3 أعمال متشابهة.. ورابع يُرعب ضيوفه بـ «زلزال» وهمي

برامج «مقالب الــــــطائرات» اختراق يومي لـ «القيم»

صورة

لم تتمكن إشارة حجب الصوت من إخفاء كثير من الألفاظ المبتذلة التي يجد مشاهدو برامج المقالب أنفسهم أمامها يومياً، على قنوات مختلفة، معظمها يبدأ بثه بعد الإفطار، حسب توقيت البلد المستهدف بشكل أكبر في كعكة الإعلان، في حين تبقى بعض برامج هذه النوعية تدور في إطار السعي إلى رسم بسمة خفيفة من خلال مفارقات تولدها المواقف.

هشام سليم: خروج عن المسموح به

شنّ الفنان هشام سليم هجوماً شديداً على الصورة التي ظهر بها كثير من الفنانين عبر برامج الكاميرا الخفية. وقال عبر مداخلة تلفزيونية، أول من أمس، إن «المقابل المادي الذي يتقاضاه الفنان، من أجل ظهوره في تلك البرامج التي تشوه قيمة ما، لا يمكن أن يكون مبرراً لذلك».

وأيد سليم اتخاذ نقابة المهن التمثيلية في مصر قرارات تأديبية بحق من يتورطون في إساءات لفظية، سواء في تلك البرامج أو غيرها من المسلسلات التي تعج بألفاظ خادشة للحياء، وفق قوله.
سليم الذي حل ضيفاً، عبر مداخلة تلفزيونية، على برنامج «العاشرة مساء» الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي على قناة «دريم 2»، أكد أن غياب الحزم أمام هذه الظاهرة يؤدي إلى سيادة موجة من الإنتاج المسيء ليس فقط لجمهور المشاهدين، بل للقيم الكبيرة التي يجب أن يمثلها الفن والفنانون في المجتمع.


أشرف زكي: فهم خاطئ لـ «حرية الإبداع»

قال نقيب المهن التمثيلية في مصر، الفنان أشرف زكي، عبر برنامج «العاشرة مساء»، أول من أمس، إن «الصورة التي ظهر عليها كثير من الفنانين في برامج مقالب، وما تخللها من ألفاظ مسيئة، هي صورة لا تخدم دور الفن في المجتمع، ولا تحافظ على مكانة الفنان اللائقة فيه»، واعتبر «ركوب هذه الموجة والتذرع بحرية الإبداع، فهماً خاطئاً لحرية الإبداع».

ودافع زكي عن بيان أصدرته نقابة المهن التمثيلية، تدين فيه تكريس تلك الصورة المسيئة، سواء عبر البرامج أو أعمال درامية، مؤكداً أنه سيتم اتخاذ إجراءات رادعة توقف هذه الظاهرة التي تشوه دور

الفن ومكانة الفنان.
ويتعرض زكي لضغوط كبيرة بسبب إصدار البيان من قبل نقابة المهن التمثيلية، حيث اتهمه بعض الفنانين والنقاد بأنه «بمثابة تقويض لحرية الإبداع»، في حين أشار زكي إلى أن البيان يوضح الحدود الفاصلة بين حرية الإبداع، وبين التجاوزات الأخلاقية التي يجب ألا يكون محلها الفنان أو الإنتاج الفني عموماً.

ثلاثة برامج دفعة واحدة تستعين فيها شركة الإنتاج بطائرات، من أجل «إخافة» الضيف الضحية، وهو أمر يصعب أن يكون بمحض المصادفة، بل تسريب مبكر لفكرة تم استنساخها، مع بعض الاختلاف، في حين أن برنامجاً رابعاً يدور في إطار المبالغة في إخافة الضيف الضحية، ولكن على الأرض هذه المرة، من خلال ذبذبات قوية تصيب أرضية وجدران الاستوديو، الذي تم إعداده على نحو يوهم الضيف بوقوع زلزال مدمر.

بذاءة الألفاظ التي يتفوه بها «الضحية»، تبقى أيضاً حاضرة في معظم الحلقات، في اختراق يومي لدائرة «القيم» التي لا تحميها إشارة التشويش الإلكترونية على الصوت، لأن منطوق ومدلول الكلام يبقى واضحاً، ولا تفعل تلك الإشارة سوى إسقاط حق التقاضي المفترض الذي قد يُفعّله البعض، وهو ما تم بالفعل بمجرد بث الحلقات الأولى من تلك البرامج.

