حديقة الـ 5 الكبار تستقطب عشاق «السفاري» من العالم

«هلوهلوي».. الطبيعة على الطريقة الإفريقية

صورة

تشتهر جنوب إفريقيا على خريطة السياحة العالمية بطبيعتها البرية الخلابة التي تزخر بالمحميات الطبيعية وما تحويه من كنوز نادرة. وعندما يأتي ذكر الخمسة الكبار في جنوب إفريقيا يتبادر إلى الذهن حديقة كروغر الوطنية على الفور، لكن هذه الحيوانات منتشرة في العديد من الأماكن، مثل محمية «هلوهلوي إمفولوزي غيم» في مقاطعة «كوازولو ناتال». وتتيح هذه الجنة الطبيعية للسياح أيضاً الفرصة لمقابلة الخمسة الكبار عن كثب.‬

الأرض الرطبة

بعد فترة راحة قصيرة، يدق المنبه في تمام الساعة الرابعة والنصف فجراً، للانطلاق في رحلة مغامرات جديدة في تمام الخامسة صباحاً. وفي هذه المرة لم يتوقف قائد سيارة السفاري ماهاني لمشاهدة خنفساء الروث، ولكن بسبب ظهور فيل على الطريق، كما شاهد السياح مجموعة من وحيد القرن على بعد أمتار قليلة من الطريق وهى تطارد بقرة وحشية تقترب من حفرة مياه.‬

وعلى بُعد ساعة واحدة بالسيارة من محمية «هلوهلوي» تقع منطقة «سانت لوسيا»، التي تم تغيير اسمها بعد ذلك. وأوضح المرشد السياحي سابيلو قائلاً: «دائماً ما يظهر خلط بين هذه المنطقة وجزر البحر الكاريبي». ويطلق على هذه المنطقة حالياً اسم «الأرض الرطبة»، وتعرف المحمية المجاورة باسم «إسمانغاليسو».‬

‫ولاتزال هناك فرصة أمام السياح للاستمتاع بجولات القوارب ومشاهدة 1600 من أفراس النهر التي تعيش في هذه المنطقة. وتعد أفراس النهر من أخطر الحيوانات في إفريقيا، لكنها تتغذى على الأعشاب والحشائش فقط، ويوجد في هذه المنطقة أيضاً نحو 1200 تمساح.‬

رحلة في القارب

بعد انتهاء رحلة القارب، عاد السياح إلى سيارة السفاري مرة أخرى، وسلكوا الطريق في اتجاه «كاب فيدال». وإلى جانب الحيوانات البرية الموجودة هنا، يضم هذا المكان بين جنباته شاطئاً فريداً من نوعه. وأوضح المرشد السياحي قائلاً: «يوجد هنا الشاطئ الوحيد في العالم الذي يصل إليه السياح عن طريق سيارة سفاري».‬

‫وبعد السير لمدة ساعة تقريباً، انعطفت السيارة إلى منطقة تغطيها المروج الممتدة والتلال المورقة، قبل أن يتمكن السياح من مشاهدة مياه البحر، وكانت تفوح من الهواء رائحة المياه المالحة، وعندئذ ظهرت مياه المحيط الهندي من وراء الأشجار، ونزل السياح أمتاراً قليلة إلى أن وصلوا إلى الشاطئ الواسع.‬ ‫وأكد سابيلو أن هذا الشاطئ البكر يمتد لمسافة 190 كلم، وفي الخلفية يسمع السياح هدير الأمواج المتلاطمة، وهو ما استدعى سابيلو أن يسأل السياح عما إذا كان هناك أحد لايزال يفكر في زيارة محمية كروغر الوطنية.‬

