منصور بن محمد كرّم المشاركين في الأمسية الأخيرة لـ «الملتقى»
«دبي للشعر الشعبي» يطوي دورتـه الـ 11
حضور مميز لجماليات القصيدة النبطية طوت به الدورة الـ11 لملتقى دبي للشعر الشعبي فعالياتها، مساء أول من أمس، في مركز دبي المالي العالمي، بحضور سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، الذي كرّم الشعراء المشاركين فيها وممثلي الشركاء الاستراتيجيين، واللجنة العليا المنظمة للملتقى.
وتميزت الأمسية الختامية باشتمالها على أربع تجارب شعرية، وليست ثلاثاً فقط، كسابقتيها، إذ أحياها الشعراء: الكويتي تركي الديحاني، والإماراتي سعد مرزوق الأحبابي، والسعودي سعد الخلاوي، والقطري شبيب بن عرار النعيمي. وبدا الجمهور أكثر انسجاماً مع القصائد المختارة لهذه المنصة الشعرية، وبدت تجارب الشعراء كأنها في حال تجانس تام، لتحمل منصة الملتقى تنوعاً ثرياً في أغراض القصيدة النبطية، ظهر فيه الحس الوطني، جنباً إلى جنب مع الشعر الاجتماعي والوجداني، لتقترب أجواء تلك الأمسية تحديداً من الأجواء الكرنفالية التي تساير تطور القصيدة النبطية، خصوصاً في ما يتعلق بخصوبة الأفكار، واستلهام صور شعرية لصيقة بالواقع الاجتماعي للشعراء، والتطرق إلى قضايا عصرية، وتجارب إنسانية.
|
حالة خاصة عبر ثلاث أمسيات، حملت كل واحدة منها تجارب شعرية ثرية، مثّل ملتقى دبي للشعر الشعبي في دورته الـ11 حالة خاصة في مسيرة الملتقى، الذي يقام سنوياً برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، من خلال اقتراب القصيدة النبطية بشكل أكبر إلى الجمهور، واستعادتها بشكل أقوى حالتها الشعبية، من خلال تنوع واضح في المضمون، أذاب الحدود بين المنصة ومقاعد الحضور، وجسر الهوة التي أوجدها ابتعاد القصيدة النبطية عبر تحليق شعراء في موضوعات بعيدة عن عوالم متذوقيها. ورغم أن تصريحات اللجنة المنظمة بأن الملتقى سيقترب هذا العام بشكل أكبر من جمهوره، عبر تنوع الأفكار والموضوعات التي يعالجها، لتشمل قضايا اجتماعية وإنسانية، دون أن يعني ذلك وجود دفع للشعراء الضيوف باتجاه أفكار بعينها، إلا أن واقع الحال قبل انعقاد تلك الدورة كان يوحي بصعوبة ذلك، لتمثل هذه الدورة تحديداً تحدياً مهماً حافظ على جماهيرية تلك المنصة، في الوقت الذي تمكّن عبر 11 شاعراً من عكس تطور القصيدة النبطية في منطقة الخليج، بكل ما فيها من ملامح خصوصية. |
ومنذ استهلاله قصائده بدا أن تركي الديحاني يسعى إلى خطب ود جمهور الملتقى من خلال قصائد ذات سلاسة لفظية، وأفكار منظمة ومبتكرة، ليبدأ بعد أن عبّر بصيغة شعرية عن امتنانه لحضور سمو الشيخ منصور بن محمد الأمسية، في عقد مقاربة بين مهارة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، في الوصول إلى أهدافه، ومهارة لاعب كرة القدم الفذ في الوصول بالكرة إلى شباك الخصم، محيلاً إلى مهارة اللاعبين الإماراتيين السابقين عبدالرزاق الطلياني وزهير بخيت، ليلتفت مباشرة في أبيات خاطب فيها الجمهور ودعاه إلى التأمل في حكمة سمو الشيخ حمدان بن محمد، فـ«الشطر في فزاع مطيب فاله»، مستشهداً بأن سموه لا تعييه المشكلات العضال، بل إنه «يحل أصعب شيء من جواله»، وهي مقاربة نالت أيضاً إعجاب الحضور على نحو ملحوظ.
