كسوة الكعبة وستائر مزخرفة بالذهب والفضة في معرض بـ «متحف الحضارة الإسلامية»

مقتنيات مباركة وماء زمزم في «الشارقة»

صورة

منسوجات محمّلة بعبق الأراضي المقدسة، غزلتها وطرّزتها أنامل صناع وخطاطين مهرة، وفرصة لتذوق ماء زمزم، وتجربة ثقافية ودينية، يتيحها متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، بمعرض «إكساء الأراضي المباركة.. منسوجات الحرمين الشريفين في مكة والمدينة»، الذي يأتي متزامناً مع بدء موسم الحج.

يقدم المعرض فرصة فريدة لزواره للتعرف إلى مجموعة المنسوجات التاريخية والمعاصرة الأصلية من مقتنيات متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، التي كانت تكسو مقدسات داخل الحرمين الشريفين.

ويعد «إكساء الأراضي المباركة» الأحدث ضمن سلسلة المبادرات التي تنظمها إدارة متاحف الشارقة، في إطار رسالتها الهادفة إلى إتاحة الفرصة أمام الجمهور لمشاهدة روائع التحف الفنية الخاصة بالثقافة الإسلامية.

مصنع

عملية إنتاج المنسوجات الدينية كانت تجري تحت إشراف الحكام المماليك في مصر وسورية، والسلاطين العثمانيين حتى عام 1927، ومع نهاية الإمبراطورية العثمانية، استمر هذا التقليد بعد ذلك تحت رعاية السعودية، إذ تمت حياكة كسوة الكعبة المشرفة في مصنع تم إنشاؤه خصيصاً لهذا الغرض في مكة المكرمة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/10/27236.jpg


طبقات

في مراحل تاريخية عدة، كانت الكعبة تغطى بشكل تدريجي بطبقات عدة، لدرجة أنها كانت معرّضة لخطر الانهيار، بسبب كثافة هذه الطبقات، ثم صدر مرسوم في عام 160 هجرية (782 ميلادية) يقضي بتغطية الكعبة بغطاء واحد يُسمى «الكسوة»، وفي القرن السادس الهجري (الـ12 ميلادي) أصبحت الكعبة تغطى بكسوة من الحرير الأسود، وتمت إضافة النقوش في تقليد أصبح شائعاً حتى يومنا هذا .

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/10/27232.jpg


17 مليون ريال

تشمل كسوة الكعبة، التي يتم صناعتها وحياكتها في الوقت الحالي، على الكسوة الخارجية للكعبة المزركشة بحزام منقوش بآيات قرآنية، وستارة بباب الكعبة، إضافة إلى الكسوة الداخلية، وستارة «باب التوبة» المؤدي إلى سقف الكعبة والمواقع الأخرى المهمة داخل الحرم. وتستغرق عملية صناعة كسوة الكعبة، التي تتكون من كسوتين، الرئيسة والاحتياطية لحالات الطوارئ، عاماً كاملاً، ويستخدم في صناعتها نحو 670 كيلوغراماً من أرقى وأجود أنواع الحرير، فضلاً عن 120 كيلوغراماً من الذهب، و50 كيلوغراماً من الفضة بكُلفة إجمالية تقدر بأكثر من 17 مليون ريال سعودي.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/10/27230.jpg

وتكمن أهمية المعرض في كونه أول معرض يقدم مقتنيات متحف الحضارة الإسلامية للجمهور، حسب استشاري الفنون الإسلامية والشرق الأوسطية، الدكتورة الريكا الخميس، التي أضافت أن «المعرض يعرض المنسوجات الإسلامية ضمن تجربة تعد الأولى من نوعها في المنطقة، خصوصاً أن تلك المنسوجات غير مرتبطة بالجانب العقائدي فقط، إذ إن هناك جانباً ثقافياً، لاسيما أن المنسوجات تحتوي على أبرز الخطوط الإسلامية التي خطها أمهر الخطاطين والفنانين».

وأوضحت أن «للفن الإسلامي خصوصية لا يمكن تجاهلها، إذ إن هذا النوع من الفن في تلك المنسوجات، التي تعود إلى الحرمين الشريفين، لم يتم نقله خارج المنطقة، على اعتبار أن التركيز في الماضي كان على الأقمشة الملوكية وليس الدينية، لذلك بقيت تلك المنسوجات في إطار المنطقة محفوظة في القصور والمساجد ضمن هدايا الملوك».

