يعرضون 30 عملاً استغرق جمعها 9 سنوات

«القافلة».. فنانون عـــرب يحطّون الرحال في الشارقة

صورة

وصلت قافلة مؤسسة بارجيل للفنون إلى وجهتها النهائية على ضفاف قناة القصباء في الشارقة، وتحديداً في مركز مرايا للفنون، محملة بـ30 عملاً فنياً استغرق جمعها تسع سنوات، عكس من خلالها فنانون من دول عربية مختلفة فكرة السفر والحنين إلى الماضي وتجسيده بطريقة تكشف الفارق بين التاريخ الموثق والأسطورة، إذ يقدم كل فنان عملاً أو أكثر يعد مرجعاً للتاريخ الانساني له والجماعي حول الأفكار والمعتقدات السائدة في التراث والثقافة والأعراف.

واستطاع معرض «القافلة» الربط بين اعمال فنية رسمها فنانون من أجيال مختلفة، وبين استمرارية الفن التشكيلي على مر العصور، وأخذ المتفرج في رحلة بصرية تعكس معتقدات ونظريات حروب عايشها الفنان واساطير وعناصر خيالية جسدتها ذكرياته، تركت بصمتها على أعماله.

وقال الشيخ سلطان بن سعود القاسمي مؤسس بارجيل للفنون، لـ«الإمارات اليوم» إن «تنظيم معرض القافلة جاء بعد تسع سنوات مضت على اقتناء الأعمال المعروضة، والتي يتجاوز عددها الـ30 عملاً، لرسامين عرب، ينتمون إلى أجيال مختلفة، منهم الفنان التشكيلي شاكر حسن آل سعيد، الذي يعتبر من أكثر فناني العراق تأثيراً، إذ يستوحي أعماله التجريدية من التصوف الاسلامي، والرسام المغربي المرموق حسن الكلاوي الذي جسدت أعماله الجوهر الثقافي لوطنه، إضافة إلى الفنان التشكيلي العراقي فيصل لعيبي صاحي الذي اختزل مشهد الحياة اليومية العراقية في رسومات تضمنت المقاهي التقليدية والشخصيات الانسانية».

حكاية مستمرة

تضمّن معرض القافلة العمل الفني «حكايات مستمرة» الذي عرض في غرفة مظلمة، ويوصف العمل على أنه رسوم متحركة بالقلم الأسود جسدت شخصيات بسيطة ثنائية الأبعاد بأشكال متكررة على خلفية بيضاء، روت قصصاً عامة تدور حول العنف والقوة في المجتمعات البشرية.

ويصور الفنان شادي حبيب الله أشكالاً تبدو كأنها أفراد قبيلة يقومون بنشاطاتهم اليومية، منها الصيد وملاحقة الطرائد واضرام النيران، ومن خلال تكرار المشاهد يتم رصد لحظات الخوف والقوة أثناء عملية الصيد، كما يعرض مشهد آخر لرجلين مستلقيين جنباً إلى جنب ويتبادلان نظرات التنافس في محاولة لكل منها للتغلب على الآخر.

ولفت القاسمي إلى أن عنوان معرض «القافلة» يصف رحلة مجموعة من الفنانين بلغ عددهم 15 فنانا، تفاعلوا بصورة فردية أو جماعية مع مرور الوقت في منطقة مملوءة بالمفارقات والأحداث والرموز العصرية، وانعكست تجاربهم وذكرياتهم على شكل لوحات فنية تجريدية ورمزية وصور فوتوغرافية صورت مشاهد الأجواء غير المأهولة، ولقطات مركبة بطريقة الفوتومونتاج، والمنحوتات التي تجسد التراث العربي الأصيل ورموزه.

وأضاف أن هناك أعمالاً فنية عرضت في «القافلة» تم جلبها من العراق والمغرب والكويت ومصر ونيويورك والقدس، الأمر الذي استغرق زمناً لاقتنائها كلها وتنظيم المعرض، وأشار إلى أن «التنوع في اللوحات المعروضة والخامات المستخدمة والتطبيقات الفنية المستخدمة، أسهم في تحقيق فكرة المعرض التي روت أحداثا وأساطير وذكريات حملها الرسام في لوحة فنية».