«الأكثر مشاهدة» سيكون حتماً لمصلحة تلك النوعية من البرامج، لكن هذا المعيار نفسه يبقى ملازماً لأخبار ساذجة وسطحية تصل درجة صدقيتها إلى مستوى الشائعة، عن غيرها. وهو معيار في ما يتعلق بالبرامج، لم يعد مقترناً بأكثرها أهمية، أو شعبية، بقدر ما يحيط بأكثرها من «إثارة». وعلى الرغم من الهالة التي يحاط به البرنامج، إلا أنها هالة مؤقتة، وسرعان ما تتبدد من الذاكرة.

أكثر تلك البرامج شهرة خلال الأيام القليلة التي مضت من رمضان المبارك، هو برنامج «رامز واكل الجو»، الذي يبث بشكل حصري على قناة «إم بي سي مصر»، حيث يتم إيهام الضيف بأنه بصدد جولة بالطائرة ضمن برنامج افتتاح فندق في دبي، قبل أن يتم تعريض الطائرة لظروف توحي بأنها موشكة على السقوط، في الوقت الذي يتم إخضاع الضيف لسلسلة من المواقف المستفزة، التي يكون مصدرها دائماً الممثل المصري رامز جلال، الذي يتخفى عبر عدد من الأقنعة التي تتبدل بتبدل الحلقات.

فكرة المواقف العصيبة ليست جديدة على برامج المقالب، رغم أنها حَرَفتها بالأساس عن طبيعتها التي تهدف إلى استثمار دهشة المفارقة لرسم ابتسامة خفيفة، مقتدية بكثير من البرامج الغربية.

وكان الراحل فؤاد المهندس في ثمانينات القرن الماضي أول من قدم هذا النوع عبر برنامج «الكاميرا الخفية»، وحينها اكتفى كممثل شهير بالتقديم، وتم إسناد استدراج الضحية إلى ممثلين غير معروفين، قبل أن تنتشر الفكرة بشكل أكبر عربياً في أفكار وبرامج كثيرة، منها «زكية زكريا» التي قدمها الممثل إبراهيم نصر، وغيرها.

جعل الضيف متوتراً بقصد إثارة الضحكة، وليس السخرية، ظل فيصلاً بين نوعين من برامج الكاميرا الخفية، وحتى تلك البرامج التي راهنت على السخرية اللاذعة، لم تكن تصل بدرجة انفعال الضيف إلى هذا الحد، الذي من البديهي، في حال كان ما يتم تصويره غير متفق عليه. وهو ما ثبت في بعض نسخ تلك البرامج، حينما يتعلق الأمر بتوهم الضيف بأنه موشك على فقدان حياته بسبب حادث.

وما بين «رامز واكل الجو» الذي يقدمه رامز جلال، و«هبوط اضطراري» الذي يقدمه هاني رمزي، وكذلك «التجربة الخفية» الذي يقدمه شادي ألفونس وخالد منصور، مستثمرين إطلالتهما السابقة في برنامج «البرنامج» مع باسم يوسف، كعامل مشترك أساسي، ليس فقط في أن «المقلب» يتم عبر طائرة، بل إن ميزانية كبرى تم رصدها لكل منها، كانت كفيلة لصناعة أعمال حقيقية تجمع ما بين متعة المشاهدة واحترام المشاهد، بدلاً من أن تقحم على المشاهد، خصوصاً أن القنوات التي تعرض تلك البرامج تبحث دوماً عن أوقات «ذروة المشاهدة»، في معادلة يحركها دوماً البحث عن حصة أكبر من كعكة «الإعلان».

يذكر أن فكرة برنامج «هبوط اضطراري» لهاني رمزي تقوم على تعريض الضيف لمواقف تشعره بأن الطائرة على وشك السقوط، وهي الفكرة ذاتها التي يعتمد عليها برنامج «رامز واكل الجو» مع اختلاف التفاصيل، في حين تقوم فكرة برنامج «التجربة الخفية» حول ادعاء عطل يصيب المظلة التي يُطلب من الضيف القفز بها، وجميعها مواقف تدخل الضيوف في موجات من الانفعال الذي لا يخلو من العبارات البذيئة، وبصفة خاصة في برنامج «رامز واكل الجو».

تويتر