عروض عالمية وعربية في الهواء الطلق بـ «مهرجان شرم الشيخ»

«لم يك شيئاً» دراما سعودية تهزم الغواية.. و«ضد العنف» الصربي يرفض الحروب

من العرض السعودي. الإمارات اليوم

كل شيء في تلك المدينة الساحلية المصرية، شرم الشيخ، التي تتخذ من السلام رمزاً لها، وتتباهى بأن لقبها «مدينة السلام»، لايزال حتى الآن يروج لتلك القيمة، والمعنى الذي فقدته مناطق كثيرة من العالم، وهو السلام نفسه، وهو الأمر الذي لم يتجلَّ فقط في العروض الكرنفالية والكلمات الافتتاحية لانطلاق مهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، بل أيضاً في أولى العروض المسرحية نفسها.

محمد مال الله: «اللعبة» جاهزة

قال رئيس وفد مسرح الشباب للفنون، المشارك باسم الإمارات في المسابقة الرسمية لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، إن مسرحية «اللعبة»، التي يخرجها أحمد الشامسي، أضحت جاهزة للعرض بعد أن أقامت البروفة الرئيسة بفندق إقامة الوفد، في مدينة شرم الشيخ.

وقلل مال الله من تأثير بعض الظروف المعاكسة للفرقة، لاسيما فكرة العرض ضمن مساحات غير مجهزة بالشكل الكامل لاستقبال الفرق المسرحية التي قد تعتمد من حيث الرؤية الإخراجية على مقومات المسارح المغلقة، مضيفاً «في بعض الأحيان تبقى الظروف المعاكسة أو غير المتوقعة فرصة لابتكار حلول، وهو المؤمل من العروض الشبابية المشاركة في المهرجان».

وقبل يوم من عرض «اللعبة» أكد مال الله أن جميع العقبات التي صادفت البعثة تم تذليلها.

 

وجاء العرض السعودي الأول «لم يك شيئاً»، الذي ينافس ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، في السياق ذاته، لكن بمنظور فلسفي خالص، تبقى فيه الغواية مرادفة، أو على الأقل هي المحرض الأساسي، لكل كوارث البشرية، وعلى رأسها غياب السلام.

 

واستمتع جمهور المهرجان أيضاً، ليلة أول من أمس، بالعرض الصربي «ضد العنف»، ليجسد رسالة ودعوة صريحة لإحلال السلام، والتحذير من غيابه، من خلال عودة درامية لزمن الحرب الأهلية في صربيا، وآثارها المدمرة في الإنسان واتزانه النفسي أولاً، قبل البنية التحتية المختلفة التي سُخّرت لخدمته.

قدرات ومواهب الممثلين، وقدرة المخرج على صناعة حلول لا تقليدية، تبقى هي فرس الرهان حتى الآن في العروض الشبابية، حيث فوجئ الكثير من الفرق بأن معظم العروض تقام في الهواء الطلق، وبعيداً عن إمكانات خشبات المسارح التقليدية، لتجد نفسها وجهاً لوجه أمام جمهور ليس بالضرورة نخبوياً، أو جاء خصيصاً لمتابعة العرض، بقدر ما أن بعضهم جذبته غواية التعرف على ما يتم عرضه هناك في الأفق، في هذا الموقع أو ذاك من المتنزه أو المرفق السياحي، في أجواء مفتوحة، وبوساطة مخيلات شبابية تسعى لأن تفاجئه. ومثّلت «لم يك شيئاً» السعودية، للمخرج فهد الأسمر، بداية قوية لفاعليات المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته الأولى بالعرض، وكان العرض من بطولة كل من بندر الواصلي، وائل الحربى، عبدالإله مهنى، فهد الطوري، منير السهلي، عادل بخش، مازن المطيري، وعمر العلياني، سينوغرافيا زكريا المومني، ومن تأليف إبراهيم الحارثي، وهو العرض الذي سعى لتقديم حلول لمشكلات السينوغرافيا في المسارح المفتوحة من خلال اللجوء إلى الموسيقى والمؤثرات غير الحية، التي لا يتسع لعناصرها المسرح، في ظل غياب الكواليس والانكشاف على الجمهور.

وتطرقت المسرحية لفكرة الغواية عموماً، بصيغة فلسفية من خلال طرح وجود الشيطان الذي يقوم بهدم كل ما بنته الإنسانية في لحظة واحدة، في إشارة لرفض الاستبداد والقهر والقمع في زمن صار فعل الغواية بشرياً وليس شيطانياً فقط، من خلال قوى القمع والعدوان والتسلط.

وحظي العرض السعودي بحضور جماهيري وفني جيد، كأول العروض المشاركة في المهرجان، وسط حضور لجنة التحكيم المكونة من الفنان أحمد عبدالعزيز رئيساً، ود.عايدة علام عضواً، والدكتور أيمن الشيوي مقرراً، ود.فهد السليم، الكويت، ومحمود الحديني، وبحضور الفنانة سهير المرشدي، وعدد من النقاد ووسائل الإعلام.

من جهة أخرى جاء العرض الصربي «ضد العنف» داعياً لنبذ العنف والإرهاب والتحريض على وقف الحرب في جميع أنحاء العالم، من خلال ممثلتين دار حولهما تطور الفعل الدرامي، إذ تنتمي المسرحية لعروض المسرح السياسي، وتدور أحداث القصة في بلغراد، خلال قصف «الناتو» لصربيا في عام 1999، وهو العمل الذي لعب فيه الإيقاع الموسيقي المصاحب دوراً بارزاً شكل إطار حركة الممثلتين على الخشبة بشكل كبير.

ومن خلال اللهو والمرح يُدخل «ضد العنف» الجمهور في لوحة الأضداد بعد أن تتبدل ملامح حياة بطلتي العمل من سلام وطمأنينة إلى واقع مؤلم، تستيقظان عليه بكل ما يتبعه من عذاب وصراع نفسي، سواء مع فكرة الحرب نفسها أو تبعاتها، لتجد كل منها نفسها لا تستطيع أن تتعامل مع عواقب حرب تؤدي بهما إلى الجنون.

تويتر