رأت أن الفنان ليس بمعزل عن الأحداث والواقع

ابتســام عبـدالعـزيــز: لـــم أجد نفسي داخل إطار اللوحـة

ابتسام عبدالعزيز: على الفنان كسر الروتين والخروج إلى الشارع. الإمارات اليوم

قالت الفنانة الإماراتية ابتسام عبدالعزيز، إن «على الفنان أن يعمل على كسر الروتين السائد، والخروج إلى الشارع بهدف تثقيف الناس، وفتح حوار معهم، واقناعهم بأن الفن صار أبعد من كونه لوحة، ولكنه دائماً ما يحمل رسالة»، مشيرة إلى أنها «لم تجد نفسها داخل حدود إطار اللوحة».

وأضافت الفنانة التشكيلية أن «الأعمال الفنية التي تقدمها في إطار الفن المفاهيمي لا تحمل استجلاباً لتجارب غربية من الخارج، ولكنها تطرح قضايا من قلب المجتمع، أو تمثل توثيقاً للعصر الذي تعيشه، كلنا نعيش حالة اغتراب هي التي تجعلنا نصمد، وكلما قدمنا منتجاً شعرنا بأنه يعبّر عنا وعن حالة الاغتراب التي نعيشها، وبعد فترة نجد أنه لم يعد كذلك، وأن علينا تقديم عمل آخر يعبّر عما يدور بداخلنا، فالفنان ليس بمعزل عن الأحداث الإنسانية المتعاقبة التي تتولد في تجربة الحياة الواقعية، وأصبح العمل الفني يعاد إنتاجه على درجات ومستويات متعدده».

وتابعت: «بالنسبة إليّ أصبحت أتساءل عن الشيء وقيمته التي تجعل الموضوع أو الممارسة عملاً فنياً، ولذا سعيت في معظم أعمالي إلى دمج العصر وتقنياته، وطبيعة أعمالي تلبي حاجتي الملحة للاطلاع على اتجاهات الفنون المعاصرة، كما ارتبطت معظمها ارتباطاً وثيقاً بالعلوم المعاصرة، خصوصاً علم الرياضيات الذي درسته»، مضيفة، خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ فرع أبوظبي، مساء أول من أمس بعنوان «تجربتي في الفن المفاهيمي»، أن «بدايتها كانت مع الفن الكلاسيكي، كالبورترية ورسم الطبيعة وغيرهما، ولكنها لم تجد نفسها في هذا النوع من الفنون»، وقالت: «شعرت بأنني أحاول أن اسحب من الكاميرا دورها، ولم أجد نفسي داخل حدود إطار اللوحة الذي يحد من وجودي ورسالتي».

تاريخ «المفاهيمي»

أعمال

استعرضت الفنانة ابتسام عبدالعزيز، خلال الأمسية، مجموعة من أعمالها المفاهيمية، من بينها عمل نظامي بعنوان «إعادة رسم خريطة العالم العربي»، الذي أنجزته عام ،2010 أي قبل قيام ثورات «الربيع العربي»، وعمل اداء جسدي بعنوان «سيرة ذاتية» وضّح كيف تحولت حياة الإنسان في العصر الحديث إلى مجموعة أرقام، وآخر بعنوان «دوائر المرأة» يتعرض للقضايا والقيود التي تكبل المرأة في المجتمع.

أشارت عبدالعزيز إلى أن «الفن المفاهيمي في بداية ظهوره في الإمارات أثار العديد من الآراء التي غلب عليها رفضه، وعدم الاعتراف به، نظراً لخروجه عن المفاهيم الفنية السائدة في ذاك الوقت، والتي ترتبط بشكل رئيس بالفنون التقليدية كالرسم والنحت التقليدي»، معتبرة أن «اختلاف الآراء وتنوعها يعد مظهراً صحياً أفاد الساحة الفنية بشكل عام».

