موهبة واعدة تبدأ طريق الإبداع

مدية سالم.. كاتبة إماراتية ممتنّة لدعم عائلتها المحافظة

غلاف رواية «ما ذنبي يا حبيبي». الإمارات اليوم

الخيانة الزوجية وما يتلوها من تبعات اجتماعية، تجبر المرأة على تقديم تنازلات، رغم أنها الطرف المتضرر في العلاقة، التي غالباً ما يكون محكوم عليها بالفشل، هذا ما تناولته الكاتبة الواعدة مدية سالم، التي في قصتها الأولى «ما ذنبي يا حبيبي» كسرت جدار الصمت، وتعرضت للمحظورات الاجتماعية.

قد تكون فكرة القصة القصيرة المتعلقة بالخيانة الزوجية ليست بالجديدة، لاسيما أن كثيرا من الكاتبات والروائيات العربيات، وتحديداً الخليجيات، تناولنها وباستفاضة، إلا أن قصة «ما ذنبي يا حبيبي» يغلفها الطابع المشوق، فضلاً عن الترابط والاسترسال في الاحداث، إذ تبدأ القصة من وقوع فعل الخيانة، وتأثر «سارة» الزوجة المغدورة التي تكتشف خيانة زوجها وحبيبها «عمر» مصادفةً.

«مدية سالم» كاتبة تبحث عن ذاتها في كتاباتها، من خلال شخصيات رسمتها حروفها بطريقة متطورة في كتابة القصة القصيرة، دون الخروج عن المألوف في طرح الفكرة، إلا ان طريقة معالجة القضية تبين القدرة الكتابية لدى الكاتبة ومخيلتها الخصبة في انتقاء المفردات، وايجاد الحلول والخروج بشخصيات القصة إلى بر الأمان.

ألم الخيانة

أمنية كاتبة

تتمنى الكاتبة الإماراتية الواعدة مدية سالم أن يمسك اتحاد الكتاب الاماراتيين بيدها ليرشدها إلى الطريق السليم في إنماء وبلورة ما تملكه من أفكار ترجو من خلالها أن تضيف ولو قطرة في بحر الأدب الزاخر بكبار الكتاب والأدباء، إذ إن لديها قناعة بأن الاتحاد لن يتخاذل عن تشجيعها ودعمها من خلال تطوير موهبتها التي لاتزال في المهد، ورغم أن موهبتها اكتشفت عندما كانت في المرحلة الابتدائية، لكن لم تتجاوز نطاق رسم الصور والسرد القصصي، إلا في المرحلة الجامعية عندما بدأت فعلياً كتابة قصة «ما ذنبي يا حبيبي».

حول قصتها، قالت الكاتبة الإماراتية مدية سالم، لـ«الإمارات اليوم»، إن «ما ذنبي يا حبيبي»، قصة رومانسية، تدور حول ظلم المجتمع للمرأة، والاتهامات الجائرة التي تطالها فور حدوث شرخ في الحياة الزوجية، سواء كان شرخاً بسيطاً يسهل اصلاحه ومواصلة الحياة معه، أو عميقاً كما حصل مع سارة التي تصدم بخيانة زوجها لها.

وتتابع الكاتبة أن «القصة تدور أحداثها بعد وقوع الخيانة الزوجية، حين وجدت (سارة) أنها كانت تعيش في شبكة من الأكاذيب الوردية، فالزوج هو خائن ولديه علاقة بسيدة، الأمر الذي حطم قلبها لدرجة أن مجرى حياتها قلب رأساً على عقب، لاسيما أن الخيانة التي جاءت من طرف زوجها الذي تعشقه بجنون جعلها تدرك أن ما كانت تعيشه في السابق هو مجرد كذبة جميلة مزخرفة من زوج خائن». وتسير أحداث القصة وتزداد تعقيداً، عندما تقرر سارة الانفصال عن زوجها وحصولها على الطلاق نتيجة للضرر الذي وقع عليها، ولكن أسرة عمر «زوجها الخائن» توجه إليها أصابع الاتهام، إذ اعتبروها خائنة وناكرة للجميل، وأن ابنهم لا يمكن ان يقترف مثل تلك الخطيئة التي تدعيها، وتجد سارة نفسها مكبلة وتعيش في دوامة من الجحيم دون معين، وتغرق كل يوم أكثر في مستنقع الظلم دون أن ينقذها طاعنها الغادر الذي يكتفي بالمشاهدة.

