سيدة أم آنسة.. سؤال يثير حنق الفرنسيات

«سيدة أم آنسة»؟ سؤال شائع للغاية في فرنسا، إذ يلجأ إليه الرجال لمعرفة ما إذا كانت من يخاطبونها «مرتبطة أم لا»، كما تستخدمه الإدارات الحكومية والمصارف والشركات الخاصة، التي لاتزال تجبر المرأة على إيضاح حالتها الاجتماعية «سيدة أم آنسة». وفيما يعتبر بعض الرجال سؤال كهذا ينم عن الأناقة في التصرف، فإن سؤال «سيدة أم آنسة» يصيب بعض السيدات بالحيرة.

تتسائل الناطقة باسم منظمة «أنثى وافتخر بذلك»، جولييت موري، التي ترى أن ذلك التمييز المفروض على الإناث ضرب من ضروب التمييز، «هل سألت أحداً مطلقاً ما إذا كان الرجل أعزباً أم متزوجاً؟». في فرنسا الرجل «رجل» أو سيد طوال حياته، لكن المرأة إما أن تكون آنسة أو سيدة متزوجة، وذلك لأغراض رسمية، أو لأسباب تتعلق بجهة عمل تعتمد على حالتها الاجتماعية.

هذا التمييز اختفى من الوجود في عدد من الدول الغربية. لقد حظرت ألمانيا استخدام كلمة «فراويلاين»، وهي المرادف لكلمة «آنسة» بشكل رسمي عام ،1972 أما الدول الناطقة بالإنجليزية فتستخدم حالياً مرادفاً محايداً يتكون من الحرفين «إم وإس»، أو «مسز» بكسر الميم، ويصلح للإشارة إلى الأنثى كانت متزوجة أم لا.

موري وباز واللتان تريدان أن يستخدم لفظ «مدام» أو سيدة، سواء كان المخاطب أنثى متزوجة أم آنسة، تقولان إن عشق فرنسا الدائم للفظ «مودموازيل» أو «آنسة» لا يعدو أن يكون رمزاً يعبر عن عشق الفرنسيين المتأصل للعلاقات العاطفية.

لقد اطلقت منظمة «أنثى وافتخر» ومنظمة أخرى تدافع عن حقوق المرأة اسمها «شيين دو غارد»، أو «كلاب الحراسة»، يوم الثلاثاء الماضي، حملة تهدف إلى وقف استخدام اللفظ «مودموازيل».

تقول رئيسة مؤسسة «شيين دو جارد»، ماري نويل باز، إن «الأمر يومي.. إنه تمييز جنسي ينظر إليه باستخفاف.. كلما تحركنا لمواجهة الصغائر سرعان ما ستلحق بها الأمور الأكبر». إن كلمة «مودموازيل» مشتقة من لفظ «ديموازيل»، وهو لقب نبيل يعود إلى عهد فرنسا ما قبل الثورة، ولم يرتبط بالحالة الاجتماعية إلا في عهد نابليون. ومنذ ذلك الحين لم تنجح فى محوه ثلاث مذكرات حكومية صدرت منذ عام ،1976 وكلها تؤكد أن اللفظ «مودموازيل» ليس له أي دلالة قانونية.

على الرغم من ذلك تجد السيدات غير المتزوجات، اللاتي يطلبن أن يسبق أسمائهن لقب «مدام»، لأنهن يعتبرنه أكثر احتراماً، غالباً ما تنقل إليهن رسالة مفادها «ألا يحاولن إثارة جدل حول تلك المسألة»، حتى في حالة سيدة مثل لورنس، وهي صحافية وأم لثلاثة أطفال. تقول لورنس: «انظر أنهم يصرون على أن يلقبوني أنسة» وأظهرت دفتر شيكات خاص بها، إذ سبق اسمها بلقب «ميل» وهو المرادف المختصر لكلمة «مودموازيل» أو «آنسة».

وتناشد موريه وباز المواطنين بتحميل رسائل الحملة، التي تقوم بها المنظمتان، عبر موقع إلكتروني وتدعوان الحكومة والشركات إلى إلغاء استخدام ذلك اللقب المهين. كما تطالبان بإلغاء استخدام كلمتي «الاسم بعد الزواج»، و«الاسم قبل الزواج».

الغريب أن هناك قانوناً تم التصديق عليه عام ،1794 يقضي بأن تحتفظ المرأة باسم المولد طوال حياتها. وأوضحت المنظمتان أن «من حق المرأة أن تستخدم اسم الزوج بعد الزواج، لكن ذلك الاسم يبقى افتراضياً». إن استخدام التصنيف «سيدة ـ آنسة» لايزال جزءاً من العادات الفرنسية اليومية. وعندما تكون الحالة الاجتماعية الخاصة بامرأة غير واضحة، فإن معظم الناس يميلون لاستخدام لقب «مدام» أو «سيدة» إذا بدا أنها تجاوزت الـ.30

على الرغم من هذا، فإن بعض الإناث ممـن تجاوزت أعمارهن الـ30 يشعرن بالسعادة عندما يخاطبهن أحدهم بلقب «مودموازيل»، إذ يشعرن بأنهن أصغر سناً.

لقد سلطت الأضواء على النهم الفرنسي للعلاقات العاطفية في وقت سابق هذا العام، بعد القبض على المدير السابق لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس كان، بتهمة التحرش الجنسي بخادمة. عدد من الشخصيات العامة البارزة في المجتمع قللت من شأن المزاعم التي طالت ستراوس كان، بل إن وزيراً سابقاً قال إن «أحداً لم يمت». وأغضبت تصريحاتهم كثيراً من النساء وأثارت ثائرة الحركة النسائية. وقالت موريه «لقد سقط (موروث) التسامح مع النزعة العاطفية.. كان هناك نوع من الصحوة».

تويتر