الحمزاوي والحضيري في كوميديا تونسية ملأت فراغ المسرح

«سيبني نحلم».. أحلام برائحة البؤس

صورة

تساؤلات كثر تجول في خاطرك وأنت ترى عامل النظافة نفسه كل يوم على موعد مع ناصية الشارع، يحمل مكنسته ويرتدي زيه ذا اللون الفاقع، يتنقل من شارع إلى آخر يحمل هموماً وأحلاماً لا يدركها سواه، بماذا يفكر عامل النظافة؟، هل لديه أحلام؟ هل هو سعيد بالقليل؟ كيف واقعه؟ هل هو مرير؟

جاء العرض التونسي «سيبني نحلم» الذي قدم في مهرجان المسرح العربي في الشارقة، ليجيب عن تساؤلات جالت في أذهان الكثير عن عامل النظافة الفقير، الذي يعيش بحالتين: البؤس في الواقع والسعادة في الحلم، ليعيش على هامش المجتمع ويكتفي بالحلم الذي لم يعد مشروعاً في زمننا هذا.

تمكن المبدعان بسام الحمزاوي وفيصل الحضيري بقيادة المخرج انتصار عيساوي، من تقديم ثلاثة مشاهد (اسكتشات) لأحلام عاملي النظافة اللذين يجتمعان سوياً أثناء رحلتهما القصيرة ما بين ناصية الشارع وصندوق القمامة، ليحلما معاً بتغيير بؤس الحياة التي حولتهما إلى مجرد آلات تمشط الشارع ذاته يومياً وتلملم بقايا نفايات المجتمع بكل فئاته وأطيافه وحتى انتماءاته.

3 مشاهد

تمكن المبدعان بسام الحمزاوي وفيصل الحضيري، بقيادة المخرج انتصار عيساوي، من تقديم ثلاثة مشاهد «اسكتشات» لأحلام عاملَي النظافة اللذين يجتمعان سوياً أثناء رحلتهما القصيرة ما بين ناصية الشارع وصندوق القمامة، ليحلما معاً بتغيير بؤس الحياة التي حولتهما إلى مجرد آلات تمشط الشارع ذاته يومياً وتلملم بقايا نفايات المجتمع بكل فئاته وأطيافه وحتى انتماءاته.

العرض يحمل رسائل أعمق من بساطة عامل النظافة، وأوجع من ضحكات وقهقهات ملأت صالة العرض، ومشاهد أجمعت على الكوميديا والضحك لكن برائحة اليأس من مجتمع جائر.


نهاية

على الرغم من أن مشاهد العرض والاسكتشات، التي قدمها الثنائي المتميز، رسمت الضحكة على وجوه المتفرجين وأنستهم في لحظات كثيرة حالة البؤس التي يعيشانها وقسوة الحياة التي جردتهما من أبسط احتياجاتهما، إلا أن نهاية العرض تزيد من حالة البؤس بؤساً عندما يموت أحد الثنائي متأثراً بضربة غير مقصودة من رفيق الناصية لتركه يعيش في أحلامه.

العرض يحمل رسائل أعمق من بساطة عامل النظافة، وأوجع من ضحكات وقهقهات ملأت صالة العرض، ومشاهد أجمعت على الكوميديا والضحك لكن برائحة البؤس واليأس من مجتمع جائر.

بمسرح شبه عارٍ من الديكورات سوى جدار كرتوني كتبت عليه عبارات على مر الزمن منها مظاهر ثورية وقصة حب عاشقين مرا بالجدار، وعبارات عنف لفظي لتشكل لوحه جدارية تنتمي لفن «الغرافيتي» الذي لا يعني الكثير من صنعه بقدر ما يعينه ما كتب.

يدخل الحمزاوي والحضيري إلى خشبة المسرح بطريقة فكاهية، وأحدهما يدفع صندوق القمامة والآخر يتقمص حلم شخصية هتلر، إذ بمجرد نزوله من على القمامة يؤدي التحية النازية الشهيرة لهتلر، ورغم أن العرض قائم على الأداء الإيمائي بأصوات من دون لغة مفهومة، لكن الريتم أو الإيقاع اللفظي لذلك الصوت يتناغم مع الحالة التي تجسدها الشخصية.

