عفوي وتحبه الكاميرا وينتظر الجمهور إطلالته

«طماشة» جــابر نغموش.. بسمة الإفطار على «شاشة دبي»

صورة

يقول عنه الكثيرون ممن عملوا معه إنه «عفوي» و«تلقائي» و«تحبه الكاميرا»، وهي شهادة لا تتكئ فقط على وجهة نظر مخرجين؛ مثل عارف الطويل ومصطفى رشيد وزياد الدباس، أو حتى رفقاء درب له؛ منهم أحمد الأنصاري وسلطان النيادي، بل أيضاً للعديد من الممثلين الشباب، إذ تبقى إطلالة نجم الدراما الإماراتية جابر نغموش في رمضان بمثابة حضور مختلف، تبحث عنه العائلة الإماراتية لمعرفة ماذا يقدم صاحب «حاير طاير»، و«حظ يا نصيب» و«عمى ألوان»، وما الجديد في جعبته.

حضور فريد

غياب افتراضي للدراما الإماراتية على شاشة تلفزيون دبي كان سيكون حتمياً في حال تعرض الجزء الخامس من «طماشة» لذات المصير الذي صادفه العام الماضي، حينما تعرقل إنتاجه، إذ يعد العمل الذي أنتجته شركة «ظبيان» للإنتاج الفني لمصلحة مؤسسة دبي للإعلام، العمل الدرامي المحلي الوحيد على شاشة تلفزيون دبي، لكنه في الوقت نفسه يبقى بمثابة أحد أهم الأعمال المحلية التي تحرص على متابعتها العائلة الإماراتية.

وعلى الرغم من أن قناة «سما دبي» تبقى الأكثر ميلاً لاستيعاب الأعمال المحلية، إلا أن التلفزيونات المحلية الأخرى اقتصدت كثيراً هذا العام في استيعاب أعمال إماراتية، لمصلحة أعمال معظمها مصرية وخليجية، لا تنفرد بعرضها.

مجاميع مغلقة

على الرغم من أن شركات الإنتاج المحلية لاتزال تحرص في أعمالها على أن تكون مرتبطة بمشروعات تنفذها لمصلحة تلفزيونات بعينها، خصوصاً تلفزيوني دبي وأبوظبي، إلا أن معظم تلك المسلسلات تتكرر فيها الوجوه بناء على هوية جهة تنفيذ الإنتاج، ومع انضمام وجه جديد للشركات القائمة ممثلة في مشروع للكاتب جمال سالم يأمل ممثلون في كسر انغلاق تلك الدوائر.

وفي الوقت الذي تأتي أعمال شركة ظبيان التي يمتلكها الفنان سلطان النيادي بين أسماء مثل جابر نغموش وأحمد الأنصاري وبدرية أحمد ومحمد العامري؛ فإن أكثر الوجوه التي تظهر في أعمال شركة «جرناس» التي يمتلكها الفنان أحمد الجسمي هم ملاك الخالدي ورزيقة طارش ومرعي الحليان وأحمد عبدالرازق وغيرهم، مع وجود بعض الاستثناءات.

وعلى الرغم من غيابه الاستثنائي العام الماضي، وتوقع البعض أن المسلسل متعدد الأجزاء «طماشة» قد وصل إلى مطافه الأخير، إلا أن نغموش أطل هذا العام بالجزء الجديد منه، إضافة إلى مسلسل «بحر الليل» التراثي.

ومع عرض المسلسل التراثي «بحر الليل» الذي تم تصويره في إمارة الفجيرة، على شاشة تلفزيون أبوظبي، يبقى لعرض الجزء الخامس من «طماشة» على شاشة تلفزيون دبي، ألق مختلف، نظراً للصبغة الكوميدية التي تناسب أداء وتلقائية نغموش، فضلاً عن الزخم الذي قوبلت به الأجزاء السابقة أثناء عرضها، لدرجة أن كثيرين ربطوا بين نجاحها والجماهيرية الكبيرة التي تحققت لمسلسل «حاير طاير»، الذي كان بمثابة بوابة لشهرة طاغية حققها الفنان الإماراتي، محلياً وخليجياً.

