«الذاكرة الحيفاوية» في كتاب ومتحف

صدر عن «الآن» في عمّان كتاب «متحف الذاكرة الحيفاوية» للكاتب والشاعر الدكتور سميح مسعود. ويتضمن الكتاب سرداً لجزء من سيرة الكاتب لذاكرة الطفولة والصبا في مدينة حيفا. وجاء الكتاب في «مقدمة»، و«مدخل عام»، وتضمن فصولاً تتناول: «مقتنيات شخصية 1»، «مقتنيات شخصية 2»، «مقتنيات عامة»، «مجلات قديمة»، «مكاحل»، «أوانٍ منزلية»، «حلي تقليدية»، «نقود»، «طوابع بريدية»، «راديوهات»، «مصابيح» و«مفاتيح».

يوثق الكتاب للتراث الفلسطيني عموماً ولمدينة حيفا خصوصاً، حيث تمثل مقتنيات الكاتب «متحفاً للذاكرة» في تفاصيلها إبداعات فنون وصناعات تقليدية يدوية وتلقي الضوء على جانب من العادات والتقاليد، وتظهر الصورة الحقيقية لهوية الشعب الفلسطيني.

وتكشف مقدمة الكاتب مسعود عن بداية اهتمامه بجمع هذه المقتنيات، وقال «من حسن حظي أنني أحتفظ بمقتنيات مادية تراثية قديمة لوالدي، تنوعت بين أغراض شخصية وأوانٍ وأدوات منزلية متصلة بما يتعلق بحياة أسرتي في حيفا»، مشيراً إلى ما تُجسّده هذه المقتنيات من لوحة ثرية ترسم ملامح نابضة بالحياة عن حيفا وعن طفولته فيها.

هذه الهواية التي ورثها الكاتب عن والده عبدالفتاح مسعود الذي كان موظفاً في دائرة البريد بشارع الملوك في حيفا، حثته في ما بعد للحصول على عدد غير قليل من المقتنيات المرتبطة بالتراث، في مجال السجاد والفضيات والنحاسيات والزجاجيات والفخاريات والأثاث القديم، والمسكوكات من النقود المعدنية الرومانية والبيزنطية والساسانية (الكسروية) على شكل دنانير ودراهم كانت متداولة في الدول العربية، وكذلك النقود المعدنية الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية والسلجوقية.

وفي مقدمته المعنونة بـ«حضور المكان في المنفى.. الرواية الفلسطينية في مقتنيات سميح مسعود»، قال المؤرخ الفلسطيني وأحد الباحثين في تاريخ حيفا والحياة الاجتماعية فيها، الدكتور جوني منصور، إن مقتنيات مسعود «تنقل لنا صورة واضحة المعالم عن سيرة تاريخية لعائلته وعلاقتها بالمكان الذي كان، ولم يعد قائماً إلا في ذكريات مشحونة بالحنين والشوق إلى العودة، وهذا حق طبيعي وإنسانيّ لكل فلسطيني، بل لكل إنسان في العالم انتُزع عنوة عن وطنه ومسقط رأسه».

وكتب الكاتب والتشكيلي حسين نشوان على الغلاف الأخير للكتاب «أكثر الأشياء بلاغة، تلك التي تتكلم بأثرها، فتقول ما كاد يضيع، وتدل علينا بصمتها، وتوقظ غيابات من ذكريات لم نعد - لفرط ما جرح النسيان خابية رؤوسنا - نتذكرها»، مضيفاً أن تلك الأشياء «تستعيد بحضورها الابتسامة التي تركناها على حافة الطفولة وتعيدنا إليها كهولاً، تقول بعض الماضي الجميل في المدينة التي يغسل أقدامها البحر لصلاة المكان»، ومؤكداً أن «متحف الذاكرة الحيفاوية» ليس كتاباً ينطوي على أشياء ومقتنيات قديمة، بل «رواية تحكي ما سقط من نصوص، وتقول ما عجزت عنه اللغة».

أما الكاتب جعفر العقيلي فرأى في كلمة له على الغلاف الأخير، أن ما يقوم به مسعود من جمعٍ وفيٍّ لذاكرة حيفا «لا يمكن أن يُعَدّ من باب الهواية أو الشغف المجرَّد، بل هو فعلُ تشبُّث ومقاومة وصمود».

الأكثر مشاركة