معرض لأربعة فنانين في مركز «تشكيل»

«وُجد».. الفن في المواد المهملة

صورة

من المواد المهملة والبقايا وجد خمسة فنانين سبيلهم لإبداع أعمال فنية غير مألوفة تحت عنوان «وُجد»، فجمعوا المواد الملقاة بالقرب من مركز تشكيل، الذي أقام هذا المعرض بعد ورشة العمل، التي أشرف عليها الفنان حازم حرب، وحولوها إلى أعمال فنية. حملت الأعمال طرحاً فنياً مميزاً يقوم على إعادة صياغة المواد، والخروج عن المألوف، فيما بدت تحمل الكثير من التحديات، خصوصاً من خلال الإسقاطات المفاهيمية التي منحت العمل بعداً فكرياً، يضاف إلى البعد البيئي والجمالي.

مشاركة في أسبوع التصميم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/378571.jpg

بعد انتهاء المعرض، يقيم «مركز تشكيل» معرضاً آخر في إطار «أسبوع دبي للتصميم»، بالتعاون مع «هيبريد آرت» لتقديم «حياكة الصوت». ويجمع المعرض، الذي أُنجز في هنغاريا، أعمال مصممة الأقمشة الهنغارية، جانيت شيرمي، والموسيقار الهنغاري بالنت تاركاني كوفاكس، وقد عرضت هذه الأعمال للمرة الأولى خلال «أسبوع فيينا للتصميم 2014». وترتكز أعمال هذا المعرض إلى أنماط مستمدة من بُسُط أنتجتها حرفيات أفغانيات يعملن في إطار «مبادرة الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد».

حملت الأعمال طرحاً فنياً مميزاً يقوم على إعادة صياغة المواد، والخروج عن المألوف، فيما بدت تحمل الكثير من التحديات، خصوصاً من خلال الإسقاطات المفاهيمية التي منحت العمل بعداً فكرياً يضاف إلى البعد البيئي والجمالي.

 استمرت ورشة العمل التي انتجت من خلالها الأعمال ثلاثة أيام، وأنتج فيها كل من ميس البيك، وهدية بدري، وعمار العطار، وسيما راو وتمسين وايلدي أعمالهم من خلال المواد التي عثروا عليها، والتي تباينت بين أخشاب وحديد ومقاعد وكراسي. وأشرف على الأعمال والورشة الفنان حازم حرب الذي قدم عملاً أيضاً في المعرض.

يحملنا المعرض، الذي يستمر حتى 22 الجاري، إلى عوالم مختلفة، فلكل فنان أسلوبه في الطرح الفني، إذ يأخذنا عمار العطار إلى عالم السينما من خلال الألواح الخشبية التي أخذها من مقاعد السينما منذ سنوات بعيدة، إلى جانب الملصقات القديمة التي تحدد للناس طريقة الجلوس في السينما، وكذلك من خلال «النيجاتيف» الذي كان يستخدم لتظهير الأفلام، هذا إلى جانب الصناديق البلاستيكية للمشروبات الغازية التي كانت تباع في السينما. حصل العطار على كل هذه المواد من السينما، إلى جانب العقود الخاصة بالأرض، فشكل عمله نافذة على الماضي الجميل بألوانه المعتقة.

أما هدية بدري فقدمت مفهوم الترابط من خلال المواد التي استخدمتها، ولاسيما الكراسي التي كانت تشبك الشرائط المنزوعة منها مع بعضها بعضاً، ثم قدمت أيضاً من خلال الخشب والحديد مفهوم التشابك ليبدو العمل، من خلال الشكل النهائي والظلال الناتجة عنه، كما لو أنه حروف عربية مقروءة. في حين أبدت سيما راو أهمية كبيرة للأشكال الهندسية من خلال الصناديق الكرتونية التي كانت ترسم أشكالها حين تُفتح على الأرض. وحمل عمل تامسين وايلدي مفهوم الذاكرة وكيف ترتبط بالأِشياء من خلال الأحجار والحديد، بينما قدمت ميس البيك عملها من أعمدة الحديد التي وضعت بالقرب منها الأحجار للدلالة على مفهوم البناء، ليأخذنا في الأخير الفنان حازم حرب من خلال عمله الموجود إلى مفهوم المدينة العضوية، عبر الخشب الذي استخدمه في العمل الذي يعني له الكثير، خصوصاً أنه يرتبط بذاكرته ببيته في إيطاليا، الذي يشعر فيه بالحميمية والارتباط بالأشياء، بخلاف ما يفعله الأسمنت القاسي والصلب، الذي يجمد الحواس مع الأشياء.

