أقاموا مهرجاناً متكاملاً على مدار 4 ساعات بميزانية قدرها 10 آلاف درهم
طلاب « التقنية » على طريق الســـينما
الميزانية ليست مفتاح نجاح المهرجانات السينمائية، وليس مرور النجوم على سجادة حمراء هو الحدث الذي يؤكد أن ثمة مهرجاناً للفن السابع يعقد هنا، هو ما يؤشر إليه مهرجان دبي السينمائي للطلاب الذي قام بتنظيمه أول من أمس، 12 طالباً في السنة الثالثة في قسم الإعلام في كلية دبي التقنية للطلاب في مقر كليتهم بمنطقة الروية، وهو الحدث الذي قاموا بالاشتغال عليه قبل انعقاده بنحو شهر، لتخرج ساعاته الأربع في مشهد يحاكي مهرجانات المحترفين.
وسيطرت إبداعات عدد من الطالبات الموهوبات في مجال السينما على أعمال مهرجان دبي الأول لأفلام الطلبة، الذي قام بإعداده، مساء أول من أمس، طلاب كلية دبي التقنية في مقر كليتهم بمنطقة الروية بدبي، وفي الوقت الذي توقع فيه الحضور، الذين وصل عددهم إلى نحو 100 شخص، مطالعة قضايا مرتبطة بشكل مباشر بالشباب، فوجئوا بأن 10 أفلام من جملة 12 هي لطالبات سعى بعضهن إلى مناقشة قضايا مجتمعية بجرأة مثل المهور، وكذلك «الزوجة الثانية» التي كانت من وجهة نظر مخرجته «سيارة الرجل»، وليست الضرة التقليدية.
|
مشاهير غائبون قام طلاب السنة الثالثة في قسم الإعلام بتقنية دبي للطلاب، الأعضاء في لجنة تنظيم المهرجان، بتوجيه الدعوة إلى عدد كبير من مشاهير الفن، والشخصيات المعروفة مجتمعياً، وخصوصاً المذيعين، ومنهم جابر نغموش، هدى الخطيب، بدرية أحمد، رزيقه طارش، مريم سلطان، أحمد الجسمي، أمل عبدالله، فاطمة الحوسني، والدكتور حبيب غلوم، هيفاء حسين، وصوغة، وغيرهم، لكن عدداً قليلاً منهم فقط من قام بتلبية الدعوة، وهو ما تسبب في تأخير نسبي لانطلاقة المهرجان انتظاراً لوصول نجوم لم تأتِ. عضو اللجنة المنظمة الطالب ياسر الخياط، أشار إلى أن التفاف النجوم الإماراتيين، خصوصاً حول الحدث، كان سيكسبه زخماً خاصاً، لكنه حرص على تأكيد أن بعض الممثلين قاموا بالفعل بالاعتذار مسبقاً لأسباب عملية مختلفة، منهم غلوم وأحمد الجسمي الموجودين خارج البلاد، وسميرة أحمد المشغولة بتصوير مسلسل رمضاني، واسماعيل عبدالله المرتبط باجتماع مسبق خاص بالهيئة العربية للمسرح في التوقيت ذاته، على الرغم من ذلك ابدى الطلاب المنظمون احتفاءهم الشديد بمختلف الشخصيات التي حضرت، ومنها د.حصة لوتاه، والفنانون ياسر القرقاوي وغزلان ونواف الجناحي ونيفين ماضي والإعلامي الزميل كفاح الكعبي، والكاتبة المسرحية الشابة شيخة الحوسني، مشيرين إلى أن قامة المهرجان ستضحي أكثر جذباً لضيوفها من الدورات السابقة، معربين عن طموحهم إلى تحويله إلى مهرجان سينمائي شرق أوسطي في مراحل تالية، واستمرار تعاونهم معه على الرغم من إنهاء ارتباطاتهم الدراسية بالكلية في سنوات لاحقة. |
تصفيق
فيلم الافتتاح «المهر» للطالبة بـ«تقنية دبي» ميثاء حمدان، قوبل بتصفيق حار من المدعوين، بعدما تمكنت بسلاسة لافتة من التطرق لقضية شائكة لا تبتعد كثيراً عن دائرة المسكوت عنه مجتمعياً، بالنسبة للفتيات على الأقل، وقالت حمدان «سعيت إلى الاستعانة بالكوميديا من أجل استدراج المشاهد لنقاش فكري مع الفيلم الذي تتشابه تفاصيله مع تفاصيل المئات من بنات جيلي»، وأضافت «الفيلم في فكرته الأساسية كان يتطرق أيضاً إلى الإشكاليات المجتمعية الناجمة عن الزواج بالأجنبيات، لكنني تلقيت نصيحة فنية بالتركيز على قضية واحدة، فاخترت غلاء المهور، بما في ذلك لجوء بعض الفتيات إلى منح المتقدمين لخطبتهن أموالاً لمساعدتهم على الإيفاء بمهورهن من دون علم الأهل، وخطورة هذا السلوك بالأساس على مستقبل الحياة الزوجية».
