معرض للسوري مطيع مراد في دبي
ألوان تهرب مــن «الربـيع العربي»
تحمل أعمال معرض «موعد مع الربيع» للفنان السوري مطيع مراد، في أيام غاليري بدبي، دعوة صريحة إلى الفرح، إذ يعمد إلى تقسيم اللوحات لأجزاء لونية بأسلوب تجريدي يقوم على التقطيع الأفقي، متعمداً التكرار في مزيج الألوان التي يختارها لكل عمل.
|
تأثر بالواقع
يؤمن الفنان السوري مطيع مراد بأن حالة الدول العربية، خصوصاً بلده سورية، محزنة ولا يمكن وصفها، وان فنه اليوم تأثر بالواقع الذي يفرض نفسه على الجميع. ولد مطيع مراد في عام 1977، وانتقل للعيش في مصر منذ ما يزيد على العام بسبب الأحداث الأخيرة في سورية. قدم مجموعة معارض في لبنان وسورية ودبي، وتتواجد أعماله في مجموعات خصوصاً وعامة ومنها الغاليري الوطني الاردني للفنون. |
ابتعد مراد في معارضه الأخيرة عن الأسلوب التعبيري؛ ليقدم في جديده الذي اختتم أخيراً، الأسلوب التجريدي الذي يبتكر من خلاله صياغة لونية تحاكي الربيع في ألوان زهوره وأشجاره.
ويعكس الفنان السوري الذي رأى أن جديده يعتمد على الهروب من الربيع العربي، في لوحاته الكثير من المشاعر الإيجابية التي تفصح عن الحب داخل النفس البشرية، ويعبر عن تطلعاته لبلوغ واقع جميل، وبعيد عن الآخر المأساوي الذي نشر مشاهد القتل والألم. وتبدو أعمال مراد التي يتلاقى خلالها الربيع وكأنها صرخة إيجابية يحاول من خلالها أن يفصل المتلقي عن المحيط لبعض الوقت، ليكوّن له عالماً افتراضياً قوامه الانسجام والتناغم اللوني. هذه الأعمال التي تبعث على الشعور بالراحة والطمأنينة تمكن مراد من بناء موازنة عاطفية للمرء، فبينما توجد في بعض الأعمال الدرجات الداكنة، توجد في إحدى اللوحات الدرجات اللونية الحمراء التي تعبر عن الحب، وأخرى تبعث على الشعور بالقتل والدماء.
يعتمد مراد في معرضه، الذي يستمر حتى 12 ديسمبر المقبل، على التكرار اللوني، لكن لوحاته تلجأ إلى العمليات الحسابية فيجمع من خلالها الرؤية الفكرية والبصرية بأسلوب أقرب إلى المفاهيمية. كما أن الاعتماد على التقسيم اللوني يجعل أعماله شديدة الارتباط بالأشكال الهندسية، إلى جانب رؤية خاصة للون وتسلسل درجاته، كلها تبرز حبه للطبيعة.
وقال مراد لـ«الإمارات اليوم»، إن «التجربة الجديدة التي بدأت بها منذ 2006 مختلفة، تهدف إلى إيصال صيغة لونية إلى المتلقي تزرع الأمل من خلال الألوان المريحة للبصر»، معتبراً أن الفن بمجمله يتوجه لنخبة معينة من الناس، فيما «يخاطب التجريد نخبة النخبة؛ فهو يحمل وظيفة أساسية تكمن في إثارة العقل والتساؤلات عند المتلقي».
وأضاف أن مشروعه «موعد مع الربيع»، الذي سيقدمه على مراحل، تجربة تقوم على الهروب من الربيع العربي، ورأى أن الطرح اللوني الذي يقدمه يقوم على علاقته بالربيع، مشدداً على أنه عمل كثيراً على خلق تناغم في العلاقات اللونية المتضادة، بينما حالياً يعمل على انسجام اللون.
وأكد أن الربيع الذي يطرحه هو الربيع الذي بداخله، فالرؤية الفنية تتأثر بالظروف التي يعيشها المبدع، ووضعه كفنان سوري تشهد بلده كل هذه الأحداث، يصعّب عليه مهمة تنفيذ أعمال فنية تزرع الفرح داخل الناس، فهو غير قادر على القيام بذلك، خصوصاً بعد انتقاله من سورية إلى مصر.
وأوضح مراد أن تفاصيل تجربته الفنية الجديدة التي يطلق عليها عنوان «تجارب»، تعتمد كثيراً على الأرقام والحسابات الجبرية، وكذلك الهندسة المتعلقة بالشكل ليصبح العمل الكلي قائماً على علاقة وثيقة بين اللون والحساب. أما التعبيرية التي شغلت حياته الفنية لفترة من خلال مجموعة «تساؤلات» فردية ووجودية وسياسية، فأنهكته، وهو غير قادر على العودة لتلك الحالة النقدية للمجتمع والظروف التي تحيط بالبشر.
وذكر أن التعبيرية تجعل الفنان أنانياً، ورسالته تكون سلبية، من خلال الانعكاس المباشر لجميع أحاسيس الإنسان، لافتاً إلى أن هدفه اليوم أن يرى الأطفال أعماله، ويفرحوا، وليس أن يقفوا أمام اللوحة التعبيرية ويصابوا بالحزن.
وأضاف أن قراره بالانتقال من التوجه التعبيري إلى التجريدي أتى حين كان في أوج عطائه في المجال الأول، وهو غير نادم على ذلك. أما الجهد الفني المطلوب في المجالين فاعتبره مراد مضاعفاً في المجال التجريدي والحسابي، فاللوحة الحسابية تتطلب شهوراً، إلى جانب كلفتها التي تكون مضاعفة أيضاً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
