مدينة تونسية تتمتع بجمال تاريخي وشواطئ خلابة
«المهدية».. سيـاحة بعبق فاطمي
حتى ثورة الياسمين التي شهدتها البلاد في شهر يناير الماضي، كان السياح يتدفقون بكثافة على تونس لقضاء عطلة يستمتعون فيها بشمسها الساطعة وشواطئها الخلابة. ولكن منذ سقوط نظام الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، تراجعت أعداد السياح الوافدين إلى تونس بشدة، وهو سبب أدعى لزيارتها في هذا الوقت تحديداً من أجل مساعدة البلاد اقتصادياً إلى حد ما، والاستمتاع بجمالها وسحرها في هدوء، ودون اكتظاظ سياحي، على سبيل المثال في مدينة المهدية الحالمة؛ حيث يحتسي السياح الشاي بالنعناع وهم مستلقون على الشاطئ ويقتفون آثار عصور سحيقة.
وفي قلب الصخور يقع مقهى سيدي سليم ذو اللون الأبيض البرّاق والذي يقدم إطلالة رائعة على ساحل مدينة المهدية. وهنا يحتسي السائح شاياً شرقياً ساخنا بالنعناع وذا مذاق حلو ولاذع، ويجول بنظره عبر البحر ذي اللون الأزرق الداكن، ويتطاير شعره بفعل رياح البحر. وتلفت السائح مهارة النادلين، الذين يرتدون زياً أنيقاً يتألف من اللونين الأبيض والأسود، في الحفاظ على الأطباق التي يحملونها أثناء مرورهم بين الطاولات التي يجلس عليها تونسيون يستمتعون بمنظر البحر.
تاريخ
شيد الخليفة عبيدالله، أول الخلفاء الفاطميين، مدينة المهدية عام 916 ميلادية لتكون مقراً لحكم الدولة الفاطمية ومركزاً لضم العالم الإسلامي بأسره تحت لوائها. ولكن هذا لم يحدث، غير أن عبيدالله نجح في أن يوسع رقعة حكم أسرته حتى مصر، واتخذ من القاهرة مقراً جديداً للخلافة الفاطمية.
واحتفظت العاصمة السابقة للخلافة الفاطمية باسم المهدية المشتق من اسم المهدي الذي كان عبيدالله يُلقب به. ولكن هذا الاسم المبشر بالخير لم يمنع القراصنة في العصور التالية من اتخاذ المدينة نقطة انطلاق يشنون منها هجماتهم على السفن التجارية المارة في البحر المتوسط، وقرصنة البضائع على متنها.
وتعاقب على المدينة في ما بعد العثمانيون، ثم الفرنسيون، وأخيراً يفد إليها السياح من جميع أنحاء العالم. ونظراً للأحداث السياسية الراهنة، يتوافد حالياً عدد قليل من السياح إلى المهدية، لدرجة أن السياح يتفقدون آثار العصور السحيقة بمفردهم تقريباً.
رأس إفريقيا
على يمين مقهى سيدي سليم يقع لسان بري يأخذ السائح إلى ماضي المدينة الحافل بالتاريخ؛ إذ يوجد هنا طريق يزخر بأطلال المباني الفاطمية والعثمانية. وفي الثلث الأخير من اللسان البري تقع مقبرة إسلامية قديمة تمتد لمساحات شاسعة فوق هضاب قليلة الانحدار، وفي كل ربيع تكتسي المقبرة بزهور صفراء.
وفي نهاية اللسان البري، المسمى برأس إفريقيا، يمكن الإحساس بروح العصور الماضية، وهنا تبدو بقايا قوس حجري ضخم كبوابة للبحر، وخلف هذه البوابة يمتد البحر متلألئاً حتى الأفق. مَن رأى كل شيء في الماء من هنا وسمع هدير الأمواج؟ هذه الأفكار تجول في رأس السائح وهو في طريق عودته إلى المقهى. وبعد الوصول إلى المقهى سرعان ما يحتسي السائح كوب شاي بالنعناع مرة أخرى ليطرد أرواح الماضي من ذهنه، ويجلس في هدوء ويستمتع برؤية الأفق الساطع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news