ظهرت مُطلَّقة سلبية أو زوجة ثانية

في دراما رمضان.. الصورة النمطية تطارد المرأة

أعمال رمضانية عدة لم تخرج عن إطار القضايا النسائية التقليدية. أرشيفية

عبر عشرات الأعمال الدرامية التي عرضت خلال شهر رمضان، تطل المرأة بوجوه عديدة وادوار متباينة تتنوع بين العصرية والريفية والمتعلمة والأمية والغنية الفقيرة..الخ. ورغم تعدد أوجه وادوار المرأة في مسلسلات هذا العام، إلا ان غالبية هذه الأعمال قدمت صورة مشوهة للمرأة العربية، بعضها خالف الواقع والبعض الآخر حمل تشوهات شابت شخصية المرأة في الواقع وقدمتها بصورة مكثفة أو نمطية. هذه الصورة المشوهة دعت بعض الناشطين الحقوقيين لتدشين «هاشتاج» على موقع «تويتر» تحت اسم «جملة نمطية» لرصد كل الصور النمطية والعبارات المسيئة للمرأة التي تضمنتها الاعمال الدرامية، وذلك في اطار مبادرة بعنوان «فؤادة»، في اشارة إلى بطلة رواية وفيلم «شيء من الخوف» الذي قامت به الفنانة شادية وقدمت أحد النماذج الشهيرة في تاريخ السينما العربية للمرأة الشجاعة القوية، التي تقف بمفردها أمام الظلم والاستبداد المتمثل في شخصية الفنان محمود مرسي «عتريس»، لتصبح ضمير القرية وباعثة ثورتها.

المتابع للدراما الرمضانية هذا العام يجد ان عددا كبيرا من الأعمال ركزت على قضايا الأسرة مثل الطلاق والزواج الثاني والعنوسة، وقدمت المرأة في صورة نمطية حملت قدرا كبيرا من الاستسلام للواقع، وانغماس في احزانها عقب الطلاق بدلا من الالتفات للمستقبل او البحث عن اهتمامات وانشطة تشغل بها وقتها وتخرج بها من حالة الحزن والانغلاق على الذات، هذه الصورة تكررت في أعمال خليجية مثل العمل الأشهر هذا العام «بيت أبونا» الذي يجمع بين النجمتين حياة الفهد وسعاد عبدالله بعد سنوات من الخلاف. أيضا قدمت الدراما المصرية العديد من الشخصيات النمطية والسلبية للمرأة في أعمال تناولت قضايا الطلاق والزواج الثاني من أبرزها مسلسل «مزاج الخير» من بطولة مصطفى شعبان ودرة وعلا غانم، ويعيد فيه شعبان تقديم دور الرجل المزواج الذي قدمه من قبل في العامين الماضي وقبل الماضي، وهو ما يعتبر «مزاج الخير» نوع من الاستثمار للنجاح الواسع الذي حققته ثيمة تعدد الزوجات والجمع بينهن وما ينشأ عنها من مواقف درامية وكوميدية تجذب المشاهد، خصوصاً من الطبقة الشعبية، كما تعد موضوعات الطلاق وتعدد الزوجات والعلاقات النسائية مادة خصبة لكتاب الدراما لسهولة استنباط خطوط درامية متعددة في العمل تثرية وتملأ مساحة زمنية كافية للثلاثين حلقة. لكن الجديد في «مزاج الخير» هو التجاوزات التي اعتبرها كثيرون لا تليق بطبيعة شهر رمضان مثل الالفاظ والعبارات الجريئة والملابس المثيرة، وكذلك المشاهد المبتذلة. نموذج آخر سلبي قدمه مسلسل «حكاية حياة» بطولة غادة عبد الرازق وروجينا، فرغم ما يتميز به العمل من أناقة وديكورات وصلت إلى حد الإبهار؛ إلا انه حفل بنماذج الخيانة سواء من الرجال او النساء داخل أفراد الاسرة الواحدة، وكأن الخيانة أمرا غير مستهجن، وتبارت بطلات العمل، وهن ينتمين إلى الطبقة الثرية، في تبادل الشتائم الألفاظ الخارجة والمقززة بصورة بدت مبالغ فيها إلى درجة تطرح تساؤلا حول الدافع وراء ذلك، فقد يجد البعض مبررا لاستخدام الشتائم الخروج عن الآداب العامة في الأعمال التي تتناول العشوائيات أو في تدور في أماكن لها طبيعة خصوصاً مثل الكباريهات مثل «مزاج الخير»، لكن من الصعب إيجاد مبرر لإقحام هذه الالفاظ في حوار يدور بين شخصيات تنتمي إلى طبقة اجتماعية من المفروض انها «راقية».

في المقابل طرح مسلسل «الشك» نموذجا سلبيا متمثلا في دور بطلته مي عز الدين التي تدمر عائلتها بسبب طمعها وتمسكها بميراث ضخم آل إلىها على حساب سمعة وشرف والدتها، كذلك قدمت صابرين شخصية سلبية لامرأة بخيلة وتقوم باي شيء من أجل المال، وطرح العمل في المقابل دورا ايجابيا قامت به الفنانة رغدة  ابدت فيه قدرا جيدا من التماسك في مواجهة تخلي جميع أفراد عائلتها عنـها وتوجيـه تهمة لها تمـس شــرفها.

هناك أعمال اخرى قدمت نماذج سلبية للمرأة ولكنها شخصيات واقعية وموجودة في المجتمع العربي مثل مسلسل «القاصرات» الذي يناقش قضية زواج القاصرات حيث تتحول الفتيات إلى ما يشبه السلعة التي يتحكم فيها والدتها دون إرادة منها، أمر مشابه قدمه مسلسل «من دون ذكر أسماء» الذي يظهر سلبية المرأة في الاحياء الشعبية وعدم قدرتها على اتخاذ قرار بمفردها. في حين قدم «نيران صديقة» تطور الشخصيات مع السن والانخراط في الحياة العملية حيث تتراجع المباديء في مواجهة المصلحة والماديات، وهو ما يظهر أيضا تطور الشخصية المصرية وظهور فئات وتتنازل عن كثير من مبادئها في سبيل تحقيق الشهرة أو المكسب المادي سواء بين رجال وسيدات الأعمال أو الاعلام أو الفن.

من جهة أخرى حاولت بعض الأعمال تقديم صورة غير نمطية أو ايجابية للمرأة من بينها «نكدب لو قلنا ما بنحبش» الذي حاولت فيه يسرا التمرد على انكسارها عقب طلاقها، لتعود إلى ممارسة حياتها بشكل جديد وروح مختلفة. ايضا حاولت ليلى علوي تقديم شخصية ايجابية للفتاة التي تأخرت في الزواج «العانس» في مسلسل «فرح ليلى» حيث تهتم برعاية مريضات السرطان بشكل تطوعي وتعتني بوالدها وأختها، وتدير بنجاح عملها الخاص، كذلك قدم مسلسل «بنت اسمها ذات» شخصية ذات التي يعرض من خلالها للتطورات التي شهدها المجتمع خلال الفترة من الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات. ورغم الطابع الكوميدي الذي تتسم به حلقات «الكبير قوي»، وانها تدور في احدى قرى صعيد مصر إلا ان دنيا سمير غانم التي تقوم بدور «هدية» ظهرت بشخصية قوية ومؤثرة في منزلها وحتى في قرارات زوجها العمدة «الكبير» .

تويتر