حسن علوان: رأيت لوحاتي المسروقة في عواصم ومدن عربية

‬20 لوحة تروي حكايا و«أحــلاماً بغدادية»

صورة

قال الفنان التشكيلي العراقي حسن عبد علوان إنه رأى العشرات من لوحاته التي سُرقت أثناء فترة سقوط بغداد وما بعدها في عواصم ومدن عربية عدة، مشيراً إلى أن معظمها كان ضمن مقتنيات وزارة الثقافة العراقية، في حين أن إحداها وهي جدارية كانت معلقة في مطار بغداد الدولي تأتي في مساحة ‬21 متراً.

البحث عن «فرجان»

قال الفنان العراقي حسن عبد علوان إنه منذ أن حل ضيفاً على الإمارات منذ أيام قليلة بهدف التحضير لإقامة المعرض، وهو يبحث عن الروح الشعبية التي يراها تكمن بشكل نموذجي في الأبنية القديمة والأحياء والفرجان الشعبية التي تكتسي قدرة فائقة على وصل ماضي المكان بحاضره.

وأضاف : «يجتهد المرافقون لي على أن يضعوني في سياق حداثة المكان، لكنني مشغول بالوصول إلى حداثته عن طريق آخر يبدأ من تلك الروح الشعبية، وحينها سأكون قادراً على صياغة أحلام إماراتية بالألوان التي أشعر بالغربة الشديدة عندما تفارقني، ولا أجد ما ابحث عنه كي أصوغه تشكيلاً». واضاف: «عندما يصبح الفنان متفرغاً يبدو أكثر قدرة على الإنجاز بسبب حالة الصفاء الذهني التي يعيشها، وهو ما أشعر به في تلك المرحلة الفنية التي تخلصت فيها من أعباء الوظيفة الرسمية، لذلك لا أتردد أن أصيغ أحلاماً مقترنة بهوية بلدانها العربية كلما تنقلت بصحبة ريشتي». ويرى علوان أن الفن الذي هو قرين الحياة، لا يمكن أن يكون بحال رفيقاً للساسة أو السياسيين، مضيفاً: «لابد أن يحافظ الفنان على استقلايته بمسافة تبعده عن الجميع دون أن تفصله عنهم، ويظل منحازاً فيها للمجتمع وقضاياه»، مضيفاً: «حتى تلك الحدود الوضعية في المحيط العربي هي لا تمثل بالنسبة لي حواجز، ولازلت أؤمن بقول الشاعر (بلاد العرب أوطاني) مهما جرت المقادير».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/01/02-3000.jpg

وأشار علوان الذي افتتح، مساء أول من أمس، في مؤسسة العويس الثقافية معرضه الشخصي «أحلام بغدادية» بحضور الدكتور محمد المطوع عضو مجلس أمناء المؤسسة إلى أن الكثير من تلك الأعمال موجودة بصفة خاصة في العاصمة القطرية الدوحة، وأن أحدهم أقام متحفاً كاملاً من لوحاته، مضيفاً: «بعض اللوحات موجودة أيضاً في دبي، وتبدو الإشكالية في أن عملية شرائها تمت بشكل مشروع وقانوني بين من آلت إليه تلك اللوحات وأشخاصن، كما أن من يملك سلطة اتخاذ إجراءات قانونية لاسترداد تلك الأعمال هي وزارة الثقافة التي تحوذ سندات ملكية تلك الأعمال»، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً يتم الآن على مستوى رسمي لاسترداد بعضها .

وحول تجربة أن تتعرض أعمال الفنان للسلب، قال علوان «يشبه الأمر تماماً كما لو أنك ترقب جريمة وتحللها وهي في ديار جيران لك، فتجد ابطالها فجأة في منزلك نابشين في رأسك ومخيلتك ورؤاك أنت».

حكايا

جاء المعرض ليحيل بدءاً من مسماه «أحلام بغدادية» عبر ‬20 لوحة متعددة المقاسات والأحجام بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة إلى عوالم علوان التشكيلية، التي يحتفي فيها بالمرأة التي يراها واقع تلك الأحلام في أزمنته المتغيرة، فاللوحات جميعها لوجوه وأجساد أنثوية، يبقى الرجل حاضراً في بعضها في الظل فقط، عبر رموز متباينة، أبرزها «الديك» الذي يطل بين الحين والآخر، محيلاً إلى رؤية تمزج بين الأسطورة والواقع في فضاء اللون، وكاننا أصبحنا في سياق ليلة لونية في عوالم حكايات «ألف ليلة وليلة».

وكعادة علوان اختار الألوان الزيتية والأكريلك وسيلته لصياغة رؤية فلسفية يتكئ فيها على خصوصية الإحالة إلى التراث والبيئة العراقيين، التي يراها لاتزال منفتحة على مختلف الحقب والعصور التي مرت على بغداد، وهو ما يسعى إلى توكيده برؤى تشكيلية ترى الفنان وريثاً شرعياً لتعاقب الحضارات التي مرت على بلاده، وهو ما يفسر المزج بين تيمات أشورية وبابلية وأخرى معاصرة في أعمال علوان التي تعقبت المرأة ، في حين أن المرأة نفسها في لوحاته تتعقب حلماً، على نحو يصوغ في مجملها رؤى جمالية وإنسانية يحتفي فيها بالرمز، مستثمراً قدرة فائقة على توظيف المساحات اللونية والفراغات من أجل أن تظل اللوحة محتفية بالحياة التي تحتضن بتوازي الاسطورة في ذات الوقت الذي تستظل فيه الواقع عبر فضاءات علوان اللونية.

يفتخر التشكيلي العراقي بأنه «نصير للمرأة بفرشاته»، ويضيف: «المستغرب هو كيف لا ينتصر المرء عموماً، وليس الفنان خصوصاً للمرأة، وهي بمثابة التربة الخصبة التي لا تعرف سوى العطاء، وهي وظيفة لم تتنازل عنها المرأة على مدار العصور، وعلى اختلاف موقع الحضارات منها، ونحن في الحقيقة عندما ننتصر لها فإننا ننتصر لمعاني الخير والحب والجمال، وننتصر في ذات الوقت لأنفسنا».

ويرى علوان أن الالوان الزيتية هي الأكثر قدرة على معالجة موضوعات تتصف بالديمومية، لذلك هو يعتبرها وسيلته التعبيرية الأساسية، مضيفاً: «عندما يصوغ الفنان التشكيلي لوحة، فإنه هنا يحاول تحدي مفهوم الفناء بألوانه، وهو تحد لا تسعفه عليه سوى الألوان الزيتية الأكثر قدرة على البقاء، تماماً كما أن موضوعي المتناول يسعى إلى البقاء من خلال خصوبته وعطائه المتجدد».

يذكر أن حسن عبد علوان تخرج في معهد الفنون الجميلة بغداد عام ‬1965، وهو عضو جماعة الرواد العراقيين والرابطة الدولية للفنون التشكيلية ونقابة الفنانين العراقيين، وعضو منظمة اليونيسكو للفن، وحاصل على جائزة مهرجان بغداد الدولي العالمي للفنون.

تويتر