فعاليات المعرض شهدت حضوراً مكثفاً من الجمهور. تصوير: إريك أرازاس ـ جوزيف كابيلان

معرض «الصيد والفروسية».. تراث وأسلحة ولمسات جمالية

ودّع المعرض الدولي للصيد والفروسية، مساء أمس، دورته الثامنة بعد أربعة أيام حافلة بالأنشطة والفعاليات، حظيت بحضور مكثف من الجمهور، وبمشاركة ما يزيد على 535 شركة عارضة من 39 دولة.

زائر المعرض هذا العام لا يمكن أن يخطئ اللمسة الجمالية الواضحة التي تميّزت بها العديد من الأجنحة في المعرض، خصوصاً الأجنحة الرسمية، وفي مقدمها جناح هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، الذي اتسم بأناقته اللافتة ومساحته الكبيرة التي جعلته مسرحاً للعديد من الفعاليات والأنشطة التراثية، مثل عروض فرق «العيالة» الشعبية التي اجتذبت الجمهور على مدى أيام المعرض، وجناح المشغولات اليدوية والتراثية ضمن مشروع «صوغة»، إلى جانب سوق شعبية تعرض المشغولات اليدوية والمأكولات الإماراتية، وتضم الدكاكين التقليدية التي تستعرض المشغولات اليدوية الإماراتية، والمنتجات الجلدية والغزل والنسيج. وضم الجناح أيضاً ورشة العمل المخصصة للأطفال لصناعة المشغولات التراثية، وفن صناعة الحلي التقليدية، وكذلك ركن التنقيب عن الاثار الذي يتيح للأطفال البحث عن قطع تم اخفاؤها في مكان مخصص والعمل على ترميمها.

ومن الأجنحة البارزة في المعرض أيضاً، جناح نادي صقاري الإمارات، الذي اتخذ تصميماً تراثياً، ومنح زوّاره من العائلات والأطفال فرصة الاطلاع عن قرب على الصقور والتقاط الصور معها. كذلك تمتعت أجنحة أخرى بالأناقة والتصميمات الخاصة التي مالت للطابع التراثي، مثل جناح نادي تراث الإمارات، ونادي أبوظبي الرياضي ومنتزة العين للحياة البرية وهوية أبوظبي السياحية وغيرها.

صقور محنّطة

بخلاف الأجنحة الرسمية، حفل المعرض الذي أقيم تحت رعاية سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس نادي صقاري الإمارات، بدعم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ونادي صقاري الإمارات، بأجنحة الشركات المتخصصة في الصيد والفروسية ومعدات الرحـلات والقنص والتخييم، وكانت منصات الصقور محل اهتمام وإعجاب الزوار. بينما شكّل جناح الحيوانات المحنّطة التي عرضتها شركة «المها» عامل جذب واضحاً لهواة التصوير من مختلف الأعمار، الذين حرصوا على التقاط الصـور التذكارية مع الأسد والغزلان، وغيرها من الحيوانات المحنطة بعناية وإتقان بدت معه تنبض بالحياة.

وأوضح صاحب الشركة عبدالله محمد، لـ«الإمارات اليوم» الذي يشارك في المعرض للعام الخامس، أن «هذه الحيوانات التي يعرضها يتم استيرادها من جنوب إفريقيا، على شكل جلود كاملة، ويتم تحنيطها في الشركة وفق خطوات عدة تتضمن معالجة هذه الجلود بالمحاليل للحفاظ عليها، ويحتاج التحنيط لفترة تصل إلى شهر تقريباً، ولكنها تختلف من حيوان إلى آخر حسب حجمه». لافتاً إلى أن «زبائنه من فئة خاصة جداً، ومعظمهم من الشخصيات العامة وهواة الصيد والمتاحف، وتعد الغزلان الأكثر طلباً من الزبائن، بينما يختلف السعر من حيوان إلى آخر، وتعد الأسود الأغلى سعراً، إذ يصل سعر الأسد المحنط إلى 100 ألف درهم، بينما يراوح سعر الغزال بين خمسة و10 آلاف درهم».

