«كتّاب أبوظبي» يناقش «اللغة العربية والهوية»
فرج علام وعلي الحمادي وإسلام أبوغيدة ومحمد المرشدي. تصوير: إريك أرازاس
أكد المشاركون في ندوة «اللغة العربية والهوية»، التي نظمها، مساء أول من أمس، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، فرع أبوظبي، أن الحفاظ على اللغة العربية يتطلب البحث عن استراتيجيات مبتكرة، والتركيز على غرس مشاعر الاعتزاز باللغة العربية في نفوس الأطفال قبل تعليمهم معارف اللغة وعلومها. معتبرين ان الاهتمام باللغة الإنجليزية في المدارس جاء على حساب اللغة العربية ومكانتها لدى الأجيال الجديدة.
وكشف نائب رئيس جمعية حماية اللغة العربية د.علي الحمادي، أن الجمعية رفعت مشروع قانون إلى مجلس الوزراء يوصي بعقد اختبار في اللغة العربية للعمالة الوافدة غير العربية، التي مر على اقامتها داخل الدولة ثلاث سنوات، على ان يكون اجتياز هذا الاختبار شرطاً لتجديد الإقامة فترة أخرى. موضحاً ان كثرة العمالة غير العربية المقيمة في الدولة، تعد من التحديات التي تواجه جهود حماية اللغة العربية، إذ يتم التساهل في اللغة العربية عند الحديث مع هؤلاء العمال والتحدث بلغتهم، او تكسير اللغة العربية. وأشار الحمادي إلى ان من التحديات التي تواجه اللغة العربية أيضاً، ضعف الدور الذي تقوم به الأسرة في غرس الهوية العربية في نفوس ابنائها، لذا تعمل جمعية حماية اللغة العربية على وضع استراتيجية تركز على الطفولة وغرس قيم الاعتزاز باللغة العربية في النفوس أولاً، ثم نقل معارف اللغة إلى الأطفال بطريقة مبتكرة تشجعهم على التفاعل معها.
ووصف الحمادي جمعية حماية اللغة العربية بالتجربة الفردية في الوطن العربي، الذي يزخر بعدد من مجامع اللغة العربية، بينما تعتمد فكرة الجمعية على الطابع المجتمعي. موضحاً ان امارة الشارقة أخذت قصبة السبق في مجال حماية اللغة العربية من خلال الجمعية التي تأسست عام ،1999 تجسيداً لفكرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، غير انه لم يرد لها ان تكون ذات شكل علمي او طابع مؤسسي رسمي، وانما أراد ان تأخذ منحى مجتمعياً لإيمانه بأن اللغة تحمى بأهلها، وتموت بتخلي اهلها عنها، حتى وان غاص فيها العلماء واحتفوا بها.
وأوضح الحمادي ان قول الله تعالى في كتابه العزيز: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، لا يعني التسليم بأن اللغة العربية أيضا محفوظة، فهناك جمهوريات كانت ضمن الاتحاد السوفييتي سابقا، تنتمي إلى الإسلام وتحفظ القرآن، في حين أنها لا ينطقون أي حرف عربي، كما توجد قبائل عربية أصيلة مثل قبيلة «طي» في العراق تخلت عن لغتها العربية، وهو ما يشير إلى أن حفظ القرآن الكريم لا يعني بالضرورة حفظ اللغة، ولكن يحتاج حفظ اللغة العربية وحمايتها إلى بذل الجهد من البشر، كما سبق وبذلت جهود كثيرة للحفاظ على الذكر الحكيم، مثل جمع القرآن في عهد الخلفاء وكتابته وغيرها من جهود عديدة.
وفي مداخلته دعا المحاضر في جامعة الإمارات د.إسلام أبوغيدة إلى الأخذ باستراتيجيات جديدة في التقويم، فيما يخص تدريس اللغة العربية.
وأشار إلى أن طرائق التقويم التقليدية لا تقوم على قياس المهارات، وممارسة اللغة، وإنما تقوم على قياس معلومات حول اللغة، وتهمل ممارسة اللغة، كما انها كانت، إلى فترة طويلة، تقيس القراءة والكتابة فقط، مهملة نصف مهارات اللغة وهي الاستماع والتحدث، مستخدمة في ذلك نصوصا مصنوعة تتسم بالتعقيد، فأصبحت لغة الدراسة شيئا، ولغة الحياة شيئا آخر. واعتبر أبوغيدة أن السبيل إلى النهوض باللغة العربية يكمن في الأخذ باستراتيجيات جديدة في التقويم تقوم على ممارسة اللغة لا على الكلام عن اللغة، بحيث يقيس المعيار واقع المهارة الفعلي عند المتعلم، ويحدد الفرق بينها وبين درجة الاتقان التي يجب ان يصل إليها في المهارة اللغوية، كما لابد أن يعطى المتعلم معلومات عن ادائه تحدد له جوانب القوة وجوانب الضعف، ليكون على بصيرة بالمطلوب منه.
ورأى الأستاذ في جامعة الإمارات د.محمد المرشدي، أن التحدي الذي يواجه اللغة العربية اليوم مرده الشعور المبالغ فيه بأهمية اللغة الانجليزية، الناتج غالبا عن الانبهار بكل ما هو أجنبي، والظن بأن التقدم لا يأتي إلا عن طريق إتقان اللغة الأجنبية للجميع، بل التحدث بها بين العرب انفسهم. مشيرا إلى ان استيراد لغة أجنبية لاستخدامها للتعبير عن مكنونات النفس او لغة للعلم والدراسة بدلا من اللغة الأم، ما هو إلا تعبير صارخ من أبناء الأمة المستوردة عن احساسهم بالضعة والدونية أمام ثقافات الغير.
وفي تقديمه الندوة، أشار د.فرج علام إلى ان اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل بين أبنائها الناطقين بها، أو وسيلة نقل معرفية فقط، بل انها تحمل في طياتها إرثاً حضارياً وأخلاقياً وقيمياً لا يمكن إغفاله. مستشهداً على أهمية اللغة بمقوله ابن حزم «فإن اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها، فإنما يقيد لغة الأمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news