيوت الشعبية إلى مؤشر إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإماراتي من خلال التغييرات التي شهدها البناء، واستناده إلى معايير أكثر فخامة واتساعاً تناسب الحياة في الإمارات.

والواقع أن مظاهر التطور العمراني سبقت قيام الدولة في بعض الإمارات، خصوصاً أبوظبي ودبي، إذ شهدت فترة الستينات تغيراً ملحوظاً في هذا المجال، سواء في شكل المباني والمواد المستخدمة، أو في وتيرة البناء، ففي أبوظبي، على سبيل المثال، وفور تولي الشيخ زايد حكم الإمارة، وضع مخططات عدة لتطويرها، وكان عدد السكان في ذاك الوقت قليلاً، وركز المخطط الأول على تحسين نوعية الحياة في المدينة وإنشاء مركز إداري جديد، وتم فيه استحداث أحياء سكنية عربية الطابع، بدلاً من الأحياء التي كانت مقسمة وفقاً للقبائل المقيمة في المدينة. في حين ركز مخطط آخر على إقامة شبكة طرق وتوفير بنى تحتية للشوارع، وأنشئ مركز للوزارات، وفي 1968 عين المهندس عبدالرحمن مخلوف الذي أنشأ دائرة التخطيط العمراني، وفي تلك الفترة شيدت معالم بارزة عدة في المدينة، مثل المجمع الثقافي ومدينة زايد الرياضية ومنطقة النادي السياحي، وظهرت البنايات المرتفعة على أطراف الأحياء، في حين كانت «الفيلات» والمساكن المنخفضة في الوسط. وكان المغفور له الشيخ زايد يشرف على كل مخططات أبوظبي العمرانية بنفسه، بحسب ما يشير الدكتور عبدالرحمن مخلوف في دراسة أصدرها عن أبوظبي.

أما دبي فبدأت نهضتها العمرانية خلال فترة السبعينات، لتنطلق نحو طفرتها العقارية التي مازالت متواصلة لتبهر العالم بما تقدمه من جديد في هذا المجال.

وساعد على سرعة وتيرة الطفرة العمرانية في دبي اكتشاف النفط وما صاحبه من زيادة كبيرة في السكان، ما تطلب مواكبة هذه الزيادة عمرانياً عبر العديد من المباني والمرافق التي شكلت البنية التحتية للإمارة، ولعل بداية مشوار دبي مع المباني العملاقة كانت عام 1978، عندما شيدت مركز دبي التجاري العالمي الذي يتألف من 39 طابقاً، من تصميم المهندس المعماري البريطاني جون هاريس، واعتبر المبنى أول ناطحة سحاب في المدينة.

 ما حققته دبي من تصدرها للمدن الأسرع نمواً على مستوى العالم لم يكن سهلاً، فإلى جانب ما يتطلبه ذلك من عمل دؤوب وإتقان، هناك صعوبات كثيرة تتم مواجهتها من أجل مواصلة النمو وتقديم نماذج معمارية مبهرة، مثل توفير المرافق والخدمات والصيانة المستمرة التي تتطلبها ناطحات السحاب، ومن التحديات الأخرى في العمارة بناء الأبراج وناطحات السحاب المرتفعة على أرض رملية ناعمة قابلة للهبوط وهدم المبنى، ولذلك يتطلب بناء ناطحات السحاب حفر العديد من الحفر التي توضع فيها أعمدة فولاذية تثبت داخل الأرض في عمق يبلغ 30 متراً حتى تصل إلى صخور الأساس، وهو أسلوب متبع في مختلف دول العالم، واستخدم في شارع الشيخ زايد الذي يضم على جانبيه أكثر من 50 ناطحة سحاب، كلها مجتمعة في شارع واحد، يبلغ ثقل الواحدة منها أكثر من 100 ألف طن رغم أنها قائمة على أرض الصحراء الرملية الناعمة.

حركة مستمرة
من الناحية العمرانية أثبتت دولة الإمارات وجودها حول العالم، وتألقها ببناء أطول الأبراج الموجودة في العالم «برج خليفة»، الذي قارب أن يصل إلى ارتفاع 1000 متر.

كما قامت ببناء وتأسيس أفضل نظم البناء التحتي عن طريق بناء أفضل محطات توليد الطاقة، وأحسن محطات تحلية المياه، ومحطات معالجة النفايات.

وأكدت الدراسات أن المشروعات الضخمة وحركة العمران التي لا تهدأ ليست أهم ما يميز الإمارات التي لا تحد طموحاتها المستحيلات، بل تسعى جاهدة وعلى الصعد كافة لإثبات نفسها مركزاً عالمياً له ثقله وأهميته الاستراتيجية.

تخطيط أبوظبي

بدأ التخطيط العمراني لأبوظبي الحديثة في بداية الستينات، لتنتقل من الأحياء القديمة التي نشأت مع الوقت حول قصر الحصن، وكانت موزعة وفقاً للقبائل المقيمة في المدينة، بحيث يتجاور أبناء القبيلة الواحدة في حي واحد. كما اتسمت البيوت في تلك الفترة بالبساطة الشديدة، وهو ما كان يتناسب مع المناخ العام وقتها، ومع بساطة الحياة والناس في ذاك الوقت.

وفي العصر الحديث، خططت أبوظبي على مراحل مختلفة، واكبت كل مرحلة منها تطوراً جديداً طرأ على المدينة، وجاءت لتلبية حاجتها للمزيد من النمو والتطور، وهو ما يجعل التكوين المعماري يبدو مثل «طبقات متتالية»، وهو أمر شائع في غالبية المدن، كل طبقة تعبر عن مرحلة بعينها بكل ما تحمله من ملامح.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر