معرض يضم أعمالاً لـ 30 فناناً ضمن فعاليات «مهرجان أبوظبي 2015»

«نظرة من الداخل».. حكــــايا الغربة والوطن والحنين

صورة

الوطن والعائلة وقضايا الهوية وحكايا الغربة.. عناوين لموضوعات طالما كانت، وستظل، أثيرة لدى الفنان، لما تحمله من خصوصية، فمهما قدمت أعمال تعبر عن هذه القضايا تبقى هناك زوايا خاصة بكل فنان، يمكن من خلالها تقديم الجديد. وفي معرض «نظرة من الداخل: الفن العربي المعاصر، تصوير، فيديو ووسائط متعددة»؛ الذي يقام ضمن فعاليات «مهرجان أبوظبي 2015»، في غاليري قصر الإمارات في أبوظبي، ويستضيف فيه المهرجان معرض فوتوفست للصور المشهود له عالمياً، وهي المرة الأولى في تاريخ العالم العربي، التي تتم فيها استضافة هذا المعرض.

سيرة «ابتسام»

«عمدت، من خلال هذا العمل، السيرة الذاتية 3 - 7 الجزء الثاني، وهو الجزء الثاني والأخير للسيرة الذاتية 3 - 5، إلى مزج التوثيق والدراما المسرحية معاً».. بهذه الكلمات تصف الفنانة ابتسام عبدالعزيز عملها «السيرة الذاتية»، الذي تشارك به في المعرض، وهو عرض فيديو يتحول فيه جسد الفنانة، النقطة المركزية لالتقاء العناصر المادية والاجتماعية. وأضافت «تسلسل الأرقام الخضراء الزاهية، التي قمت بطباعتها على سطح الحقيبة السوداء هي أرقام ذات دلالات، فهي تطلعنا على مكان وتاريخ إجراء معاملاتي المالية، استناداً إلى البيانات المصرفية التي جمعتها خلال الفترة بين عامي 2003 و2005، لذا فإن الأرقام عبارة عن ملخص لسيرتي الذاتية، خلال فترة معينة من الزمن، كما أنني اخترت الألوان الصاخبة التي تلفت الانتباه لطباعة الأرقام، كي أجسد تقنيات الإعلان العصرية، التي تستخدم لشد انتباه المشاهدين».

وتشير ابتسام عبدالعزيز إلى أن «السيرة الذاتية 3 – 7» عبارة عن نقد ساخر لهذه المجتمعات الاستهلاكية، التي تعكس مرحلة تحول الإنسان إلى رمز، أو مجموعة من الأرقام، والتي تغير خلالها جسد الفنان ليصبح علامة تجارية مشهورة، أو شعاراً مطبوعاً على القمصان، يتم تعليقها على لوحات الإعلانات العملاقة.

يضم المعرض، الذي يفتتح مساء غد؛ أعمالاً لأكثر من 30 فناناً عربياً من 12 جنسية مختلفة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يعرض صور فناني الوسائط المتعددة العرب من معرض «فوتوفست»، والتي صممت لمعرض بينالي فوتوفست الدولي الـ15 في هيوستن، بتكساس.

وتشمل الأعمال المعروضة الأعمال الفنية متعددة الوسائط، والعديد من الصور والفيديوهات لنخبة من الفنانين العرب؛ في خطوة تأتي لتأكيد أهمية مهرجان أبوظبي كحدث ثقافي رائد في المنطقة.

ويتناول العديد من الأعمال قضايا حول تنوع الهوية بين العالمية والمحلية في العالم العربي، ويستعرض الفنانون التغيرات الاجتماعية والبيئية في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب النمو السريع لتكنولوجيا الاتصالات، ضمن المفهوم التقليدي لعلاقة المرء بـ«الوطن» و«العائلة»، والتي بدورها أوجدت تجربة واسعة النطاق مع موضوعي الشتات والنزوح. كما تكشف هذه الأعمال معاً، عن عمق وجمال الحياة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليوم. ويظهر الفنانون من خلال ما يعكسونه بأعمالهم الدقيقة، والتي غالباً تتمتع بروح الدعابة فهماً عميقاً للحياة بالمنطقة العربية في الوقت الراهن.

ومن الفنانين المشاركين ابتسام عبدالعزيز وكريمة الشوملي ولمياء قرقاش ومحمد كاظم من الإمارات، ومن الفنانين العرب طارق الغصين، كميل زكريا، صديق الفراجي، للا السيدي، حازم طه حسين، منال الدويان، تمام عزام، ريم الفيصل، أحمد مطر، بشرى المتوكل، وغيرهم.

«حادثة اختفاء» هو عنوان عمل الفنانة السعودية منال الدويان، الذي يقوم على استكشاف كيفية تصوير وسائل الإعلام للمرأة السعودية، خصوصاً في إيقاع الصحف اليومية التي تقوم بنقل فكرتها إلى الجماهير، وتكرار هذه الفكرة يوجد نوعاً من الصورة النمطية بين الجنسين، التي بإمكانها تغيير نظرة المجتمع تجاه النساء والفتيات بشكل كبير. ومن خلال وضع اللغة في مواجهة الصور المرئية، سعت الفنانة إلى إيجاد حالة من التوتر بين الكلمة المكتوبة والصورة المرئية.