وعلى بُعد أمتار قليلة من مدخل الحديقة، اضطر قائد سيارة اسلفاري إلى التوقف فجأة وأشار إلى الطريق، ما استدعى البعض إلى التساؤل، هل ظهر وحيد القرن الأول، فأجاب الشخص الجالس في الأمام قائلاً: «لا، لكنها خنفساء الروث التي تظهر على الطريق وهي تكافح من أجل دفع كرات الروث عبر الطريق»، وعندئذ حمل السياح العدسات المقربة للاستمتاع بهذا المشهد الطبيعي النادر.‬ لكن الحيوانات الأكبر حجماً ظهرت بسرعة في المشهد، حيث شاهد السياح خنزيراً يعبر الطريق، وكان هناك ضبع يتسلل في الأدغال من حول السياح، وبالطبع لم يخلُ المشهد من ظهور أحد الخمسة الكبار، حيث ظهر وحيد القرن وهو يهرول حول حفرة المياه، ولم ينزعج من استقرار بعض الطيور على ظهره. وفي السابق كان يطلق اسم الخمسة الكبار على الحيوانات كبيرة الحجم والمفترسة، ألا وهي الفيل ووحيد القرن والجاموس الوحشي والفهد والأسد.‬

‫وعندما وصل السياح إلى مخيم «هيلتوب كامب» كانت في انتظارهم سيارات السفاري الجاهزة للانطلاق وسط الطبيعة البرية، وتعد الساعة الخامسة عصراً من الأوقات المثالية للانطلاق في رحلات السفاري، نظراً إلى أن الحيوانات تكون في منتهى النشاط والحيوية خلال ساعات الصباح والمساء. كما تنعم هذه المنطقة أيضاً بأجواء حالمة عند غروب الشمس، حيث تغمر أشعة الشمس بدرجات الأصفر والأخضر هذا المشهد البديع. كما يُداعب النسيم العليل خصلات الشعر، ويسود الصمت والهدوء أرجاء المكان، باستثناء ضجيج محرك السيارة.‬

‫وعند أول تقاطع في مسار الرحلة انعطف ماهاني، المرشد المرافق للمجموعة السياحية، بالسيارة من الطريق الرئيس الممهد إلى طريق مغطى بالحصى، وبعد أمتار عدة قام بإيقاف محرك السيارة، وواصل السير لأمتار قليلة. وهمس قائلاً: «يوجد هناك جاموس وحشي»، وعندئذ أخرج السياح كاميراتهم وقاموا بتصويبها جهة اليسار، وبدأوا التقاط الصور.‬ وبعد المنعطف التالي ظهرت زرافة تبحث عن صغيرها، وكان يبدو عليها علامات الحزن الأليم، ربما يكون هناك أسد افترس صغيرها. وخيمت أجواء من الصمت والحزن على ركاب سيارة السفاري، ولكن عندئذ أدركوا أنهم ليسوا في حديقة حيوانات ولكنهم في الطبيعة البرية، حيث تعيش الحيوانات وفقاً لقانونها الخاص.‬

‫ومع أن المحمية الطبيعية محاطة بأسوار، إلا أن الحراس يتأكدون باستمرار من أن كل شيء على ما يرام، وبخلاف ذلك تسود الأجواء الطبيعية البرية في كل مكان، وتزخر هذه المحمية بكنوز طبيعية تشتمل على 5500 من الجاموس الوحشي و500 زرافة و15 ألف ظبي و80 فهداً و200 أسد و1800 حمار وحشي و700 فيل، إضافة إلى نحو 1000 من وحيد القرن الأبيض، وبالتالي فإنها تمتلك أكبر تجمع من هذا الحيوان في العالم.‬

‫وصاح المرشد المرافق للمجموعة السياحية قائلاً: «هناك أسد يظهر في الأفق». وأوضح قائد السيارة ماهاني أن الأسود تظهر في الأعشاب الطويلة، وتحرك قائد السيارة للأمام بعض الشيء، ثم قام بالنقل إلى التعشيقة الخلفية مرة أخرى، حتى لا تظهر إناث الأسود أمام الكاميرات، وأضاف قائلاً: «سنجرب ذلك مرة أخرى لاحقاً، وعندما يكون الأسد غير جائع فإنه يكون في غاية الكسل والخمول ولا يتحرك من مكانه». ‬

‫وبعد ثلاث ساعات تقريباً عادت سيارة السفاري إلى مخيم «هيلتوب كامب» مرة أخرى. وابتهج السياح كثيراً عندما رأوا البوفيه العامر في مطعم المخيم، إضافة إلى ركن المشروبات المفضلة لديهم. وتظهر ملامح الطبيعة على ديكورات المطعم، حيث يظهر رأس جاموس وحشي معلق على الحائط بالإضافة إلى فرو الفهد.‬

تويتر