«دراويش» سعيد الأعلى سعراً في مزادها التاسع

«كريســتيز دبــي».. 200 لوحة عربية

المزاد قدم مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي تنتمي إلى مدارس واجتهادات فنية متعددة. تصوير: تشاندرا بالان

وسعت دار «كريستيز» للمزادات العالمية اهتمامها بالحراك التشكيلي للمنطقة العربية. وكان حضور أعمال من مذاهب فنية عدة تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط ملموساً بشكل واضح. حيث وُجد في مزادها التاسع الذي أقيم أخيراً في دبي أكثر من 200 عمل من المنطقة العربية لأكثر من 100 فنان من 15 دولة، إضافة إلى 30 لوحة من مقتنيات الدكتور محمد سعيد فارسي، فضلاً عن مشاركات عالمية مختلفة أبرزها من تركيا وإيران، لتعطي مساحة للمواطنين والمقيمين في الدولة ليروا جانباً آخر من الفنون.

فاتح المدرس

الحديث عن فنانين عرب يجره حديث عن رائد الحركة التشكيلية في سورية فاتح المدرس، الذي عرضت الدار له ثمانية أعمال بيعت جميعها في المزاد وبأرقام قياسية، حسب متخصصين في عالم المزادات. المدرس الذي ولد في مدينة حلب عام 1922 وتوفي عام 1999 عرضت له لوحة غير معنونة، تعود الى عام ،1970 رسم فيها مباني دمشق المملوكية القديمة، واستخدم الالوان المائلة إلى البرتقالي ليعطي تلك المباني روحاً من حيث قدمها واندماجها مع تاريخ المنطقة في مدينة تعتبر أقدم عواصم العالم. اللافت في أعمال المدرس أنها تأثرت بنكسة عام،1967 لأن غالبيتها تدور حول فكرة استحوذت على عقل المدرس في إظهار خنوع ما، والتغني بالتاريخ من خلال رسم المدن على أساس عدم تأثرها وبقائها، حتى لو خلق كيان آخر على هذه الارض. وفي لوحة «الله يحمي بيروت» التي رسمها المدرس عام ،1986 أي بعد 10 أعوام على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية التي قسمت بيروت إلى شقين، نقل مشاعره تجاه ما يحدث في بيروت على شكل صرخة احتجاج امام قادة العرب، ورجال الدين، متهماً إياهم بالتخلي عن مدينته الحبيبة، وعبّر المدرس عن الموضوع بما يشبه حوار عاشقين.

 عتاب

 

من خلال لوحة احادية اللون، عرضت للتشكيلي الليبي علي عمر الرميص، لوحة اعتبرها نقاد تفسيراً فذاً قل نظيره للحرف العربي من خلال مزج الرسم مع فنون الخط العربي، وتظهر في اللوحة أبيات شعرية لابي فراس الحمداني معاتباً فيها سيف الدولة:

صبورٌ ولو لم تبقَ منيّ بقيةٌ         قؤولٌ ولو أن السيوفَ جـوابُ

وما كل فعّال يُجازى بفعلـه         ولا كـل قـوّال لـدي يجــابُ

ورب كلام مر فوقَ مسامعي      كما طن في لوح الهجير ذبابُ

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/310276.jpg

مبيعات

من أبرز الأعمال الفنية الإيرانية التي عُرضت في مزاد كريستيز لوحة قماشية زيتية ثلاثية ضخمة للفنان الإيراني محمد إحسائي «1939»، وبيعت مقابل 662 ألف دولار. فيما بيعت لوحة «إغواء» للفنان الإيراني أفشين برهاشمي «1974» مقابل 518 ألف دولار، وبيعت لوحة «عشق» للفنان الإيراني فرهد موشيري «1963» بـ 422 ألف دولار.

الأعلى سعراً

وللعام الثاني على التوالي تشارك مجموعة من مقتنيات الدكتور محمد سعيد الفارسي في مزاد «كريستيز»، لتحقق لوحة «الدراويش المولوية» للتشكيلي المصري الراحل محمود سعيد، التي رسمها عام 1929 أعلى سعر في المزاد، حيث بيعت بأكثر من مليوني دولار، رغم أن قيمتها التقديرة لم تصل الى نصف مليون دولار، ويجسد سعيد في هذه اللوحةالدراويش المصريين المعروفين بزيهم الخاص، الذي يساعدهم على الرقص بشكل دائري في ساعة تجلٍ وحوار روحاني. ورسم رجالاً يرتدون الطرابيش ولبس الدراويش الخاص وأعناقهم مشدوهة إلى السماء بعيون مغمضة وكأنهم في عالم خاص، وعلى الرغم من عمر اللوحة القديم نسبيا فإن خصوصية ألوانها الزيتية بثت فيها روحية خاصة، واستخدم فيها ألواناً ترابية ما بين البني والاصفر والبرتقالي الذي يشبه الغروب، وكان الدراويش في تلك اللحظات ينفصلون عن الواقع ويعيشون طقوساً من الصعب تفسيرها.

ومن مصر أيضاً برزت أعمال التشكيلي المصري الراحل عبدالهادي الجزار «1925-1966» التي قلما تُعرض في مزادات علنية. وعرضت في المزاد ثمانية أعمال، أربعة منها تؤكد انتقال الجزار من الطبيعة المباشرة إلى عالم الفلكلور والاساطير والخرافة، وبرزت تيمته الخاصة، فلوحة «امرأة مجنونة» على سبيل المثال لا الحصر، رسم فيها الجزار امرأة تحاول المشي بين أزقة وطرق مزخرفة برسوم فلكلورية لها علاقة مباشرة بالثقافة المصرية، والحال ليس مختلفاً مع لوحته التي حملت عنوان «سلطانة الطلاسم».

حضور لبناني

كان للتشكيلي شفيق عبود حضور لافت من خلال لوحته التي حملت عنوان «الاشارات الاولى» التي تنتمي إلى المدرسة التجريدية، عبّر فيها عبود من خلال تناغمات لونية وعبارات شعرية عن تمسكه بالطبيعة، خصوصاً طبيعة موطنه لبنان الذي غادره ليستقر في العاصمة الفرنسية باريس، حاملاً معه شرقيته بروحها وألوانها وضوئها، ومزجها مع مشاعر غربته على شكل إشارات يتتبعا المشاهد محاولاً لملمة اطرافها ليتشكل في النهاية احساس عبود بالغربة. ومن الاعمال اللبنانية التي لاقت استحساناً ايضاً لوحة «لافولا» للفنان الارمني بول غيراغوسيان، وتظهر فيها مجموعة من النسوة اللواتي يقفن مُصطفات يرمقن من ينظر إليهن، وتظهر شغف غيراغوسيان بالمرأة والأمومة، وهو المعروف عنه رسمه للوجوه واستلهامه من المرأة الكثير من شخصيات أعماله.

تويتر