بين محمود عبدالعزيز وعادل إمام

ساحر «باب الخلق» يتفـــوق على «فرقة الزعيم»

«فرقة ناجي عطاالله».. خطاب مباشر وقفز على معايير المنطق. أرشيفية

عندما يقرر فنان كبير بتاريخه الفني السينمائي أن يعود للشاشة الصغيرة التي يشاهدها ملايين الناس يترك انطباعاً وقبيل عرض عمله أنه سيؤثر في المشاهد إيجاباً، لكن الذي حدث هذا العام بوجود قامتين فنيتين مثل عادل امام ومحمود عبدالعزيز لم يكن بقدر التوقعات منهما، على الرغم من ان محمود عبدالعزيز في مسلسل «باب الخلق» الذي يلعب فيه دور البطولة المطلقة حافظ على مستواه الفني وخطواته الثابتة، على عكس عادل إمام في مسلسل «فرقة ناجي عطا الله»، الذي أطلق عليه متابعون «فرقة عائلة عادل إمام» إشارة الى أبنائه مخرج العمل رامي إمام وأحد اعضاء فرقته محمد إمام.

عودة امام الى الشاشة الصغيرة بعد 30 عاماً على آخر اعماله الدرامية «دموع في عيون وقحة»، وتأجيل عرض العمل الذي كان من المفترض أن يكون في رمضان الفائت، والسبب هو ثورة 25 يناير، جعلت المشاهد مترقباً، خصوصاً انه يدور حول الصراع مع الكيان الصهيوني بطريقة مختلفة تكاد تكون خيالية، فالعاطفة اذاً هي الدافع المباشر في رؤية الزعيم وهو يتحدى الكيان، والمفارقة انه أراد أن يعيد صيت «رأفت الهجان» الذي أدى دوره محمود عبدالعزيز في عمل وصف بالأهم في تاريخ الصناعة الدرامية.

وعن «فرقة ناجي عطا الله» قالت الكاتبة الاردنية رشا سلامة «خطاب مباشر، رمزيات واضحة، قفز على معايير المنطق والممكن في ما يتعلق بسلسلة التوعدات لكيان الاحتلال، تضخيم لحجم القدرات وجنوح نحو (أسطرة) الشخصية المصرية في سبيل استعادة وزنها السياسي المقاوِم، على الرغم من كونها انسحبت من حومة الصراع العسكري بإصرار تام حتى اليوم، وفي الوقت ذاته إلحاح مكشوف في اللعب على وتر الدبلوماسية والتغني بخيار السلام؛ في سبيل كسب الأطراف كلها، إلى حد يخال فيه المُشاهِد أنه لو قُدّر لهذه الشخصيات أن تدخل فلسطين في الواقع فلن تستلزم معركة التحرير أكثر من بضع ساعات ما بين قدرة عالية على المقاومة ودراية تامة بتلافيف المكان وإمساك لافت بتلابيب اللغة العبرية، وتمتع بشبكة علاقات واسعة مع الأعداء».

ناجي عطا الله الملحق الإداري بالسفارة المصرية في إسرائيل في المسلسل «يتنقل بحرية، يسخر بعنف لفظي شديد ويوزع الأموال، يهين موظفين كباراً في تل أبيب، إنه ذكي وسط أغبياء، غني وسط فقراء، ثرثار بلا حدود، يقدم مونولوجا لا حوارا، يبدأ جل جمله بـ(أعرف) أو (أنا عارف)، يهين من يفترض أنهم خدامه ولا يشعرون بالإهانة، يخطط لسرقة بنك بطريقة ساذجة»، هذا حسب الكاتب المغربي محمد بن عزيز.

وفي المقابل، قال الشاعر الفلسطيني معن سمارة «رغم هشاشة وضعف العمل الفني (فرقة ناجي عطا الله) من ناحية النص والحوار، وعمق الحكايات والتفاصيل إلا أن عادل إمام وفريق العمل هنا يقدم شكلا جديدا من النضال ضد إسرائيل، وإن كان الطموح فردياً، ويفتح الأفق أمام فكر مختلف في كيفية محاربة إسرائيل، تماما كما فتح أفقا جديدا أيضا في فيلمه (السفارة في العمارة)، وكيف يمكن للمجتمع محاربة التطبيع مع إسرائيل عبر طرق ووسائط جديدة»، مؤكداً «أنا شخصياً معجب بهذه الأشكال النضالية الحداثية، وأتمنى أن تؤسس في العمل الوطني العربي والفلسطيني في محاربة إسرائيل وحلفائها»، والنتيجة أن امام مازال يلعب دور الزعيم في كل أعماله وهو البطل المغوار الذي لا ينهزم ابداً، ناهيك على أن هذا العمل حسب ردود الفعل العامة عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي يسهم في تشجيع التطبيع مع اسرائيل، خصوصاً أن العمل تم انتاجه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي كانت تربطه علاقة جيدة مع امام، وهو ما اعتبره كثيرون خدمة لنظام مبارك وعلاقته مع الكيان في محاولة تجميلية لكل أنواع التطبيع.

ألباتشينو العرب

يعود محمود عبدالعزيز الملقب بالساحر الى الشاشة الصغيرة بعد غياب تسع سنوات في مسلسل «باب الخلق» الذي يشاركه فيه ابنه كريم أحد الأبطال، وابنه محمد منتجاً، فبعد «محمود المصري» آخر مسلسل لعبدالعزيز، يقدم العمل الجديد شخصية جديدة ضمن سياق درامي جديد يحكي عن العائدين من افغانستان، وارتباط عبدالعزيز بدوره في مسلسل «رأفت الهجان» الذي اثار إعجاب الغالبية من متابعيه، واعتبر نقلة نوعية في طريقة الصناعة الدرامية، أصبح كأنه يتأنى في خياراته الدرامية، خصوصاً أن «محمود المصري» لم يلق الاعجاب الجماهيري الذي لاقاه «رأفت الهجان».

فالساحر في عمله الجديد يؤدي شخصية «محفوظ زلطة» مدرس اللغة العربية، الذي يهاجر خارج مصر وقبل الثورة يعود إلى المنطقة التي ولد بها في باب الخلق، حيث تمر الشخصية بالعديد من المراحل العمرية، ويرصد المسلسل التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري، كذلك يرصد علاقة الغرب بالعرب. الكاتبة لميس جابر زوجة الفنان يحيى الفخراني قالت «مسلسل (باب الخلق) جميل ويتحدث عن العائدين من أفغانستان الذين كانوا مع جماعة طالبان وهي منطقة جديدة في الدراما، والأداء في المسلسل جيد، وكذلك الصورة والملابس والإخراج».

في المقابل، وصفت الكاتبة الاردنية حنان كامل الشيخ، محمود عبدالعزيز بـ«ألباتشينو العرب»، حيث تظل شخصية رأفت الهجان هي المسيطرة على اي عمل يقدمه محمود عبدالعزيز، وهذا من شأنه تشجيع المتابع على تتبع خطوط الشخصيات الجديدة»، وأضافت «عبدالعزيز فنان بمعنى الكلمة له القدرة الفطرية على تقمص الشخصيات بحرفية عالية تليق بمشواره الفني».

تويتر