وتقول الفنانة «أقوم باستخدام صور تقليدية جمعتها من وسائل الإعلام على مدى عامين ماضيين، وأضيف إليها تعليقاً يرتبط بشخصية المرأة، على غرار الحب والشجاعة والسعادة والذكاء، حيث أقوم بإيجاد حالة من التوتر بين الكلمات والصور المرتبطة بها، وهي رابطة مربكة بحق، وذلك بهدف تسليط الضوء على الإهمال الكبير الذي يتم تصوير النساء في إطاره، والخطر الناجم عن الاستخدام المتكرر لهذه الصورة».

أما في عملها «مساحات العقل» 2009، فتعكس الفنانة ذاتها كشخص، وهي حالة وصفية ورمزية لمجتمع وشعب يعيش ضمن حيز جغرافي حضري محدد، حيث يظهر الصراع الشديد القائم على الوجود الفعلي للفنانة ضمن واقع الحياة، عوضاً عن وجودها في مساحاتها العقلية التي تنتمي إليها، منتجة بذلك مشهداً سريالياً، يتيح للفنانة القدرة على التلاعب، وإعادة اختراع وتعبئة الواقع ضمن جغرافيتها وفضائها الخاص، دون تغييرها بشكل ملموس.

ويشارك الفنان صادق الفراجي بأكثر من عمل، من بينها عمل بعنوان «مراحل اكتساب المعرفة» 2013، الذي يأتي معبراً عن الموضوعات الفلسفية التي شكلت مصدر إلهام لجميع أعمال الفنان منذ نحو ثلاثة عقود، فيصف العمل ثلاث مراحل من حالة الوعي في ثلاث لوحات؛ في اللوحة الأولى تقف الشخصية منتصبةً وهي تجهل ما يحيط بها، كما لو أنها تحدّق في الأرض، مجسدة حالة الرضا بالجهل. أما اللوحة التالية فإنها تصور الشخصية الذكورية الغامضة خلال مرحلة الصحوة، من أجل الخراب الذي يواجه البشرية، وهي تجربة تمنحه وزناً جديداً من خلال وضعيته المجوفة. أما في اللوحة الأخيرة من هذه الثلاثية، فتبرز شخصية الفراجي الضعيفة بقوة ضمن بيئته، يلفها التواضع نتيجة الوقوف على حقيقة البؤس السائد في العالم، فهي تنحني بأسى».

وعرف الفنان طارق الغصين بأعماله التي تعالج قضايا الهوية والتهجير والعلاقة البنيوية، التي تجمع الإنسان بالطبيعة، خصوصاً التي تتعلق بعمليات تحويل المساحات والمناظر الطبيعية. ولعل من أشهر أعماله لوحة «الظلال الوحيدة»، التي يظهر فيها رجل في الصحراء، والتي تجسد مشاعر الشك والعزلة التي غالباً ترافقت مع تجربة الشتات القسري، التي عانى منها كثيرون من الفلسطينيين جراء انفصالهم عن وطنهم الأم. ويشارك الغصين في المعرض بأعمال من بينها «المجموعة دي»، التي تمثل رحلة استكشاف لدراسة العلاقة بين الموضوع والمكان، بهدف استكشاف كيف يؤثر ويتأثر الفرد بالمكان المحيط به، مع التركيز على العلاقة بين الشخصية الوحيدة والحدود المؤقتة التي تحدد المكان. «هذا سري» مشروع يسعى منه الشيخ خالد بن حمد بن أحمد آل ثاني إلى إنشاء لغة تصوير فوتوغرافية قطرية فريدة من نوعها وأصيلة، حيث يقوم بدراسة واستكشاف الأراضي والبراري القطرية بشكل أدق من أي مصور آخر. وقد تم التقاط صور مشروع «هذا سري» بين عامي 2008 و2012، عندما قام باجتياز الأراضي القطرية وحده بواسطة سيارة دفع رباعية، متسلحاً بكاميرا من نوع لايكا. تقع المناظر الطبيعية المرصودة في هذا العمل بعيداً عن امتداد وتدخل الإنسان، لذا تعد هذه الصور وقفة شعرية تأملية حول الطبيعة، وانعكاساً للتحول الثقافي والبيئي الكبير الذي تشهده قطر حالياً. وما يميز الشيخ خالد بن حمد بن أحمد آل ثاني، عن غيره من المصورين، أنه يلتقط صوراً للصحراء بالأسود والأبيض، وبعدم استخدامه تقنيات التصوير الرقمي.

أيضاً يتضمن المعرض أعمالاً لفنانين من بينهم تمام عزام، الذي يتناول ما يحدث في وطنه سورية، وما تشهده من تدمير؛ وعمار البيك الذي يقدم أعمال فيديو، مثل «حصاد الضوء»، و«كانوا هنا»، وريم الفيصل التي تتناول أجواء الحج، وتعمل على نقل الروح الهائلة التي تكتسبها مكة المكرمة في موسم الحج.

في حين تتناول بشرى المتوكل في عملها «ماذا لو» الحجاب أو النقاب ومدلولاته.

بينما ترصد شادية عالم في عملها «كعبة الله العليا» التغييرات التي طالت مدينة مكة المكرمة طوال العقد الماضي، والعمل على إعادة بناء مكة المكرمة الحديثة والمعاصرة ضمن عمل فني.

بينما يرمي هشام بينوهود في عمله «النسخة الذاتية» إلى استكشاف مفاهيم الهوية والتفرد، ففي أعماله السابقة حول الفنان وجهه ورأسه إلى هياكل مادية مصنوعة من الخيوط والأسلاك والأشرطة والكرتون. ومن خلال هذه الصور يوسع نطاق هذا التحول الذاتي، من خلال إعادة اللمسة الرقمية إلى بشرته الخاصة.

تويتر