كما استعرضت خلال الأمسية لمحات من تاريخ الفن المفاهيمي في الإمارات، مشيرة إلى أن «نشأة الفنون التشكيلية في منطقة الخليج تعود إلى ما يقارب الـ30 عاما، تكثر الأسئلة حول الحركة والتشكيل في المنطقة». لافتة إلى تعدد الآراء حول قراءة هذا الواقع الذهني والبصري، بين واقع جمالي وإبداعي في المفهوم العام، وبين احتجاج يفرضه سوق التعامل مع الفن والعمل الفني «فتاريخ المكان الذي سجله العديد من الفنانين، وكل ما نراه من إطار عام وثقافي، إنما هو مزج من الواقع المتغير بفعل الحياة والانتقالات من مراحل التأسيس الأولية الى مخاطر التجريب، والخوض في البحث عن الأساليب والمضامين، لضرورة استكمال التأسيس نحو الاستقرار، وللبحث عن لغة للتعامل والتبادل في حوار جماعي بين الفنانيين والعالم، فالواقع والماضي يجتمعان حول هدف هذه الحركة التي تمحورت حول توثيق الحوار والتشارك جنباً الى جنب في تبادل فكري ثقافي، فني، اجتماعي».

واعتبرت عبدالعزيز أن «الفنان الإماراتي حسن شريف يعد الأب الروحي للفن المفاهيمي في الخليج، وتحديداً في الإمارات، حين بدأ بأعماله التجريبية في الثمانينات من القرن الماضي، بموادها المختلطة، إضافة إلى أعماله الأخرى التي كانت في مجموعة صور فوتوغرافية، وتوثق أعماله الأدائية التمثيلية، فمعظم تلك الأداءات قام بإنتاجها في الثمانينات، ويعد حسن شريف من أهم فناني الجيل الأول، فهو من أؤلئك الذين زخرت الساحة الفنية في الإمارات بمعطياتهم، بما قدمه من أعمال فنية على الصعيد العالمي أو المحلي، وما قدمة من أدوار اجتماعية تثقيفية وتعليمية لمن جاء من بعده من فنانيين ومثقفين من امثال: (حسين شريف، محمد كاظم، محمد أحمد إبراهيم وعبدالله السعدي)».

عقلية حديثة

عن تعريف الفن المفاهيمي، أشارت الفنانة الإماراتية إلى أن «الفكرة هي الأساس والسمة الأكثر أهمية في العمل في هذا النوع من الفنون، وهي الآلة التي تصنع الفن»، لافتة إلى أن «الفن المفاهيمي يحتاج إلى عقلية حديثة لتقديره وفك رموزه، وبالتالي الاستمتاع به، حيث يكتب الفنان المعاصر عن فنه، بطرق وكتابات مختلفة، لكن جميعها تتصل بعمل الفنان، وتلقي ضوءاً على شخصيته وعمله، كما يتولى الفنان هنا تحديد المادة أو الخامة التي يعبّر بها، فقد يتمثل العمل المفاهيمي في هيئة: لوحة مرسومة، أو رسم توضيحي، أو عمل تركيبي، أو فيديو، أو صورة فوتوغرافية، كما في أعمال فنانين كثر من أبرزهم مارسيل ديوشامب».

وعن أعمالها الفنية قالت عبدالعزيز: «أعمالي ما هي إلا جزء جلي وواضح يعبّر عن بصمتي في مسرح الحياة والمعايشة اليومية، واختلاف وتفاوت أشكال وخامات هذه الأعمال، من صور فوتوغرافية، وفيديو، وأعمال تركيبية، وأرقام وأشكال هندسية، يهدف لعرض غايات مختلفة، فمنها ما يحاول توثيق الزمن المتسارع، والآخر يقدم كوسيلة لعرض مخططات مصغرة لمشروعات بيئية ضخمة، من خلالها أعرض أفكاراً تبحث عن الطبيعة الإنسانية وتبحر في مغامرة، وهذه المغامرة تبحث عما يدور في أدمغتنا نحن البشر، ويعرض بعضها مفهوما آخر للتغيير المتسارع في بيئتنا، وغيرها من المفاهيم البصرية التي تشرح عملية التضاد بين الظل والضوء، ومنها ذو علاقة وطيدة (بفن الوهم البصري) في عرض يوحي بالتشويش المرئي للأشكال والخطوط الهندسية، والتي هي بالتأكيد تفصح عن مدى ارتباطي بعلم الرياضيات، فعمليات التلاعب بالأرقام والأنظمة الرياضية ماهي إلا تحريض على التغيير من أجل كسر قيود الأنظمة».

تويتر