برامج «تفسير الأحلام» في دائرة الجدل

اهتمام النساء بتفسير الأحلام بقدر يفوق اهتمام الرجال يرجع إلى طــــــــــــــــــــــــــــــــــــبيعة المرأة العاطفية. غيتي

مع تزايد شعبيتها لدى الجمهور العربي، وإقبال القنوات الفضائية على تقديمها لمشاهديها، أصبحت برامج تفسير الأحلام محور جدل وتساؤلات عدة، خصوصاً بعد ان تحولت لدى بعض وسائل الإعلام إلى وسيلة لكسب المال كما في الخدمات الهاتفية التي تتيح للمتصل التعرف إلى تفسير حلمه، او في بعض الفضائيات. في الوقت نفسه بدأت تظهر لهذه البرامج آثار اجتماعية سلبية، كما في حالة المواطن السعودي الذي قام بتطليق زوجته بناء على نصيحة أحد مفسري الأحلام له. فهل باتت برامج تفسير الأحلام خطراً على المجتمع؟ وهل تعد مؤشرا إلى تراجع الوعي بين الجمهور؟ وما الشروط التي يجب ان تتوافر في من يتصدى لتعبير الرؤيا؟

عن هذه الأسئلة وغيرها أجاب المستشار الأسري والديني بقسم التوجيه الاسري في دائرة قضاء أبوظبي أشرف العسال، الذي يتولى تقديم برنامج «حلم وعلم» على قناة ابوظبي الإمارات، موضحاً ان الأصل في تفسير الأحلام انها علم شرعي وأصل في الكتاب والسنة النبوية، حيث ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من ستة مواضع، من بينها ثلاثة في سورة «يوسف»، كما أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) له ثلاث رؤى في القرآن الكريم من بينها رؤيا موقعة بدر، ودخوله مع المسلمين المسجد الحرام وفتح مكة، والثالثة الرؤيا الخاصة بالإسراء والمعراج، كما اختص الله سبحانه وتعالى بهذا العلم أشرف خلقه من الأنبياء والرسل ومن بعدهم العلماء.

ورفض العسال الآراء التي تربط بين تفسير الاحلام وبين انتشار الجهل في المجتمع، مشيراً إلى انه لو لم تكن اهمية لعلم تأويل الرؤيا لما اهتم به القرآن الكريم والسنة النبوية، كما ان علم تأويل الرؤيا ليس ضدا للتكنولوجيا والتطور، وقد يحمل هذا العلم فوائد إيمانية تقوي من إيمان الفرد أو تصلح من سلوكه الاجتماعي، مثل الدور الذي تقوم به علوم اجتماعية مختلفة. وأضاف «كما أن الرؤيا كانت حافزاً لأعمال مهمة في الواقع، مثل كتاب (تفسير الجلالين) حيث بدأ الإمام جلال الدين المحلي بتفسير القرآن من سورة الكهف وانتهى به إلى سورة الناس، ثم وافته المنية، ثم قام الإمام جلال السيوطي بإكمال التفسير بعدما رأى في المنام استاذه يطلب منه إكمال الكتاب، بحسب ما ذكر الإمام الذهبي. أيضاً ثبت عن الإمام البخاري أنه ألف كتاب الجامع الصحيح بسبب رؤيا رأى فيها النبي (ص) وهو واقف بين يديه، وبيده مروحة يذب بها عنه، وعندما سأل المعبرين، اخبروه بأن تفسير الرؤيا انه يذب الكذب عن النبي (ص)، وهذا حمله على إخراج الجامع الصحيح، فالرؤيا علم شرعي مؤصل لا يجب ربطه بالتخلف، وإنما يمكن انتقاد المفسر إذا ما كان لا يسير على شرع الله وسنة رسوله».

وأكد المستشار العسال اتفاقه تماماً مع فتوى مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، التي أكدها علماء الأزهر الشريف كذلك، وانتقد فيها استغلال بعض القنوات الفضائية كوسيلة لتحقيق المكاسب المادية. موضحاً انه لا يجوز لمعبر الرؤيا الحصول على أجر مادي، لكن إذا كان يقوم بتقديم برامج ذات صبغة اجتماعية ودينية وخصص له راتب نظير مجهوده ووقته في اعداد البرنامج، فلا حرج في ذلك.

كما اشار إلى ان الاكثار من برامج تفسير الاحلام في الفضائيات غير مطلوب. معتبراً ان حضور هذا النوع من البرامج لم يصل إلى درجة الفوضى، لكن يجب على القائمين على الفضائيات اختيار المفسرين الذين يتولون تقديم البرامج.

وعن برنامج «حلم وعلم»، قال «اعتمد في البرنامج، وفي تفسير الرؤيا عموما، على منظور شرعي اجتماعي نفسي، بحيث يتحول تفسير الحلم إلى وسيلة للإصلاح الاجتماعي، مثل تشجيع صاحبه على التمسك بالدين وبتقوى الله، أو صلة رحمه، وهو نهج سيدنا يوسف عليه السلام في تفسير الرؤيا». مرجعاً نجاح برنامجه إلى هذا النهج.

من هو مفسر الأحلام الذي لا يجب الوثوق به؟ في اجابته عن هذا السؤال اوضح العسال «يجب ان نبتعد عن مفسر الأحلام الذي لا يستعين بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتفتقد قراءته للحلم إلى المنهجية والعمق، وكذلك الذي يستغل الجمهور مادياً، أو الذي يقوم بتفسير الحلم كأنه يقوم بوظيفة دون ان يرفقه بمعلومة في الدين او نصيحة ايجابية تفيد الانسان في حياته، او ينشر الفكر التشاؤمي بين الناس». موضحاً ان من يتصدى لتأويل الرؤى لابد أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط من أهمها: ان يكون حافظاً للقرآن الكريم، ودارساً للسنة النبوية، لأن المعبر يلجأ عند التفسير إلى الآيات القرآنية والسنة النبوية، كما يجب ان يكون ملماً بمناهج التعبير، كما يعتمد تفسير الرؤيا على تقوى المعبر وصدقه وأن يكون أكله من مال حلال، أما إذا عجز عن تفسير احدى الرؤى فعليه ان يعترف بذلك، لأنه مستأمن على ما يقول، ومن يكذب في الرؤيا فهو آثم أكثر من الكاذب في الحقيقة، وللأسف ان هناك بعض معبري الرؤيا في الفضائيات لا تتوافر فيهم هذه الصفات.

وأرجع العسال اهتمام النساء بتفسير الأحلام بقدر يفوق اهتمام الرجال، إلى طبيعة المرأة العاطفية، وما تعانيه من مشكلات وضغوط متعددة طوال اليوم، ما يجعلها ترى خلال النوم الكثير من الأحلام التي تعبر عن هذه الضغوط والمعاناة، وتحاول معرفة تفسير هذه الاحلام التي في الغالب تمثل أضغاث أحلام وليست رؤى يمكن تفسيرها. مشيراً إلى ان الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، وأن هناك انواعاً للأحلام منها الرؤيا الصادقة وهي بشرى من الله لعبده المؤمن، كما قد تكون الرؤيا تحذيراً او عتاباً من فعل او ذنب ما، وهناك حديث النفس الذي تدور حوله نظريات علم النفس بداية من فرويد، باعتبارها تعبيرا عن رغبات مكبوتة داخل الانسان، في حين تعد بعض الرؤى أضغاث أحلام لا تأويل لها كأن يرى الإنسان نفسه يسقط من ارتفاع أو ثعابين تهاجمه.

تويتر