حاضرة بقوة على خريطة المنافسة الرمضانية

الدراما اللبنانية.. جرأة تبحث لها عن مكان

صورة

الحروب تفرز دائماً ما هو جديد. هذا الجديد من الممكن تقبله أو رفضه، لكنه يصبح واقعاً يفرض نفسه على الجميع. ومن الأشكال الجديدة التي تفرزها الحروب الشكل الاعلامي والفني، وفنياً نستطيع العودة الى حال الدراما الأردنية التي تأثرت انتاجاً وعرضاً بعد حرب الخليج الأولى، وبعد أن كانت الشاشات الأرضية العربية تنقل كل ما له علاقة بالدراما الأردنية مثل مسلسل «العلم نور»، توقف الطلب نتيجة الخلافات السياسية بين الحكومات التي وقفت مع الكويت والتي وقفت مع العراق، فاضطر المنتج الأردني أن يتحول الى المسلسلات البدوية، حينها بدأت الدراما السورية بالظهورتدريجياً، متحدية وقتها المسلسلات المكسيكية كمسلسل كاساندرا وغيره، كي تفرض نفسها على الشاشة العربية، ونستطيع القول إن الاختلاف المميز كان ظاهراً في مسلسل (نهاية رجل شجاع) اخراج نجدت انزور، حيث وضع هذا المسلسل طريق وشكل الدراما السورية التي قدمت المختلف دائماً، وباتت تنافس الدراما المصرية وتتفوق عليها أحياناً.

هاتف

على الرغم من أن الفنانة هيفاء وهبي اختيرت سفيرة الاتصالات للقضايا الإنسانيّة، في إطار الحملة التي تطلقها وزارة الاتصالات اللبنانيّة بهدف توعية الشباب حول ضرورة عدم استعمال الهاتف أثناء القيادة، إلا أنها تناست هذا الدور في أدائها التمثيلي في مسلسل «كلام على ورق»، فهي طوال الوقت تستخدم الهاتف أثناء القيادة وتدخن بشراهة.

رأي

على العكس من معظم المسلسلات التلفزيونيّة المصرية والسورية الطليعيّة والمبدِعة تبدو ما يُسمى «الدراما» اللبنانية متخلّفة.لا أعرف ما السر في اصطناعية، أو عدم طبيعية، بالتالي عدم إتقان المستوى العام لأداء الممثِّلين اللبنانيين ولمحدودية بل تواضع إن لم أقل سذاجة معظم النصوص تقديماً وحواراتٍ التي ينتجها اللبنانيون، مقارنةً طبعاً بالمستوى العام للمسلسلات المصرية والسورية. منذ سنوات أحاول أن أعثر على مسلسل لبناني «درامي» يجعلني أكسر وجهة نظري هذه، بما فيها مسلسلات تابعتُها باهتمام! فلم أعثر.جهاد الزين «جريدة النهار»

من الممكن أن يكون المثل الدارج (مصائب قوم عند قوم فوائد) يقترب كثيراً من الحالة الفنية العربية، فمنذ بداية الثورات في بعض الأقطار العربية، تغيرت الخريطة الانتاجية نتيجة هذه التغيرات، حتى الانتاج المصري لم يعد كالسابق، والمتضرر الأكبر ومازال هو الانتاج السوري، فصعدت الدراما الخليجية والمصرية واصبحت المنافسة بينهما واضحة، ناهيك عن كثرة الانتاجات المشتركة التي ترى في المسلسل الواحد ممثلين من جنسيات عربية مختلفة، لكن هذا العام تحديداً دخل منافس جديد لم يكن له بصمته في عالم التمثيل الدرامي تحديداً، ولو كانت له تجارب فردية في أعمال عربية، وهنا نتحدث عن الدراما اللبنانية التي نافست هذا العام مسلسلات كبرى في عرضها في فضائيات عربية، فكان مسلسل (لو) للمخرج سامر البرقاوي خير مثال على تطور شكل الدراما في لبنان.