حضـور فنـي

على الرغم من تخصص المعرض في مجال الصيد والفروسية، فإن الفنون لم تكن غائبة عنه، فضم العديد من الأجنحة الفنية الرسمية والخاصة، من أبرزها المعرض التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، الذي ضم أعمال المشاركين في مسابقة التصوير الفوتوغرافي المصاحب للمعرض، والذين جسّدوا بعدساتهم لقطات معبرة للخيول والصقور ورحلات الصيد، وغيرها من الصور المرتبطة بالموضوع.

ومن الفنانين المشاركين في المعرض، نادرة محمد بدوي، التي تشارك في المعرض لأول مرة هذا العام، وتقدم خلاله مجموعة من اللوحات الفوتوغرافية التي أعدتها خصيصاً للمعرض، والتقطتها خلال مهرجانات ومسابقات جمال الخيول. موضحة أن «الخيول التي صورتها بعدستها جميعها من الخيول المميّزة التي تنتمي إلى أشهر الخيول في الدولة، وسبق أن حصلت على بطولات عالمية في جمال الخيول». مشيرة إلى أنها «تقوم بطباعة لوحاتها على القماش أو الجلد وليس على الورق كالمعتاد».

بينما تمثلت مشاركة الفنانة رويدا عادل الحاج، في لوحات الرسم والخط العربي، إذ قدمت مجموعة من اللوحات المتميّزة، زاد من جمالها التطريز اليدوي الذي أحاط بها، لافتة إلى أنها «تخصصت في رسم جمال الخيول». وأوضحت «عمدت إلى توظيف أفكار جديدة في لوحاتي، فإلى جانب الرسوم التي أنفذها على القماش، قمت بتنفيذ تطريز يدوي على قماش ثم تثبيته على اللوحات، ما أضفى عليها جمالاً خاصاً». مبينة أن «أسعار اللوحات تراوح بين 18 و30 ألف درهم».

سيارات إماراتية

في المقابل، كانت المنطقة المخصصة للمحركات منطقة جذب للشباب والمراهقين، الذين راحوا يتفحصون باهتمام المحركات المعروضة، سواء سيارات للصيد أو رياضية أو قوارب، وما تتميز كل منها من تجهيزات. ومن أبرز ما ضمه هذا الجناح سيارة قام بتصنيعها الإماراتي أحمد الفلاسي، وهي الأغلى في مجال سيارات رحلات الصيد البري، إذ يزيد ثمنها على المليوني دولار، ويعود ارتفاع ثمنها إلى استخدام معدات مطلية بالذهب في تصنيعها، بينما صنع الفرش الداخلي لها من جلد النعام، ورسمت على هيكلها نقوش مطعمة بالألماس والذهب.

وكان الحضور الإماراتي في جناح المحركات ملحوظاً كذلك في جناح المهندس ناصر الهاجري الذي قدم سيارات مختلفة تم تصنيعها في الإمارات.

مقتنيات نادرة

على الرغم من التباعد الذي يراه الكثيرون بين المرأة والأسلحة، فإن المعرض الدولي للصيد والفروسية استطاع أن يقضي على هذا الجفاء، فحضر العنصر النسائي بوضوح في قسم الأسلحة في المعرض، سواء عارضات أو صانعات تفردن بلمساتهن الخاصة مثل شركة «فاوستي»، التي تأسست عام 1948 لتعد إحدى أعرق الشركات المتخصصة في مجال تصنيع بنادق الخرطوش، والبنادق المجهزة بمخزن والمخصصة للصيد، إضافة إلى بنادق التصويب. وقد تأسست على يد كافايير ستيفانو فاوستي، وتشرف على إدارتها الآن بناته الثلاث: إيلينا، وجيوفانا، وباربرا والذي يعرف عنهن أنهن من أفضل مصنعي الأسلحة في إيطاليا. وإلى جانب ما تتمتع به منتجاتهن من مزايا خاصة لتلبية الاحتياجات المحددة للصيادين والرماة، تشكل قطعاً تستحق الاقتناء، نظراً لما تتمتع به من ميزات تقنية وجمالية تجعل منها تحفة وعلامة فارقة.