وناقش فيلم آخر لطالبة من كلية التقنية فرع الفجيرة، القضية ذاتها، ولكن من زاوية أخرى هي «العزوبية»، وشهدت قاعة العرض حالة توحد وجداني مع طفلتين تلهوان بدمية وتهمسان بأحلام النضج وفستان الزفاف وطقوسه، قبل أن تنتقل الكاميرا بفعل مرور السنين إلى مشهد حزين لهما ينبئ بمعاناة الوحدة بعد الوصول إلى مرحلة العنوسة، على خلفية إصرار الأب على المغالاة في مهريهما.
في مقابل غياب قضايا مرتبطة بمخيلة الشباب في معظم الأفلام المطروحة، بدا جلياً أن هؤلاء الشباب أنفسهم يمتلكون طاقات تنظيمية هائلة، حيث قام عدد محدود منهم بالإعداد للحدث بصيغة المهرجانات الكبرى، من حيث قبول الأعمال المرشحة، وعرضها على لجنة مشاهدة واختيار، ثم لجنة تحكيم تمارس عملها وفق آليات محددة سلفاً، فضلاً عن توجيه الدعوات، ومتابعة إعداد المسرح، واستقبال الضيوف، وغيرها، في ظل ميزانية محدودة لم تتجاوز 10 آلاف درهم.
تنظيم
بتنظيم شديد أدار الطلاب المهرجان الذي بدأ بالنشيد الوطني، ثم الكلمات الترحيبية، قبل أن يتم تقسيم فقرات الحدث بشكل دقيق، بما في ذلك تكريم المشاركين، وإعلان الجوائز، والاستماع إلى بعض الآراء النقدية المتخصصة، وغيرها من البرامج التي لا يخلو منها معظم مهرجانات الفن السابع، ولكن على مدار أربع ساعات فقط.
وأوضح رئيس المهرجان وطالب الإعلام في كلية تقنية دبي للطلاب، سقراط بن بشر، أن المهرجان هو مشروع لمساعدة الطلاب ولفتح المجال أمامهم لتبادل الخبرات بينهم وبين المخرجين وصناع السينما من مختلف أنحاء الإمارات. وقال بن بشر «هناك الكثير من الطلاب ممن يخجلون من المشاركة بأفلامهم في المهرجانات الكبيرة مثل مهرجان دبي السينمائي الدولي ومهرجان الخليج السينمائي، وبالتالي عندما يشارك الطلاب في هذا المهرجان، سيساعدهم ذلك على كسر الحواجز وأيضاً سيساعدهم على التعامل مع وسائل الإعلام، وهناك طلاب لم يتمكنوا من عرض أفلامهم الوثائقية في مهرجانات النخبة، وهذا المهرجان يعطيهم فرصة القيام بذلك»، وأضاف «التواصل مع الممثلين المشهورين يساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم وإثراء المعرفة السينمائية لديهم. وفي الواقع يشعر الطلاب بالإطراء لتكريمهم عندما تتم مشاهدة أفلامهم وعرضها من قبل أحد المشاهير، ويشعرون بالتشجيع تماماً كما يشعر السينمائيين. ومن خلال دعم كلية تقنية دبي للطلاب، نسعى إلى تطوير مستوى مشاركة الطلاب من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي، واتمنى أن تتاح الفرصة مستقبلاً لدعوة الطلاب من الدول العربية الأخرى كالعراق والأردن وغيرهما من البلدان المشاركة بأفلام وثائقية وعرضها هنا في الكلية».
واعتبر أحد أعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان، الطالب فيصل الريس، أن سيطرة أعمال الطالبات على المهرجان أحد مؤشرات نزاهة لجنة الاختيار، مضيفاً «لم تحكمنا سوى المعايير الفنية، ولم يكن في مصلحة المهرجان التنازل عن معايير الجودة، لمصلحة إحداث نوع من التوازن في المشاركة بين أفلام الطلابوالطالبات، ومن جملة 30 فيلماً وصلتنا، لم تكن مصادفة أن يكون أنضجهن فنياً هي أفلام الطالبات، اللائي يتمتعن بالفعل بحس سينمائي مميز». وتوقعت مديرة توعية المجتمعات المحلية بكلية التقنية بدبي للطلاب، د.هيام عبدالحميد، أن يتحول المهرجان إلى حدث سنوي يقوم الطلبة بتطويره، ونقل خبراتهم إلى الصفوف التالية، مضيفة «هناك الكثير من الإيجابيات التي تحققت في هذا اليوم وتتعدى مجرد كون المهرجان بالأساس مشروع تخرج، في مقدمتها اكتساب ثقة تنظيم الأحداث الكبرى والمقدرة على إدارتها، وسيادة روح الإبداع والتنافس سواء في الناحية التنظيمية أو الإبداعية بين الطلبة».
وتنوعت الأفلام المعروضة بين الوثائقية والقصيرة، وشهدت أفلاماً مثل «الكندورة» و«التائهين» و«الجندي المجهول» و«الأمل المقيد» حضوراً ملحوظاً للتقاليد الراسخة في المجتمع الإماراتي، فيما استوحى مخرج الفيلم الأخير الطالب محمد يوسف فكرته من وظيفته السابقة في مركز علاج الثلاثيميا بدبي، واحتكاكه بأسر المصابين، ما جعل العمل يمزج بين المحتوى المعلوماتي الدقيق والمستوى الفني الممتع، فاستحق به الجائزة الوحيدة لفئة «الوثائقي»، في مقابل حصول فيلم «القنينة» للطالبتين مريم آل علي واسماء عبيد، على جائزة الأفلام القصيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news