مسلسل (لو) الذي يشارك فيه ممثلون سوريون كعابد فهد وعبدالمنعم عمايري وديما بياعة، الى جانب أبطاله نادين نجيم ويوسف الخال، يعتبر مسلسلاً لبنانياً خالصاً، وقصته مقتبسة عن الفيلم الأميركي (الخائنة، unfaithful) بطولة ريتشارد غير وديان لين.

يتحدث عن الخيانة محاولاً في حلقاته الأولى تبريرها، الى حد ما، لكن مجريات الأحداث باتت تتسارع حالياً كي يعيش المشاهد تجربة جريئة في طرحها في المسلسلات العربية بشكل عام.

الجرأة هي السمة الواضحة التي يريد الفنان اللبناني ايصالها للجمهور العربي، والجرأة هنا لا يقصد بها القصة المراد ايصالها بقدر الشكل الخارجي للممثلين الذين يروون القصة بمشاهد جريئة وبأزياء جريئة وبحوارات جريئة ايضاً، قد لا تتقبلها شريحة واسعة من المجتمع العربي، اذاً هذا هو المختلف على ما يبدو الذي يريد ايصاله المخرج اللبناني، كخطوة تذكرنا بخطوة الفنانة نانسي عجرم التي بدأت مشوارها الفني بأغنية مغرية كي تستطيع الدخول الى عالم المطربين، وبعد ذلك تحولت الى مطربة ملتزمة ومطربة أطفال في بعض الأحيان. طريقة التمثيل قد يختلف عليها المشاهد أو الناقد أو المهتم بهذا الشأن، فالممثل اللبناني سيقع دائماً في فخ مقارنة بينه وبين الممثل العربي (مصرياً كان أم سورياً) في طريقة أدائه، لكن شغف العرب بشكل عام بكل ما هو لبناني قد يجعله يتجاوز بدائية الأداء التمثيلي لدى كثيرين.

وعن المشاركة اللبنانية لهذا العام والتي كانت واضحة واقرب الى ظاهرة، نرى عدداً كبيراً من الممثلين والممثلات من لبنان في أعمال عربية كثيرة، فالمسلسل المصري (اتهام) عدد الممثلين اللبنانيين فيه يوازي تقريباً عدد الممثلين المصريين، حتى ان مواقع التصوير بين مصر ولبنان، وتؤدي المطربة ميريام فارس دور البطولة، بل هي الاسم الاول في (التتر)، من المنصف القول إن أداء ميريام فارس في المسلسل مقنع، ولديها الكثير من الأدوات التي مكنتها من هذا الدور الذي يدور حول فتاة تعرضت لاستغلال في اقحامها في شبكة (دعارة) فتموت والدتها قهراً على هذه السمعة، فتقرر الانتقام من كل من اتهمها بشرفها. عدد كبير من الفنانين اللبنانيين في هذا العمل على رأسهم تقلا شمعون، والعمل من بطولة حسن الرداد وعزت أبوعوف.

في المقابل، يتابع المشاهد مسلسل (كلام على ورق) بطولة هيفاء وهبي واخراج محمد سامي، في هذا العمل ايضاً تقدم هيفاء وهبي دور فتاة تتورط هي الأخرى في عالم الدعارة والجرائم وغيرها، تظهر بشكلها الجريء مع محاولات تمثيلية تؤكد تطورها مقارنة بدورها في فيلمي (دكان شحاتة وحلاوة روح)، والتصوير ايضاً ما بين لبنان ومصر، وهذا يؤكد أن الممثل اللبناني استطاع أن يفرض نفسه في الأعمال العربية، وتجاوز الحدود بحضوره هذا العام تحديداً، حتى لو أنه رضي بظهوره المرتبط دائماً بعالم الدعارة أو الخيانة أو الجرائم. 

تويتر