ومن المنتجات النادرة التي تم الكشف عنها في المعرض هذا العام، بندقية صيد كشفت عنها شركة MP3 الموزع العالمي للأسلحة، نقشت عليها بالذهب الخالص صورة سموّ الشيخ حمدان بن زايد وهو يطلق أحد الحبارى في مشروع بينونة لإكثار الحبارى. بحيث تعكس هذه النقوش الإبداعية أصالة التراث الإماراتي وتظهرها بصورة فنية راقية تتوارثها أجيال الإمارات وتتفاخر بها. كما عرضت الشركة مجموعة من البنادق الفاخرة التي تتزين بنقوش ساحرة تجسد الوجه الحضاري للفن التراثي في الدولة، وتعطي نكهة خاصة لرياضة الصيد ومحبيها، إذ حرصت الشركة على التعامل مع أشهر الفنانين العالميين المتخصصين في النقش على البنادق.

وفي مجال المقتنيات الفريدة والنادرة تفردت شركة «تيرولير غولدشميد» الألمانية المتخصصة في إنتاج براقع الصقور الفاخرة والمرصعة بالألماس والذهب واللؤلؤ، وهي عبارة عن تحفة فنية تزيّن جمال الصقر وتزيد من هيبته ووقاره. وتحرص الشركة على صناعة برقع واحد فقط من التصميم نفسه، إذ يكون حصرياً ولا يصنع مثله، وتراوح قيمته بين 140 و200 ألف درهم.

خليفة يهدي المعرض 100 صقر

أهدى صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، 100 صقر من صقور مزرعة «البروفالكون» في العين، إلى المعرض الدولي للصيد والفروسية (أبوظبي 2010). ويأتي دعم صاحب السموّ رئيس الدولة للمعرض بهدف التوعية بأهمية المحافظة على الطيور البرية المهدّدة بالانقراض، وتقديم المزيد من الدعم للصقارين، ودعم مشروعات التوعية للأجيال الجديدة في المحافظة على الطبيعة، وصون الحياة البرية واستدامتها للأجيال المقبلة، وتوريث رياضة الآباء والأجداد، والحفاظ عليها. وتأتي المكرمة النبيلة تأكيداً على ضرورة تعزيز وتقوية المفاهيم المتعلقة بصون التراث، وتوريثه للأجيال المقبلة، وبالتوازي مع جهود حماية البيئة وصون الطبيعة، ودعم جهود الدولة في الحفاظ على الطيور المهددة بالانقراض، ومواصلة لنهج الإمارات في أهمية الاستعانة بالطيور المتكاثرة في الأسر والاستفادة منها في ممارسة رياضة الصيد بالصقور، التي تحظى بمكانة متميّزة لدى أبناء الإمارات خصوصاً، ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً.

وعرضت شركة «تمرين» مجموعة متميزة من السكاكين الفاخرة تابعة إلى أبرز الماركات العالمية في مجال صناعة السكاكين من أميركا وإيطاليا، أبرزها شركة «ويليام هنري» وهي واحدة من أهم الشركات الأميركية العريقة في مجال صناعة السكاكين الفاخرة. ومن أهم ما عرضته الشركة هي سكينة «فالكون» الفاخرة التي تعد من أرقى التحف الفنية التي تصلح أن تتوارثها الأجيال موروثاً ثقافياً متميزاً، كون التصاميم والزخرفة الراقية المنقوشة على وجه السكين آية من الإبداع الفني تجسد فتانة الصقر طائراً عريقاً، والذي يدخل في صلب المنظومة التراثية للدولة.

وفي لمسة ذات طابع اجتماعي، شهد المعرض هذا العام مشاركة 15 أسرة منتجة تندرج تحت برنامج فرصتي المطلق من إدارة برامج الأسر المنتجة بوزارة الشؤون الاجتماعية، في جناح الوزارة بمعرض الصيد والفروسية، والذي يهدف إلى تحويل أكبر عدد من مستحقي الضمان الاجتماعي إلى أصحاب مشروعات اقتصادية منتجة، ودعم أصحاب المواهب، سواء من داخل الوزارة أو من خارجها، للارتقاء وتحسين ظروفها الاجتماعية، بالإضافة إلى نشر وتعميق ثقافة العمل الحر، والاعتماد على النفس، وإيجاد مصادر دخل للأسر الفقيرة والمتوسطة. وتتنوّع منتجات الأسر من الاحتياجات الأسرية إلى الشخصية واللوحات الفنية.

الأكثر مشاركة