الآثار في الإمارات محط اهتمام عدد من المؤتمرات التي ستعقد في الدولة قريباً. تصوير: تشاندرا بالان

معارض ومؤتمرات وإعادة إطلاق «حوليـة الآثار في الإمارات»

تستضيف هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، خلال شهري فبراير ومارس المقبلين، عددا من الفعاليات الدولية في مجال الاثار وحفظ التراث المعنوي، واطلاق «حولية الاثار في دولة الامارات»، بحضور نخبة من الخبراء والمسؤولين في هذا المجال، وذلك انطلاقا من رؤيتها الشاملة للثقافة، التي تضم التراث المادي وغير المادي على حد سواء، وتسخر جميع مواردها للحفاظ على الأصول المعمارية والأثرية، مع العمل على تطوير الفنون والثقافة بمختلف أوجهها.

وتسعى الهيئة الى الحفاظ على التراث المعنوي لإمارة أبوظبي وتطويره من خلال دمجه في الحياة اليومية للمجتمع، وتشجيع إحياء العادات والتقاليد وممارستها ودعم الأبحاث والتعاون المؤسساتي، بهدف التشجيع على فهم أفضل لثقافة وتراث أبوظبي والإمارات والعالم العربي.

وفي هذا الاطار تنظم الهيئة في الثاني من فبراير المقبل ولمدة ثلاثة أشهر معرضاً للاكتشافات الأثرية في إمارة أبوظبي بعنوان «فجر التاريخ.. البعثات الدنماركية والاكتشافات الأثرية في أبوظبي 1958 -،1972 وذلك في محيط قلعة الجاهلي بمدينة العين بالتعاون مع متحف موسغارد الدنماركي، وبهدف تسليط الضوء على الحفريات التاريخية للآثاريين الدنماركيين في إمارة أبوظبي خلال تلك الفترة.

وقد وفرت الحفريات التي أجريت بين عامي 1959 و1961 اللمحات الأولى حول عصر يعود إلى ما بين 4000 إلى 5000 عام، حين كان هذا الجزء من شبه الجزيرة العربية مركز الحضارة الحية والغنية التي أدارت إنتاج وتوزيع كميات هائلة من النحاس إلى العالم القديم، وسميت هذه الحضارة على اسم الجزيرة، حضارة أم النار.

كما اعلنت الهيئة عن تنظيم مؤتمر دولي حول الآثار في دولة الإمارات بمشاركة خبراء محليين وعالميين، وذلك في مدينة العين يومي 30 و31 مارس المقبل، وذلك متابعة لاستراتيجية الهيئة في حماية وصون المصادر الأثرية الغنية في أبوظبي والدولة والبحث فيها والترويج لها.

وبالتزامن مع المؤتمر العالمي للآثار أعلنت الهيئة عن إعادة إطلاق «حولية الآثار في الامارات» التي كانت تصدر خلال فترة السبعينات حتى نهاية الثمانينات وتشكل مصدراً غنياً ومرجعاً إقليميا ودوليا في هذا الشأن.

من جهة أخرى، تعمل الهيئة على إنجاز مشروع شامل لإعداد الخرائط لكل مواقع البقايا الحيوانية المتحجرة في أبوظبي، حيث تنتشر أغلبية هذه المواقع على طول امتداد المنطقة الغربية، إضافة الى تكثيف جهود توثيق المواقع الأثرية المنتشرة في مناطق واسعة من إمارة أبوظبي، وذلك من أجل حصر المواقع المختلفة وتسجيلها في قاعدة بيانات خاصة.

وقد وثقت الهيئة في مطبوعاتها الرسمية ومشاركاتها الخارجية في المحافل الثقافية الدولية أهم معالم التراث المادي في الإمارات، ومنها ما يزيد على 1200 موقع أثري تمتد من عام 3000 قبل الميلاد إلى فترة الجاهلية المتأخرة قبل ظهور الإسلام إضافة الى ما يزيد على 100 مبنى تاريخي يرجع تاريخ بعضها لـ300 عام خلت، فضلا عن ثروة حقيقية من المعلومات والصور عن المناطق الثقافية المهمة.

وعلى صعيد الاكتشافات الاثرية الجديدة، فقد أعلنت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في يناير 2010 وفي إطار التعاون الفني المشترك مع أبرز المؤسسات العلمية في العالم في مجال أعمال التنقيب عن المواقع الأثرية والمتحجرات عن اكتشافات جديدة، عبارة عن متحجرات تضم جمجمتين كاملتين لتماسيح ضخمة كانت تعيش في المنطقة التي كان ينساب فيها نهر قبل نحو ثمانية ملايين سنة مضت، وذلك نتيجة لأعمال حفريات مشتركة بين إدارة البيئة التاريخية بالهيئة من جهة، وجامعة ييل ومتحف بي بودي للتاريخ الطبيعي بالولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.

وتتواصل الجهود الحثيثة للقيام بحماية هذه المواقع وحفظها بما فيها من متحجرات من الأخطار المختلفة بالتنسيق مع بلدية المنطقة الغربية ومجلس التخطيط العمراني، كونها تعتبر مهمة جداً على الصعيد العالمي والمحلي والإقليمي، لأنها الأمثلة الوحيدة للمتحجرات في المنطقة، وذلك باستكمال إنشاء الأسيجة الواقية حولها، حيث إن هذا العمل يشكل جزءاً من استراتيجية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث للحفاظ على المناطق الأثرية المهمة في أبوظبي.

