«جبال التنين».. جنة المغامرين في جنوب إفريقيا

صورة

تشتهر جنوب إفريقيا بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة التي تأسر قلوب السياح من مختلف أنحاء العالم، وتعتبر سلسلة جبال دراكنزبرغ، التي تُعرف باسم «جبال التنين»، بمثابة جنة لعشاق المغامرة، حيث تتيح لهم هذه السلسلة الجبلية فرصة نادرة للتنقل بالحبال بين الوديان والأخاديد العميقة ووسط الغابات والأدغال الكثيفة. ويبلغ ارتفاع هذه السلسلة الجبلية نحو ‬3482 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتمتد على مساحة تبلغ ‬100 كلم مربع، وقد أدرجت منظمة «اليونيسكو» هذه الجنة الطبيعية على قائمة التراث الطبيعي العالمي، لما تزخر به من حيوانات برية ونباتات نادرة وبقايا أثرية.

ويعمل ثانداناني ماباسو مرشداً لجولات الكانوبي، التي يتنقل خلالها السياح عن طريق حبل معلق في الهواء بين الأشجار العملاقة والنتوءات الصخرية الضخمة، وتبدأ هذه الجولات من منطقة يوجد بها قبر يحظى بأهمية تاريخية كبيرة في المنطقة، وتحكي هذه القصة المروعة أن ديك باري، الذي دفن هنا فوق أعلى سلسلة جبلية في جنوب إفريقيا، كان رائداً لرياضة تسلق الجبال، لكنه سقط عام ‬1938، عن عمر يناهز ‬22 عاماً، أثناء تسلقه لأحد هذه الجبال التي يزيد ارتفاعها على ‬3000 متر فوق سطح البحر.

طرزان العصر

تزخر سلسلة جبال دراكنزبرغ بالغابات والأدغال الكثيفة، وتسود أجواء مظلمة في هذه الغابات، ولا يتسرب إلا بصيص من الضوء وأشعة الشمس إلى الأرض. وتعلو الأشجار العملاقة إلى عنان السماء بشكل لا نهائي، وتتشابك جذوعها الضخمة لتتسلق عليها النباتات والحيوانات المختلفة، وتبدو هذه الغابات كأنها مكان مثالي لطرزان العصر الحديث. وفي جولات الكانوبي يتم ربط المغامرين في حزام المقعد الذي يحيط بالفخذين والكتفين عن طريق ثلاث حلقات وحمالتي سراويل، ويتم تعليق المغامرين بواسطة خطافات في ثلاثة حبال سميكة لتسلق الجبال. ويحتاج كثير من المغامرين إلى بعض الوقت للتخلص من متاعب الدوار، والتغلب على مشاعر الخوف من تعليق حياتهم بحبل فولاذي مشدود فوق الوديان السحيقة. لكن ثانداناني ماباسو لم يدع لنفسه فرصة للتفكير وانطلق في جولته المثيرة التي تحبس الأنفاس.

ويمسك المغامر بإحدى يديه بالنايلون، أما اليد الأخرى فتكون محمية بقفاز سميك، لكي يستخدمها كفرامل على الحبل الفولاذي المشدود فوق الوديان العميقة وبين الأشجار الضخمة. ويتبخر الجزء الأكبر من الخوف من المرتفعات لدى المغامرين من خلال بكرات التوجيه، التي تقود المغامرين خلال متاهة من الأشجار العملاقة، ويتوقف المغامرون في أول محطة لهم على منصة خشبية تحيط بجذع شجرة ضخمة، وترتفع عن الأرض بمقدار ‬10 أمتار.

وبالقرب من فروع الأشجار المنتشرة في المنطقة تبدأ الجولة الثانية من رحلات الكانوبي فوق الوديان المفتوحة، حيث يستمتع المغامرون بأشعة الشمس الساطعة والسماء الزرقاء الصافية، ولا يخلو هذا المشهد من بعض الغيوم التي تنتشر هنا وهناك، ويخيم الهدوء على أرجاء الوادي، ولا تهب عليه رياح قوية.

موسيقى طبيعية

تصدر من وقت إلى آخر بعض الهتافات والصرخات المدوية، وتعزف الطبيعة مقطوعة موسيقية وألحاناً عذبة في هذا الوادي، من خلال حفيف أوراق الأشجار المتشابكة، أو شقشقة الطيور وهدير الماء المتدفق بالنهر القريب.

وبعد انتهاء الجولة الثانية يهبط السياح بسلام إلى الأرض مجدداً، ويعودون أدراجهم محملين بذكريات رائعة تظل عالقة بأذهانهم إلى الأبد، ويحدوهم الأمل في العودة قريباً إلى هذه الطبيعة الخلابة، لمعايشة روح المغامرة والإثارة مرة أخرى.

تويتر