تقنية الخراب

وظفت الفنانة التشكيلية العراقية هناء مال الله، «تقنية الخراب» في أعمالها الفنية، باعتبارها التقنية التي شاع استخدامها مطلع السبعينات، وتعتمد على استخدام المواد التالفة لغرض تجسيد الدمار والحرب والصراع الذي عايشته في العراق، وتوجهت الفنانة في لوحتها للعناصر المتوافرة في البيئة من أوراق محترقة وقماش ممزق واسلاك شائكة، لتصور حجم الدمار والخسائر التي خلفتها الحروب والاحتلال.

ولامست أعمال مال الله الجرح العراقي الذي لم يبرأ، وعكست خوفها من ضياع الموروث الثقافي العراقي، خصوصا بعد الدمار الذي لحق بالمكتبات ونهب المتاحف، إذ تعمدت الفنانة استخدام الورق المتفحم والمحترق جزئياً والبلاستيك، لتصوير الواقع المرير الذي عاشته.

أما أعمال الفنان التشكيلي العراقي نزار يحيى، فقد عكست صلته الوثيقة بنهر دجلة، وحملت لوحاته ذكريات المكان الحميمة والتي تحولت إلى ساحة صراع طائفي وسياسي، من خلال استخدامه الألوان الخافتة، مثل البني الرملي والأسود في عمله الصنارة وتصوير أسماك عالقة في صنارات الصيادين ورصد تحول حياة من يعيشون بالقرب من نهر دجلة (وهو منهم)، من نعيم وسلام إلى حروب وجثث تتلقفها مياه النهر المتدفق.

وتناول الفنان الكويتي سامي محمد في أعماله النحتية «الفارس العربي» الأشكال البشرية للتعبير عن الصراعات الشخصية والنزاعات والهوية الثقافية، واستخدم المواد المعدنية والخشب والجبس في إطار تجسيد جوانب الحياة البدوية.

أم الدنيا

يستحضر الفنان المصري خالد حافظ، في لوحته «أم الدنيا»، صور آلهة الأساطير القديمة، ويمزجها بصور إعلانية على لوحات قماشية يكسبها حساً حركياً وموسيقى روحانية.

وتجسد الآلهة الأنثى في لوحة حافظ ما يحمله من أفكار عن هيمنة العنصر الأنثوي على الذكوري، إذ يتعمد تجسيد الذكر بأحجام أصغر من الأنثى، وذلك يعكس تحديا واضحا للثقافة والأعراف المصرية القديمة القائمة على التحيز للجنس الذكري.

أما الفنان التشكيلي المصري شانت أفيديسيان فعمد الى المزج في لوحاته بين الشخصيات الشهيرة التي مرت على التاريخ المصري والأيقونات الفرعونية القديمة وتجسيد النماذج الهندسية الإسلامية والديكورات العثمانية والكتابات الهيروغليفية، وتتركز لوحاته على الفن الشعبي والشعر الصوفي.

وتناولت الفنانة اللبنانية لارا بلدي في مشروعها «أم الدنيا» وهو انتاج لقطات مركبة بأسلوب بصري مؤثر، العديد من الموضوعات، منها تصورات الخلق وانفصال اليابسة عن الماء، إذ تحرص الفنانة في أعمالها على دمج العناصر الواقعية بالخيال لتكوين صورة يحتاج المشاهد للتدقيق في تفاصيلها الكثيرة لمعرفة مغزاها.

فيما تضمنت أعمال الفنانة الإماراتية لمياء قرقاش صوراً فوتوغرافية تسلط الضوء على الأماكن الخالية، مثل المجالس وردهات الفنادق وغرف النوم، وترصد التغيرات السريعة التي تطرأ عليها، كما تستخدم قرقاش الضوء في ابراز عنصر الفراغ في المكان.

تويتر