وفي مطلع عام 2009 تم العثور على جرة فخارية مزججة وعلى بعض الكسر الفخارية التي تعود إلى الفترة الإسلامية المتأخـرة ضمن طبقات فلج قديم يعود إلى الحقبة الزمنية نفسها، بالإضافة إلى كسر أخرى تعود إلى فترة حضارة أم النار، وجدت في طبقات التربة التي تعلو الفلج. أما بالنسبة إلى الجرة الفخارية المزججة فهي من الشكل الذي يطلق عليه علمياً «أمفورا»، حيث تعود إلى الفترة الهلنستية التي تم فيها تمازج الثقافة الإغريقية بحضارة الشرق إثر احتلال الإسكندر المقدوني مناطق عديدة من الشرق القديم.

كما سبق أن أعلنت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في يونيو من عام 2009 العثور على أدوات حجرية واكتشافات أخرى متعددة في منطقة الشويب قرب العي تعود إلى الفترة الإسلامية المتأخرة، وأخرى تخص فترة العصر الحجري الحديث، وذلك بالتعاون مع عدد من المواطنين في المنطقة، وبإشراف الفرق الأثرية المختصة في الهيئة.

وفي نوفمبر 2008 تم إجراء عملية مسح مكثفة دامت أسبوعين لمدافن جبل حفيت الأثرية، كانت نتيجتها تثبيت 122 مدفناً، واشتملت عملية التوثيق على تسجيل إحداثية كل مدفن على حدة بوساطة استعمال جهاز «جي بي إس»، ثم قياس قطر وارتفاع كل مدفن من تلك المدافن مع ذكر حالة كل واحد منها، وتثبيت المنقب وغير المنقب منها، كما حرص الفريق على تصوير جميع هذه المدافن.

ومن خلال العدد الكبير للمدافن التي تم تنقيبها من قبل البعثة الدنماركية والفرق المحلية في منطقة جبل حفيت، والمكتشفات الأثرية التي ظهرت فيها، فإن هذه المدافن تؤرخ بالمرحلة المبكرة من العصر البرونزي، ذلك العصر الذي بدأ قبل ما يزيد على 5000 عام بقليل.

وفي هذا الاطار اعلن في فبراير 2008 عن اكتشاف موقعين أثريين جديدين في المنطقة الغربية يرجعان إلى العصر الحجري القديم الأوسط ويدفعان بتاريخ أبوظبي القديم إلى أكثر من 150 ألف عام، وليس إلى العصر الحجري الحديث قبل 7500 عام، كما كان يعتقد.

كما أجرت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث منذ عام 2006 عملية مسح وإسبارات في منطقة الهيلي بمدينة العين، بحثاً عن مخلفات أثرية من العصر البرونزي والعصر الحديدي والعصر الإسلامي.

وتعود منطقة الهيلي إلى الألف الثالث قبل الميلاد وتعتبر أكبر مجمع أثري موجود في دولة الإمارات من العصر البرونزي، وتضم مواقع كثيرة غنية بالمعالم الآثرية لم تعرف بأكملها بعد.

وتضم حديقة آثار الهيلي أحد أهم المعالم الأثرية بدولة الإمارات، ففي الفترة 2500 - 2000 ق م كان سكان جنوب شرق الجزيرة العربية يعيشون في بيوت مبنية من اللبن المجفف بالشمس، في حين كان موتاهم يدفنون في مقابر جماعية من الحجر.

وضمن برامجها المتواصلة لحفظ التراث المعماري لامارة أبوظبي أعلنت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في نوفمبر الماضي، عن انتهاء المرحلة الأولى من الأعمال العاجلة لبرنامج ترميم الطوارئ، حيث تفتقر أغلبية المباني التاريخية المبنية من الطين أو الحجارة في مدينة العين إلى أسقف أو نوافذ، أما بقايا جدرانها فهي معرضة للعوامل البيئية ومهددة بالتلف والانهيار، وهذه الظروف تهدد بقاء هذه الأبنية الهشة وتتطلب التدخل الفوري.

وفي بادرة هي الاولى من نوعها في المنطقة، اختتمت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في مايو الماضي، فعاليات الموسم الأول من برنامج «الآثاري الصغير» الذي أطلقته في مدينة العين كبرنامج توعوي وتعليمي يشارك فيه طلبة مدارس المرحلة الابتدائية بمنطقة العين التعليمية، وذلك لتعليمهم مبادئ علم الآثار والتطبيق العملي للتنقيب في حقل أثري مصطنع مشابه للمواقع الأثرية الموجودة في إمارة أبوظبي، ويحتوي قطعاً تحاكي في تنوعها وأشكالها آثار إمارة أبوظبي، وقد تم تنفيذ البرنامج في ساحة قلعة الشيخ سلطان الواقعة بجوار متحف العين الوطني.

ويهدف البرنامج الذي تم تطبيقه أول مرة إلى تعليم هؤلاء الصغار من طلبة الصفين الرابع والخامس بالمرحلة الابتدائية مبادئ علم الآثار، علاوة على التطبيق العملي للتنقيب عن الآثار وكيفية التعامل معها عند العثور عليها، وتنظيفها، وطريقة تسجيلها وتدوين بياناتها، ووصف حالتها على بطاقات مخصصة لهذا الغرض، علاوة على التقاط صور للقطعة المكتشفة قبل تحريكها من مكانها الذي اكتشفت فيه وكذلك بعد استخراجها، كما أن المشاركين يتعرفون الى المراحل المتعددة التي تمر بها القطعة الأثرية المكتشفة منذ لحظة العثور عليها وحتى مرحلة عرضها في خزانات العرض بالمتحف.

الأكثر مشاركة