الباحث العراقي تتبّع صورة الأب في قصــــص خليجية

رســول: المنـجـــز الــروائي الإماراتي.. 51 عـــملاً

رسول استقصى صورة الأب في 5 روايات لكاتبات خليجيات. تصوير: إريك أرازاس

قال الباحث العراقي، الدكتور رسول محمد رسول، ان «إجمالي عدد الروايات العربية التي صدرت في الـ100 سنة الماضية بلغ، وفق اجتهادات تفتقد إلى إحصاءات محددة صادرة من جهة رسمية، ما يقرب من 5000 نص روائي، في حين لم يقل منجز منطقة الخليج العربي، ضمن إجمالي الإنتاج العربي، عن الـ1000 رواية، كان للسعودية النصيب الأكبر، منها وكذلك السبق الزمني، إذ صدرت أول رواية بها وهي «التوأمان» عام 1930».

وأشار رسول إلى أن «عدد الروايات السعودية منذ ذاك الحين وحتى الوقت الحالي بلغت نحو ،600 بحسب ما ذكره الباحث خالد اليوسف، وفي 2010 وحده، تصاعد معدل صدور الروايات في المملكة ليصل إلى 10 روايات في الشهر الواحد»، لافتاً إلى أن «الكويت التي ظهرت أول رواية بها عام 1948 وكانت للكاتب فرحان راشد الفرحان، كانت التالية في عدد الروايات الصادرة عنها التي تزيد على 130 نصاً روائياً، وأنتج حتى عام 2008 نحو 128 رواية». في حين بلغ إجمالي الروايات الإماراتية حتى الوقت الحالي 51 رواية، ولا توجد إحصاءات في هذا الشأن في البحرين التي أنتجت أولى رواياتها في عام ،1966 وكانت «ذكريات على الرمال» للكاتب فؤاد عبيد، وان كان عدد الكتاب الروائيين هناك يصل، وفق أرقام تقريبية، إلى الـ20 كاتباً. بينما صدر في قطر ما يقرب من ثماني روايات، ولا توجد إحصاءات تشير إلى حجم المنجز الروائي في سلطنة عُمان.

صورة جمالية

في تطرقه إلى «صورة الأب في الرواية الخليجية»، وهو موضوع المحاضرة التي قدمها، مساء أول من أمس، في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبوظبي، أوضح رسول أنه «اتجه إلى حصر تتبعه لصورة وحضور الأب في روايات نسائية لكاتبات خليجيات، من دون الكتاب الرجال، بعد أن وجد في تمثيل الأب لدى الكاتبات يمتلك نواحي جمالية أكثر من تلك التي في الروايات الرجالية، هذا بالإضافة إلى العلاقة الخاصة التي تربط الفتاة بأبيها عادة»، مشيراً إلى أن «اختياره الموضع يرجع إلى جدته، فالبحث من المهم أن يفتح آفاقاً بحثية تخلق مسارات أخرى».

وقال المحاضر إنه «اتجه إلى استقصاء صورة الأب في خمس روايات خليجية، قدمت اثنتان منها صورة إيجابية للأب، هما : «حلم كزرقة البحر» للكاتبة أمنيات سالم، و«أنثى ترفض العيش» للكاتبة مريم الشحي»، لافتاً إلى أن «الرواية الأولى قدمت شخصية الأب كآخر أُسري فاعل. بينما جاءت صورة الأب لدى الشحي بوصفه رمزاً تعويضياً عن غياب شريك الحياة ـ الزوج في حياة البطلة، كما تبرز الحاجة إلى الكتابة للأب لديها تعبيراً عن رغبة للتحرر من طاقة ثاوية في الداخل الأُنثوي، وتريد الراوية التحرر والخروج من قمقمها عبر الكتابة للأب الثاوي في ذات البطلة رمزاً ذكورياً لم تتحرر بعد من سلطته، خصوصاً في ظل حضور العزوبة».

الأب المكروه

أما الصورة السلبية للأب، فاستحضرها الباحث العراقي في ثلاث روايات، هي: «سعار» للكاتبة الكويتية بثينة العيسى، و«حفلة الموت» للكاتبة العُمانية فاطمة الشيدي، و«زاوية حادة» للكاتبة الإماراتية فاطمة سلطان المزروعي، مشيراً إلى أن «الروايات الثلاث تشترك في أن الشخصيات النّسوية النافرة من الأب أو الكاره له هن إناث يعشن في إطار أسرة تتعرض، من بين ما تتعرض، إلى شرخ معين سببه الأب فتنعكس آثاره في طبيعة العلاقة بين أفراد الأُسرة ومنهم الإناث فيها». ففي «سُعار» سبب الكراهية يمس والدة بطلة العمل، وهو سبب كثير الحدوث في الأدب الروائي العربي والخليجي، إذ كانت خيانة الأب للأم، واكتشاف الزوجة لهذه الخيانة سبباً في وفاتها.

واستطرد رسول: «في (رواية حفلة الموت)، للكاتبة والشاعرة العُمانية فاطمة الشيدي، سيتخذ الأب أيضاً صورة الكائن الأسري المكروه من جانب ابنته بطلة الرواية (أمل)، تلك الفتاة العُمانية التي جاءت إلى الحياة كنبتة ملعونة، نتيجة لاغتصاب شيخ القبيلة لوالدتها العبدة المنحدرة من زنجبار، وكونها لقيطة، لم يكن هو السبب الوحيد الذي جعل البطلة تكن الكُره لوالدها، وهي الكراهية التي امتدت لتشمل عالم الذكور برمته، إنما هناك سبب آخر، فالأب قاد ابنته إلى عالم السحرة، وجعلها أنثى مغيبة، بالإضافة إلى التمييز العنصري الذي كانت تلاقيه أمل ووالدتها من أسرة أبيها ونسائه وأولاده غير العبيد».

أما تمثيل كُره الأب في «زاوية حادة» لفاطمة المزروعي، بحسب رسول، فلا يستند إلى موقف درامي تشترك البطلة مع والدها فيه، كما هي الحال مع تجربة الأب الكاره بقصدية عالية في تجربتي «حفلة الموت»، و«سُعار»، لكنها تختلف عن هاتين التجربتين في أن تمثيلها للأب قدم الأب بصورة ذلك الرجل البدوي الذي يحط من قيمة الإناث لصالح إعلاء شأن الذكور في أسرته الواحدة، وهذا ما لم نجده في «حفلة الموت»، ولا في «سُعار»، وتلك هي خاصية التنوع في تسريد مدارات الكراهية للأب في الرواية الخليجية.

تويتر