في أمسية حصرية لمهرجان أبوظبي

أصوات ماسية تستحضـــر «الإرث الرحباني»

صورة

ليلة طربية من الطراز الأول أهدها مهرجان أبوظبي ‬2013 مساء أول من أمس، إلى عشاق الطرب الأصيل والفن الرحباني على وجه الخصوص، من خلال أمسية «الإرث الرحباني»، التي أقيمت في «قصر الإمارات»، وشهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً، امتلأت به مقاعد المسرح الكبير، وتمت الاستعانة بمقاعد إضافية.

الحفل الذي قام بإعداده غدي وأسامة الرحباني، بتكليف حصري من مهرجان أبوظبي للاحتفاء بالإرث الغنائي والموسيقي العريق للأخوين عاصي ومنصـور الرحباني، الذي لايزال يلهم الكثيرين منذ أكثر من‬60 عاماً، أثبت أن الرحابنة لم تكن نوعاً من الموسيقى فرض نفسه على الساحة العربية وغير من ملامحها فقط، ولكنه مدرسة متكاملة تقوم على أسس وجذور عريقة تجعلها قادرة على الاستمرار وتخريج أجيال لا تقل إخلاصاً للفن من المؤسسين.

على غير المتوقع، جاءت بداية الحفل الذي شهده الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، من الجهة الخلفية للمسرح وعلى دقات الطبول التقليدية والإيقاعات المحلية يعزفها عدد من أعضاء الفرق الشعبية بالإمارات، يتبعهم مجموعة من طلبة المدارس يرتدون الأزياء التقليدية للإمارات ولبنان، بينما ألقى الشاعر الإماراتي جاسم عبدالله الماس، قصيدة عن العلاقة التاريخية بين البلدين، وعقب ذلك قام بإهداء القصيدة إلى سيدة لبنان الأولى وفاء سليمان.

تحية لحاملة السلام

في بداية الحفل قدم غدي الرحباني نبذة عن الأمسية وعن تاريخ الرحابنة، الذي ارتبط بالمسرح والحنين والأرض والشعب والبطولة. رافعا تحية سلام إلى حاملة السلام الفنانة فيروز «ذات الحضور الآسر والصوت الفريد الساحر»، التي شكلت مع الأخوين منصور وعاصي مثلثاً فنياً كان فيه السيف وهي الأغنية، بحسب ما ذكر غدي، مشيراً إلى أن الوصول إلى النجوم قد يكون أسهل من الوصول إلى القلوب، بينما استطاعت فيروز أن تصل إلى النجوم، ومن قبلها وصلت إلى القلوب وهنا العظمة في الفن.

وعلى مدى ما يقرب من الساعة والنصف الساعة، مقسمة على جزأين، تجولت مجموعة من نجوم الغناء تضم غسان صليبا، ورونزا، وفاديا الحاج، وهبة طوجي، وسيمون عبيد، ونادر خوري، وإيلي خياط، بين كنوز الإرث الرحباني، وقدموا عـدداً كبير اًمن الأغنيات، بمصاحبة الموسيقار أسامة الرحباني على البيانو، والأوركسترا السيمفونية الوطنية الأوكرانية بقيادة فلاديمير سيرانكو، و‬20 من الكورس.

من خلال هذه الأغنيات، كشف هؤلاء النجوم عن أصوات ماسية وثقافة فنية عالية طالما اتسم بها من ينتمون إلى مدرسة الرحابنة، في المقابل استقبلهم الجمهور بحفاوة توازي ما تمتعوا به من احترافية وتميز في الأداء.

وبدأت فقرات الحفل بقصيدة مغناة للإمارات قدمها الفنان غسان صليبا، لتتوالي بعده كنوز الطرب الرحباني من بينها: «نحنا والقمر جيران»، و«نسم علينا الهوى»، و«أنا وشادي»، و«أحمر لون الثورة»، وغيرها من الأغنيات التي ستظل باقية في وجدان المستمع العربي.

على خطى الكبار

عبّرت مُؤسس «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون»، المؤسِّس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، هدى الخميس كانو، عن فخر المهرجان بالإسهام عبر هذه الأمسية في إحياء الإرث العريق للرحابنة، وقالت: «من أهم الأدوار التي نضطلع بها في مهرجان أبوظبي تشجيع جهود المحافظة على إرثنا الفني والموسيقي العربـي وإحيائـه والترويج له عالمياً، وإننا نفخـر بأن نسهم في إحياء إرث منصور وعاصي الرحباني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس إلى جـانب السيدة فيروز، في فترة كانت بمثابـة عصر ذهبي للغناء استعدنا فيها كنوز تراثنا الغنائي الشعبي، واليوم ونحن نحتفي بالذكرى الـ‬10 لانطلاقة مهرجان أبوظبي، نهدي جمهورنا الحبيب هذا «الإرث الرحباني» العريق ليتعرف جيل جديد من الموسيقيين ومحبـي الفنون الراقية إلى هؤلاء العمالقة ليستلهموا منهم مستقبلهم الفني، ويتتبعوا خطى منجزهم الأسطوري الذي تخطى حدود العالم العربي إلى العالم».

مقتنيات رحبانية

صاحب الأمسية معرض حصري أقيم في ردهة مسرح فندق «قصر الإمارات»، للمخطوطات والآلات الموسيقية والأزياء من المقتنيات الخاصـة للأخوين رحباني، ضم عدداً كبيراً من الأزياء التي استخدمت في المسرحيات المختلفـة التي قدمها المسرح الرحباني مثل «زنوبيا»، و«أبوالطيب المتنبي»، و«عودة الفينيق» وغيرها، وهي من تصميم غابي أبي راشد. إلى جانب مقتنيات خاصـة، مثل مخطوطات ونوت وقصائد من دواوين منصور الرحباني بخط يده، وآلات موسيقية وقبعات وأقلام وغيرها.

وضمن فعاليات إحياء الإرث الرحباني تقام مساء اليوم ندوة حوارية بالتعاون مع جامعة نيويورك أبوظبي في مقر الجامعة بأبوظبي، وسيترأس الندوة الشاعر هنري زغيب، بمشاركة الدكتور غازي قهوجي، الذي سيناقش ثيمة المكان في مسرحيات الرحابنة، وهالة نهرا التي ستتطرق إلى دور الجيل الثاني من الرحابنة، أما أسامة الرحباني فسيناقش النهج والثيمات الجديدة لفن الرحابنة، وذلك بحضور العديد من الشخصيات المعنية بالشأن الفني والموسيقي. يعد أسامة وغدي الرحباني من أشهر الملحنين العرب حالياً، وقد اشتهرا بلونهما الموسيقي الخاص بهما، وتعاونا في الكثير من المشروعات الموسيقية مع والدهم منصور، ومروان الرحباني، وحملوا على عاتقهما الإرث الموسيقي للعائلة، بالمشاركة مع زياد الرحباني ابن عاصي وفيروز. ويعد أسامة الرحباني صديقاً لمهرجان أبوظبي، حيث سبق له وأن شارك في البرنامج الرئيس لمهرجان أبوظبي عام ‬2011 في قاعة «زها حديد».

تويتر