من جانبها، قالت مديرة الشؤون التنفيذية في إدارة متاحف الشارقة، عائشة ديماس، خلال مؤتمر صحافي، عقد أول من أمس، سبق افتتاح المعرض إن «المعرض يضم مجموعة نادرة من المنسوجات الرائعة المستمدة من المقتنيات الخاصة في المتحف التي نعرضها لزوارنا احتفاءً بموسم الحج المقبل، واحتفالات عيد الأضحى المبارك، التي ستعم أنحاء العالم الإسلامي، ونأمل من خلال هذا المعرض، لاسيما في هذه المحطة المهمة في التقويم الإسلامي، أن نسلط الضوء على أهمية مقتنياتنا المتحفية ودورها الفاعل في إثراء ثقافة الزائرين، وخلق فهم أكبر لعقيدتنا وتاريخنا وثقافتنا الإسلامية، إضافة إلى توفير فرصة الاستمتاع بتجربة ملهمة».

وتابعت: «نحن في إدارة متاحف الشارقة، نسعى دائماً إلى المشاركة في الاحتفاء بالمناسبات الخاصة التي يحتفل بها مجتمعنا، من خلال عرض مقتنياتنا الخاصة بالمناسبة، فضلاً عن تنظيم فعاليات مهمة وورش عمل وبرامج توعية مجتمعية، سواء لطلبة المدارس أو الأسر أو السياح، في الوقت الذي يركز فيه هذا المعرض على أحد الموضوعات المهمة، التي تشكل جزءاً أساسياًمن عقيدة المسلمين وممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية لأكثر من 1000 سنة، فقد تم تصميم المعرض بطريقة لا تحتفي بالعقيدة الإسلامية فحسب، بل بالثقافة والفن الإسلامي، ونأمل من خلال إتاحة هذه المقتنيات لجمهورنا وعلى نطاق واسع، أن نشجع أفراد المجتمع، وزوارنا من جميع أنحاء العالم، على المشاركة والاستمتاع بهذه المقتنيات النادرة».

مساعد أمين متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، نورا المغني، من جهتها، أشارت إلى أن متحف الشارقة للحضارة الإسلامية يهدف إلى التركيز على إبراز وتصوير الجوانب المتنوعة للحضارة الإسلامية، من خلال إبراز جميع جوانب الحضارة الإسلامية، سواء في العقيدة أو العلوم والفنون الاسلامية ، فضلاً عن عرض الأعمال الفنية المتعلقة بهما، لافتة إلى أنه من أجل تحقيق هذا الهدف، كان على المتحف عمل برنامج شامل ومتعدد الأبعاد، و«إضافة إلى روائع الفن الإسلامي والتحف الفنية النادرة المعروضة في المتحف، يستضيف (الشارقة للحضارة الإسلامية) العديد من المعارض، سواء الدولية أو المحلية، كما يهتم بتنظيم الفعاليات وورش العمل والبرامج ذات الصلة، التي نعتقد أنها ضرورية من أجل الوصول إلى فهم أكبر للتاريخ والثقافة الإسلامية».

ونبهت المغني إلى أنه خلال فترة المعرض، سيتم التركيز على الرحلة الروحانية إلى مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، والتي نوفر من خلالها فرصة فريدة لزوار متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، للاستمتاع بتجربة غنية حول مناسك الحج، فضلاً عن تذوق ماء زمزم المقدس، وفرصة القيام بحياكة قطعة من المنسوجات المستوحاة من هذه المنسوجات المعروضة في هذا المعرض.

هذا، وتبرز من بين المعروضات الإطارات الزخرفية الـ16 التي تشبه المصابيح جزءاً من زينة الكسوة المطرزة، وتظهر ثلاثة منها على كل جانب من الجوانب الأربعة للكعبة، وتتداخل مع أشرطة خطية أسفل حزام الكسوة، أما الأربعة الأخرى فتميز جانب الكعبة الذي يوجد فيه الحجر الأسود، وتطرّز الإطارات على الحرير الأسود وسلك معدني مطلي بالذهب على وسادة من القطن والحرير، كما تحتوي على معظم أسماء الله الحسنى بخط الثلث المتميز.

كما تضم المعروضات ستارة حريرية مطرزة بخيوط معدنية لمسجد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في المدينة المنورة، تعود إلى منتصف القرن الـ13 الهجري (منتصف القرن الـ19 الميلادي)، إذ ربما كانت مثل هذه الستائر مخصصة لمحراب الصلاة في مسجد النبي محمد، وتتضمن نقشاً مكتوباً فيه: «هذا هو محراب النبي صلى الله عليه وسلم»، إضافة إلى أن هذه الستارة تحتوي على الشهادتين ودعاء وجزءاً من آية «وتزودوا فإن خير الزاد التقوى».

ويوجد في الأسفل أربعة أُطُر دائرية تتضمن أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة تحيط بشعار الإمبراطورية العثمانية أو «الطغراء» الخاصة بالسلطان العثماني عبدالمجيد، الذي أمر بصناعة هذه الستارة، ومثلما فعل سابقوه، فقد كلّف أبرع الخطاطين في عصره بتصميم أروع الأنسجة الدينية مثل الخطاط قاضي العسكر مصطفى عزت.

تويتر