تشويق وإثارة

بعنصري التشويق والاثارة، اكتفت الكاتبة بالإشارة إلى أن «سارة» لم يسمح لها بتقديم أي نوع من المرافعة الدفاعية عن جرم هي لم ترتكبه أصلاً، الأمر الذي دفعها لتقديم تنازلات، في مقدمتها التخلي عن كرامتها حتى تكمل مسيرة المركب المتصدعة من حياتها الزوجية المحكوم عليها بالفشل، ولكن هل تستسلم سارة للقيود التي كبلتها أم تتمرد وتحصل على براءتها، هذا ما قد تجيب عنه رواية «ما ذنبي يا حبيبي».

وتشير الكاتبة الى أن «القصة تعد أول اصداراتي التي حظيت بشرف توقيعها في معرض الشارقة الدولي للكتاب في الدورة الماضية، أما بقية الروايات فاحتضنتها في مجموعة مدونات ومواقع على الانترنت، وبخصوص (ما ذنبي يا حبيبي) فقد كتبت أول ثلاثة فصول عندما كنت في الجامعة، لأنقطع بعد ذلك لسنوات متواصلة، ثم أرجعني الشوق والحنين لأغوص من جديد في مشكلة سارة، وأنكب على كتابتها بشغف وتشجيع من أسرتي وصديقاتي».

 

خطوط حمراء

كونها من أسرة محافظة ومتشددة نوعاً ما، فوجئت «مدية» برد فعل أسرتها تجاه موهبتها التي كانت تعتقد بأنها ستجد صعوبة في احتوائها وتأقلمها معها، إلا أنها وجدت كل التشجيع والاحتواء والمؤازرة، رغم أن هذه الموهبة لم تكن مطروحة قبلاً في البيت، فهي أول كاتبة في عائلتها، لاسيما أنهم تجاوزوا الكثير من الخطوط الحمراء التي رسمها المجتمع وفرضها عليهم، «إذ شجعوني على كتابة القصة القصيرة التي اعشقها وأجد فيها مرونة أكبر وتركيزاً أكثر، ومساحة شاسعة للإبداع وقتل الملل في نفس الكاتب».

ولم يقف التشجيع عند هذا الحد، بل كانت والدتها ضمن المشاركين والموجودين في حفل توقيع قصة «ما ذنبي يا حبيبي»، الأمر الذي فسره البعض أنه نوع من الرقابة، إلا ان «مدية» اعتبرته نوعاً من الدعم الخاص، لاسيما أن والدتها دائماً تشجعها، بل وتشاركها باقتراحات عندما تستشيرها مدية حول كتابتها لأحداث القصة، بل تعتبرها «منبعاً لطموح لا ينضب في داخلها»، فلم تكن يوماً حجر عثرة في طريقها، وكذلك جميع أفراد أسرتها.

وتعتبر مدية أن من حق الكاتبات اللاتي ينتمين إلى أسر محافظة، ترفض انخراط الفتاة في المجال الأدبي، أن يلجأن للأسماء المستعارة، الأمر الذي يمكن تفسيره بأنه خجل أو قيود مجتمعية دفعت بالأهل إلى إبقائهن يكتبن في الخفاء، لافتة إلى أن «المهم أن حلم الكتابة لديهم يرى النور، سواء بأسماء مستعارة أو حقيقية، ولست مع أو ضد اللجوء إلى الأسماء المستعارة طالما الإبداع هو الهدف».

تويتر