فراش، رجل أعمال، مزارع، موظف، سائق، وأب، تلوينات لأدوار متباينة يتيحها المسلسل متعدد الأجزاء، ومع تباين الأفكار وكتّاب السيناريو، سواء في صيغة المسلسل السابقة التي اعتمدت على عدد كبير من الكتّاب، أو في صيغتها الحالية التي جاءت معظمها من سيناريو وحوار لكل من سلطان النيادي ومحمد العامري، فإن الحضور الطاغي لنغموش ببطولة مطلقة للعمل، كان هو قصب السبق في العمل الذي خصصت له قناة دبي الفضائية وقتاً مهماً، وهو وقت ما بعد أذان المغرب مباشرة، ليبقى بمثابة وجبة أخرى، كوميدية، وبسمة إفطار حاضرة أثناء تناول المشاهدين طعامهم.

القريب من تصوير «طماشة» يعلم أن مساحة كبيرة من الحرية يتركها المخرج لنغموش، الذي تقوده عفويته وتلقائيته، ففي حلقة تنبه إلى مخاطر الفتن، والمآرب الدنيئة لمشعليها على المستوى السياسي، يبقى نغموش حاضراً بخفة ظله، ليحول أكثر الأوقات دراماتيكية، إلى نقيضها الكوميدي، حينما يكتشف الابن الضال أن توبيخ أبيه الطيب له، الذي يؤدي دوره نغموش، بسبب ظنه أنه لم يكرم ضيوفه، الذين هم بالأساس رؤوس الفتنة، في الوقت الذي كان يظن الابن أن الأب قد اكتشف أمره.

المفارقة في الموقف العصيب دائماً ما تكون مفتاحاً للسخرية، ومن ثم الكوميديا، هي أيضاً حالة حينما توجد بهذا التوازن تحيل دوماً إلى نغموش، وهو ما يتكرر في حلقة أخرى، أدى فيها نغموش دور الفراش لجهة حكومية تستقبل مديراً جديداً شديد الحزم، خلفاً لآخر شاب، أداؤه فساد وظيفي، وعلى الرغم من ذلك تبقى لعفوية البطل حلول سحرية، في خلق كوميديا الموقف، فالمدير الذي ينهره ليكف عن توزيع الأقلام على الموظفين أثناء الاجتماع، ويأمرهم بأن يصطحبوا أقلامهم معهم، فوجئ بالفراش ينصحهم أيضاً بأن يصطحبوا «ساندويتشات»، دون أن يستطيع المشاهد تماماً التمييز بين عفوية التعليق، وسخريته، أو بمعنى أوضح ما إذا كان تعليقاً ينم عن بساطة مطلقة، أم سخرية لاذعة، وهنا إحدى النقاط المضيئة في عبقرية نغموش.

وعلى خلاف نجوم الفضائيات الذين يفطرون مع مشاهديهم بـ«كعك العيد» في مجالس المذيعات الجميلات، والمذيعين المتأنقين، فإن نغموش نادراً ما يظهر على الشاشة، بعيداً عن عمله الدرامي، لكنه رغم ذلك لا يتردد في أن يلبي دعوة مذيع شاب، في إذاعة محلية، حينما يعلم بأن في الأمر مساندة لفكرة برنامج متميز، أو طاقة شبابية واعدة، على عكس زهد النجوم في هذه النوعية من البرامج.

عودة الثنائية التي جمعت نغموش بالفنان أحمد الأنصاري سابقاً، في الجزء الخامس من «طماشة» أيضاً، ووجود خط رئيس للأخير في العديد من الحلقات وتألقه فيها، أحد أبرز ملامح هذا الجزء، الذي اختفت منه فاطمة الحوسني لمصلحة بدرية أحمد، في حين حافظ مروان عبدالله على وجوده في العمل.

ومع غياب المخرج عارف الطويل الذي يعد شريكاً أساسياً في العديد من الأعمال التي تألق فيها نغموش، إلا أن الأخير استطاع أن ينسجم أيضاً مع رؤية المخرج مصطفى رشيد، بل إن نغموش استمر في سعيه بدعم الشباب الذين يزخر بهم العمل، وكان محرضاً لصديقه المنتج سلطان النيادي، من أجل فتح المجال للاستعانة بالمزيد منهم، ما جعل العمل يستوعب العديد من الوجوه الصاعدة.

تويتر