المشاهد قائمة على أحلام الفقراء التي ينغصها بين اللحظة والأخرى صوت مسؤول قد يكون مسؤول عاملي النظافة أو ربما يتم تأويله إلى صوت المسؤول في المجتمع أو أكبر من ذلك بكثير، لكن ما يميز هذا الصوت هو النبرة والتصرف الديكتاتوري الذي من خلاله يحاول محاصرة أحلام العاملين ويعيدهما إلى واقعهما المرير.

على الرغم من أن مشاهد العرض والاسكتشات التي قدمها الثنائي المتميز رسمت الضحكة على وجوه المتفرجين وأنستهم في لحظات كثيرة حالة البؤس التي يعيشانها وقسوة الحياة التي جردتهما من أبسط احتياجاتهما، إلا أن نهاية العرض تزيد من حالة البؤس بؤساً عندما يموت أحد الثنائي متأثراً بضربة غير مقصودة من رفيق الناصية لتركه يعيش في بؤسه وأحلامه.

بدا الثنائي الحمزاوي والحضيري منسجمين ومتمكنين في الأداء، ويتمتعان برشاقة ولياقة حركة أشبعت المسرح الخاوي، فتارة يتقافزان وأخرى يلعبان وما بين ذلك وذاك مقالب وقصص وأحلام غريبة وطريفة قد لا تخطر على بال أحد، فالأول يضرب الثاني على رأسه في مشهد كأنه فيلم كرتون، إذ تتطاير العصافير من رأسه فيقوم صديقه باصطيادها وتناولها في استراحة الغذاء.

أما مشهد الحقيبة الموسيقية فكان غاية في الاحترافية خصوصاً أن الثنائي يعتمدان على مهاراتهما الصوتية في التقليد والأداء، فيتناوبان العزف على الآلات الموسيقية الموجودة في الحقيبة، ليقدما عرضاً موسيقياً مميزاً قائماً على الصفير وأداء أصوات الآلات، منها الناي والقانون والطبل والمزمار، صفق له الجمهور بل وتفاعل مع الأغنيات التي تنوعت ما بين الموسيقى الشرقية والغربية.

خلال 50 دقيقة من الضحك والكوميديا الساخرة من واقع الحياة، استحق فريق عمل «سيبني نحلم» تصفيق الجماهير المتعطشة لعروض كوميديا هادفة خالية من التكرار والإسفاف والسطحية، وقائمة على احترام عقول المتلقين الذين عادوا لمشاهدة العرض للمرة الثانية.

استطاع هذا العرض المسرحي التونسي فرض حضوره في الصالة من خلال تيمات بصرية وأدبية مركزة وعميقة، ومن خلال قدرات تمثيلية محترفة قادها مخرج العمل بإتقان وقدرة على الإختزال وإدارة الحركة ومدلولات النص نحو فضاء تعبيري متماسك وخال من الحشو والإطالة.

خلال 50 دقيقة من الضحك والكوميديا الساخرة من واقع الحياة، استحق فريق عمل «سيبني نحلم» تصفيق الجماهير المتعطشة لعروض كوميديا هادفة خالية من التكرار والإسفاف والسطحية، وقائمة على احترام عقول المتلقين الذين عادوا لمشاهدة العرض للمرة الثانية.

غرافيتي

بمسرح شبه عارٍ من الديكورات سوى جدار كرتوني كتبت عليه عبارات على مر الزمن منها مظاهر ثورية وقصة حب عاشقين مرا بالجدار، وعبارات عنف لفظي لتشكل لوحه جدارية تنتمي لفن «الغرافيتي»، والذي لا يعني الكثير من صنعه بقدر ما يعنيه ما كتب.

يدخل الحمزاوي، والحضيري على خشبة المسرح بطريقة فكاهية، وأحدهما يدفع صندوق القمامة والآخر يتقمص حلماً شخصية هتلر.

وبمجرد نزوله من على القمامة يؤدي التحية النازية الشهيرة لهتلر.

ورغم أن العرض قائم على الأداء الايمائي بأصوات دون لغة مفهومة، ولكن الريتم أو الايقاع اللفظي لذلك الصوت يتناغم مع الحالة التي تجسدها الشخصية.

ومن خلال ذلك استطاع العرض فرض حضوره على الجمهور.

تويتر