وللمرة الثالثة على التوالي يأتي ذكر الشاعر محمد بن الذيب، خلال أمسيات الملتقى، بمعنى أن أثره الشعري حاضر، وإن غاب جسداً عن منصة الإلقاء، حسب تركي الديحاني، ليتخذ من ذلك مدخلاً لإحدى قصائده، التي بدأت بالإشارة إلى أثر الشعر ومكانته في المجتمع، موجهاً حديثه إلى الجمهور بأنه متهم دائماً بتخطي الخطوط الحمر، وهي المقدمة التي قادته إلى الفخر الذاتي، فهو المستعد دائماً لأمسية زاخرة بالصحافة والحماسة والجماهير، لأنه «الشاعر المغوار»، وإذا حضر «تصيح صفارات الإنذار»، ليكتسي الفخر عذوبة المفردات وجدة الفكرة، متطرقاً إلى الفخر براعي الملتقى، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد:
يا صاحبي ماني بضايق ومرتاع
شف ضحكة احجاجي وشرواك خابر
اني على همومي جزوع وبتاع
كبير لكن ما عرف المكابر
حتى على احساسي اذا صرت خداع
يردني بيض الورق والمحابر
طرق أبواب السياسة أيضاً لم يغب عن الديحاني، الذي أشار إلى «ربيع نبت بالشرق الأوسط دون أمطار»، وكيف أن هناك شعوباً قامت على الظلم والفقر وسوء الحال والاستبداد، في الوقت الذي حبا فيه الله شعوب المنطقة نعمة الاستقرار وعبقرية القيادة، في علاقة توحد بين الحاكم والشعوب، داعياً أن يديم الله الأمن والأمان على مختلف دول الخليج العربي، ويعم هذا الأمان سائر بلدان المنطقة العربية.
مزج الشعر بعبارات أميل إلى الحكمة كان بادياً على أشعار الديحاني في الأمسية، من قبيل «العقل ميزان الرجل.. والقلب ساحة قتال»، «ناس سترها ثوبها، وناس فضحها ثوبها»، وهو ما جعله يعاود الفخر: «قصيدتي جمعت فيها الواقع والخيال»، قبل أن يسأل الجمهور عما إذا كان متشوقاً للشعر الغزلي، ليجيبه بالإيجاب فيختم بقصيدة غزلية حملت الكثير من الصور الشعرية والتشبيهات التي جعلت الديحاني يصرح «سوف أجعل جميع قصائدي في مشاركتي المقبلة بالملتقى غزلية». الشاعر السعودي سعد الخلاوي كان عنواناً لخفة الظل في الأمسية، وهو ما نوه إليه الديحاني بالإشارة إلى أنه رغم ذلك «ثقيل الوزن، سواء وفق المقاييس الجسدية أو الشعرية». وعبر تنويعات ثرية قدم الخلاوي نخبة من جديده، عبّر في بعضها عن إعجابه الشديد بعبقرية شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والخصال الحميدة لراعي الملتقى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، رابطاً بين ذلك وعبقرية دبي، التي خصها بقصيدة قال في مطلعها:
جيت يا دبي كللي حب واشواق
في جيوبي ترانيم وغناوي
أاشبه انسان ينزف بوح لاضاق
يوم شاعر وعشر ايام غاوي
أمدري اشكي قساوة يبس الارياق
او اسولف عن احساس الهواوي
ليتطرق من وصف دبي إلى شعر في مدح حاكمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:
آل مكتوم والنوماس ميثاق
طوعوا بالهنادي كل عاوي
باسم شيخٍ ملا بالمجد الآفاق
اسم ضاوي على تاريخ ضاوي
الشاعر الإماراتي سعد مرزوق الأحبابي استهل قصائده، بقصيدة أهداها إلى سمو الشيخ حمدان بن محمد، رابطاً بين مجده ومجد والده، وسلالة المجد من آل مكتوم، وفق تراتبية زمنية أجاد نظمها بسلاسة في فكرة محورية عنوانها «سلالة المجد»، ليصل في إحدى معانيه الشعرية إلى أنه «ما يوجد على وجه البسيطة مثل حمدان»، ويفسر بعدها أسباب لجوء الشعراء المخلصين إلى المدح وهو أن «شيوخ العرب يرقوا للمجد مهما كان»، فيما ربط في قصيدة أخرى بين سمو برج خليفة يتحدى السحاب، وسمو قيم ومكانة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. واستأذن الأحبابي سمو الشيخ منصور بن محمد في أن يلقي قصيدة في «إعمار»، أهداها إلى الحضور وجميع عشاق الفروسية. كما ألقى قصيدة في مدح سمو الشيخ حمدان بن محمد، تنقل فيها بين العديد من الأفكار والصور الشعرية المبتكرة، قال في مطلعها:
تغيب المشاعر وتحضر في بعض الاحيان
ويبقى الكلام العذب في صدر راعيّه
وحشني بديع القول واشتاقت القيفان
لليل حضن جزل القصيد وقوافيّه
لمع فيك برق الشعر يا برج بوسلطان
وهلت من مزون المراويح وسميّه
الفارس الرابع من فرسان الأمسية الختامية الشاعر القطري شبيب بن عرار النعيمي، مثلت قصائده استكمالاً لحالة التنويع والثراء التي أحالت الأمسية إلى كرنفال للشعر الشعبي، إذ ألزم النعيمي نفسه الانسجام مع تلك الحالة، مستدركاً أنه دفع نفسه لاستلهام قصيدة غزلية من أجل الانسجام مع الشعراء الذين سبقوه بالأمسية، قبل أن يستهل مشاركته بقصيدة أهداها لسمو الشيخ حمدان بن محمد، قال في مطلعها:
الشعر روح الكلام اليا حضر دوره نعيش معه الحدث بالصوت والصورة
وتفاعل الفكر والاحساس والحبكة بنسج حروف القصيد وصادق شعوره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news