فاتن حمامة غابت عن 83 عاماً

مصر تودّع «وجه القمر»

صورة

ودّعت «الشاشة العربية»، «سيدتها» الفنانة فاتن حمامة، التي غابت، أول من أمس، عن 83 عاماً، بعد رحلة مع الفن تجاوزت الـ75 عاماً، إذ بدأت رحلتها مع السينما وهي طفلة، وقدمت نحو 100 فيلم سينمائي، إضافة إلى عدد من المسلسلات التلفزيونية.

مشهد أخير

مشهد أخير، يليق بسيدة الشاشة العربية، كان مشهد جنازة فاتن حمامة التي شيّعت، أمس، من مسجد الحصري في منطقة السادس من أكتوبر، إذ شيّعها جمهور كبير، شعبي ورسمي، وحضر الجنازة ساسة ومثقفون ومحبون لقيمة الفنانة الكبيرة. وقال رئيس الوزراء المصري، المهندس إبراهيم محلب، برحيل سيدة الشاشة العربية: «فقد الفن الراقي أحد أعمدته الأساسية، فقد أثرت الراحلة ذاكرة الفن المصري، بل العربى، بأعمالها التي ستظل راسخة في الأذهان، كما كانت الراحلة ذات موقف وطني واضح، برز في حواراتها الصحافية الأخيرة، التي عبّرت خلالها عن عشقها لتراب هذا البلد».

آخر عمالقة الفن السابع

قال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية اللبنانية، فؤاد السنيورة: «برحيل الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، باتت الشاشة العربية، من دون سيدتها المحترمة الرصينة التي مثلت بلدها وأمتها وقدمت نموذجاً راقياً ومحترماً عن الثقافة والفن والإبداع، الذي يعكس عادة مستوى الرقي والتقدم لدى الأمم. وقد كانت فاتن حمامة في المقدمة، وبرحيلها فقدنا آخر عمالقة الفن السابع من الزمن الجميل. الزمن، الذي كنا نتطلع فيه إلى نهوض ثقافي وحضاري كبير». وأضاف السنيورة: «رحم الله فاتن حمامة التي انضمت إلى عمالقة آخرين فارقونا أمثال عبدالوهاب وأم كلثوم وصباح. ونتقدم بالتعزية الحارة إلى اللبنانيين والشعب المصري والجمهور العربي على هذه الخسارة الكبيرة، آملين ان تتحقق أمنيتنا بنهوض فني وثقافي في عالمنا العربي».

رئاسة الجمهورية: فقدنا قامة وقيمة فنية

نعت رئاسة الجمهورية بمصر الفنانة الراحلة «رمز الفن المصري الأصيل والالتزام بآدابه وأخلاقه».

وقالت في بيان، إنها «تنعي ببالغ الحزن والأسى الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، التي وافتها المنية، وتتقدم لأسرتها وذويها وكل محبيها من أبناء مصر والوطن العربي بخالص التعازي والمواساة».

وأضافت أن «مصر والعالم العربي فقدا قامة وقيمة فنية مبدعة، طالما أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية. وستظل الفقيدة، التي أضفت السعادة على قلوب جموع المصريين والمواطنين العرب بإطلالتها الفنية وعطائها الممتد وأعمالها الإبداعية، رمزاً للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه».

خبر رحيل صاحبة «أيامنا الحلوة» و«دعاء الكروان» و«وجه القمر» و«ضمير أبله حكمت»، لم يمر عابراً، إذ سادت في البداية حالة من الالتباس على شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، فبينما أكد البعض النبأ، سارع آخرون إلى النفي، مشيرين إلى أنه «شائعة»، لكن تأكد الخبر وفق ما أعلن نجلها طارق الشريف لوكالة «فرانس برس».

وذكر التلفزيون المصري أن رئاسة الجمهورية نعت «ببالغ الحزن والأسى» الفنانة المصرية.

وأشارت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إلى أن فاتن حمامة توفيت إثر أزمة صحية مفاجئة. وأضافت أن «الفنانة الراحلة تعرّضت لأزمة صحية منذ أسابيع عدة استدعت نقلها إلى المستشفى تحت إشراف زوجها الدكتور محمد عبدالوهاب، وخرجت بعد أن تماثلت للشفاء، ثم تعرّضت إلى وعكة صحية مفاجئة توفيت على إثرها».

وذكرت صحيفة «الأهرام» اليومية أن وفداً من نقابة المهن السينمائية توجه إلى منزل الفنانة الراحلة. ونقلت الصحيفة عن نقيب المهن التمثيلية، أشرف عبدالغفور، قوله إن «الوسط الفني أصيب بصدمة كبيرة فور انتشار خبر وفاة الفنانة الكبيرة».

وقال مقربون من الفنانة الراحلة إنها أوصت بعدم إقامة سرادق عزاء لها، لكن هذه المعلومات لم تتأكد بعد من زوجها.