وعن التجربة قال المشرف على الورشة، الفنان حازم حرب، إن «إنتاج الأعمال لم يستغرق الكثير من الوقت، ففي البداية طرحنا مفهوم إعادة التدوير، لكن كان الجزء المهم في الورشة هو النقاش، ولاسيما أن الأخير لا يوجد له الكثير من الفرص في عصرنا». ولفت إلى أن جزءاً مهماً من أهداف الورشة هو الحرية المطلقة لاستخدام أي مادة، موضحاً «طلبت بكل حرية اختيار أي مادة من الحديقة أو المعرض، وبدأنا بشكل تعاوني تبادل المواد مع بعضها بعضاً، بعد ذلك هناك من فكر أن يربط المواد بمفهوم، ومنهم عمل ميس البيك التي قامت بربط المواد الحديدية التي وجدتها بمفهوم العمارة». وأشار حرب إلى أن الفن يرتبط بالتاريخ، وهناك كثير من الفنانين الذين ارتبطت أعمالهم بذاكرة الأشياء، وهذه الإعادة للذاكرة تكون بهدف تقديم أسئلة حول إمكانية تطوير الأشياء وليس بهدف تقديم طرح نوستالجي فقط، مبيناً أن عمل عمار العطار يستحق أن يعرض في متحف، لأنه قطعة تحمل الكثير من المواد والوثائق، فالفنان قد وجد عقد السينما للأرض ولديه توثيق تاريخي مهم جداً أعاد صياغته بهذا الأسلوب المميز، ما يعني أن العمل قابل للتطوير.

ونوه بأنه يحب العمل الجماعي بشكل عام، ولا يحبذ فكرة الإشراف فحسب، مؤكداً أن فكرة الورشة مهمة لتبادل الأفكار والآراء، وعملية الاستلهام، والاحتكاك، لافتاً إلى أنه قدم عملاً يعيد النظر في فكرة المدينة العضوية المتصالحة مع الطبيعة، نظراً إلى حبه للمشاركة في المعرض.

وأشاد حرب بوجود بعض الأعمال الفنية التوعوية، فالفن يرتبط بالاجتماع والاقتصاد وكل نواحي الحياة، والفن المفاهيمي يطرح مجموعة من الأفكار، ولكن التوجه الشخصي أحياناً والمشكلات الشخصية والأحلام والأفكار الشخصية تكون جزءاً من العمل ثم ترتبط بمفهوم عام، وهذا قد انعكس في بعض الأعمال.

وشدد على أنه حاول من خلال الورشة تقديم عملية توعوية للتفكير بوسائط ووسائل مختلفة، مع التأكيد على الحرية التامة لإنتاج عمل فني، وعدم ربط الجانب المادي للفنان كي لا يقيده، معتبراً الفن قد خرج عن نطاق الورقة والقلم وذهب إلى مكان آخر، مشدداً على أن الفن الصادق يكون واضحاً من خلال المفهوم والشكل والهيئة.

وقيم حرب الأعمال بكونها ذات قيمة عالية، خصوصاً لجهة الثيمة التي تحملها، فالهدف هو ما يلازم الفنان، ولاسيما أن الفن اليوم خرج عن نطاق اللوحات الموجودة في المتاحف، بل هو مرتبط بكل نواحي الحياة.

وأشار إلى أن اختياره للإشراف على الورشة مسؤولية مميزة، خصوصاً كفنان عربي، مؤكداً أنها لا تحمل الكثير من الصعوبات بقدرة المتعة والإفادة، وأن تكرار تنظيم ورشات مشابهة من شأنه أن يدعم الحركة الفنية، ويخفف التحديات التي قد تواجه الفنان الشاب للوصول للناس والصالات، خصوصاً في بداية مشواره، فالورش تشجع على الحرية المطلقة للإبداع بلا قيود مادية على الفنان.

تويتر