ولدت فاتن أحمد حمامة في السابع من مايو عام 1931، وبدأت رحلة التمثيل في السينما في وقت مبكر حين اشتركت بدور قصير عام 1940 في فيلم «يوم سعيد»، الذي قام ببطولته المطرب محمد عبدالوهاب.

وأتيح لها أن تعمل مع معظم مخرجي السينما، ابتداءً من محمد كريم في «يوم سعيد»، ثم بركات ويوسف شاهين وصلاح أبوسيف، وانتهاءً بخيري بشارة في «يوم مر.. يوم حلو» عام 1988، وداود عبدالسيد في آخر أفلامها «أرض الأحلام» عام 1993.

كما وقفت أمام معظم نجوم التمثيل والغناء في مصر، ابتداءً من يوسف وهبي، وأنور وجدي، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وانتهاءً بمحمود ياسين، ومحمد منير، ويحيى الفخراني. وأطلق عليها في سبعينات القرن الـ20 لقب «سيدة الشاشة العربية».

وفي استفتاء حول أفضل 100 فيلم مصري بمناسبة مئوية السينما عام 1996، جاءت فاتن حمامة في المرتبة الأولى، إذ تضمنت القائمة أكبر عدد من الأفلام التي شاركت في بطولتها، متقدمة غيرها من الممثلات المصريات في القرن الـ20.

ومن بين أفلامها في تلك القائمة «ابن النيل»، و«المنزل رقم 13»، و«صراع في الوادي»، و«دعاء الكروان»، و«الحرام»، و«إمبراطورية ميم»، و«أريد حلاً». وقدم فيلم «أريد حلاً» نقداً لاذعاً لقوانين الزواج والطلاق في مصر. وبعد الفيلم قامت الحكومة المصرية بإلغاء القانون الذي يمنع النساء من تطليق أزواجهن وبالتالي سمحت بالخُلع.

ولم تخرج حمامة كثيراً في اختياراتها السينمائية عن أدوار الفتاة المظلومة، أو السيدة الجادة التي تواجه الاضطهاد بالصبر. وحين جربت أن تقوم بدور مختلف في فيلم «لا أنام»، الذي أخرجه صلاح أبوسيف عام 1957 فشل الفيلم تجارياً.

وأدت حمامة في هذا الفيلم دور فتاة شريرة مصابة بعقدة تجاه والدها، فلا تحتمل فكرة أن تستمر معه زوجة إذ كانت تسارع إلى تدبير المكائد لزوجات أبيها. واحتشد الفيلم بأكبر عدد من النجوم الذين لم يتح لفيلم آخر أن يجمع بينهم في تاريخ السينما المصرية، ومنهم عمر الشريف ويحيى شاهين ورشدي أباظة وعماد حمدي وهند رستم ومريم فخرالدين.

وأرجع نقاد فشل فيلم «لا أنام» إلى دهشة المشاهدين أو صدمتهم في نجمتهم المفضلة التي عودتهم على نمط محدد يبدو حتى من عناوين أفلامها السابقة ومنها «ملاك الرحمة»، و«نور من السماء»، و«أنا بنت ناس»، و«ست البيت»، و«ارحم دموعي»، و«أشكي لمين»، و«ظلموني الناس»، و«حب ودموع».

تزوجت فاتن حمامة من المخرج المصري عزالدين ذو الفقار (1919-1963)، الذي أخرج لها بعض الأعمال. وبعد طلاقهما وزواجها من الممثل المصري عمر الشريف أخرج لها ذو الفقار أفلاماً منها «موعد مع السعادة»، وشاركتها في بطولته ابنتهما نادية عزالدين ذو الفقار، و«طريق الأمل»، و«بين الأطلال»، و«نهر الحب»، وأدى عمر الشريف دور بطولة الفيلم الأخير. وتزوج الشريف وفاتن عام 1955، ولهما ابن واحد هو طارق عمر الشريف.

وقامت حمامة ببطولة عدد محدود من المسلسلات التلفزيونية، من بينها «ضمير أبلة حكمت»، و«وجه القمر».

ونالت الممثلة الراحلة عدداً من الجوائز في مهرجانات عربية وأجنبية، منها جائزة من مهرجان طهران عام 1977 عن فيلم «أفواه وأرانب»، وجائزة أحسن ممثلة من مهرجان قرطاج عن فيلم «يوم مر.. يوم حلو» عام 1988. كما كرمت عن مشوارها الفني في بعض المهرجانات العربية ومن آخرها المهرجان الدولي الأول لفيلم المرأة بالمغرب عام 2004.

وكان آخر تكريم لها في عيد الفن المصري في 14 مارس الماضي، إذ كرمها الرئيس المؤقت آنذاك عدلي منصور.

تويتر