اعتصامات شعبية عربية احتجاجاً على منعها من غناء «الأخوين رحباني»

«الفيروزيون» في الساحات

آلاف المعتصمين خرجوا في عواصم عربية تضامناً مع فيروز. رويترز

خرج عشاق فيروز في الدول العربية، بينهم فنانون وإعلاميون ومثقفون إلى شوارع وساحات عواصمهم في اعتصام سلمي صامت، تضامناً معها واحتجاجاً على منعها من قبل ورثة منصور الرحباني من إعادة تقديم أغنيات ومسرحيات الأخوين رحباني. ومن بيروت إلى دمشق والقاهرة وفلسطين المحتلة ودول المغرب العربي خرج الآلاف إلى الشوارع في صمت تحت شعارات عدة منها «لا لتغييب عاصي وفيروز»، «من قلبي سلامٌ.. لفيروز»، «جارة القمر». وقال منظمو هذه الاحتشادات الذين أطلقوا على أنفسهم لقب «الفيروزيون» إن «فيروز ملك الناس، ملايين العرب عاشوا أحلامهم وأحزانهم، إنها الصوت الذي حلّق بالعرب عالياً بكل رقي وبهاء وسمو منقطع النظير، ولا يحق لأحد مهما كانت حجته أن يمنعها من الغناء». وأضافوا على شبكة الـ«فيس بوك» التي كان لها دور بارز في تنظيم هذه الاحتشادات والتنسيق فيما بينها، «تغييب فيروز هو تغييب للأمل، والصدق، والشفافية، في زمن انقلبت فيه الموازين وانعدمت فيه القيم». وقالت إحدى الشابات والتي أسهمت في تنظيم الاحتشاد الذي أقيم في مدينة حيفا الفلسطينية «فيروز جزء من هويتنا العربية والفلسطينية، هي جزء طبيعي من حياتنا على هذه الأرض، من تفاصيل حياتنا الأولى عند الولادة، إلى ذكرياتنا والأيام التي نعيشها اليوم. نشعر بالتقدير لهذه الإنسانة ولكلّ ما قدمته إلى الوطن العربي، وفلسطين والبشرية، ونرفض رفضاً قاطعاً منعها من الغناء. أقل ما يمكن فعله هو أن ننضم إلى إخواننا في بيروت والقاهرة ودمشق والعواصم العربية الأخرى، كي نطلق صرخةً من حيفا، علّها تصل إلى بيروت، نقول فيها: «ستنا فيروز، إحنا معك، ورح نضل معك، متل ما إنت دايماً معنا وحاميتنا بصوتك وأغانيك، ومنحبّك في فلسطين!». وقال فراس نعامنة (22 عاماً) من قرية عرابة في الجليل والمقيم في حيفا: «ما يحصل أخيراً في لبنان، أمر يثير الحزن والغضب ومحزن في آن. أعتقد بأنّ منع صوت فيروز هو اعتداء على كل الناس، وعلى الخير الذي يعيش في داخلهم. بالتالي، من الطبيعي أن نرى هذا التضامن العفوي والكبير، وهذا أقل ما نستطيع تقديمه إلى هذه الإنسانة». ويضيف: «نحن محظوظون، لأننا ولدنا في زمن فيروز، لأنها هي الأساس، ونحبها بالأساس!».

وأكد عدد من الأدباء والمثقفين في مصر اعتراضهم على قرار منع فيروز من الغناء، ووصف الروائي إبراهيم عبدالمجيد محاولة منع السيدة فيروز من الغناء بإزهاق أرواح الناس جميعًا، وأضاف عبدالمجيد أن «صوت فيروز أشبه بصوت ملائكي قادم من السماء، ولا يجوز منعها من الغناء لخلافات عائلية». واتفق معه الروائي مكاوي سعيد قائلاً «لا أصدق أن فيروز سيتم منعها من الغناء، لا يوجد عاقل في العالم يمكنه أن يفكر في الأمر»، ووصف سعيد قرار منع فيروز من الغناء بحرمان الناس من الماء والهواء، وقال «لا أحد يملك القدرة على منع أي فنان من الإبداع، وقرار المنع من وجهة نظري مسألة تجارية في المقام الأول، ولا يملك أحد أن يمنعنا من سماع صوت فيروز». وعبر الشاعر عماد فؤاد عن دهشته لقرار منع فيروز من الغناء قائلاً «لو استطاع أحد أن يمنع فيروز من الغناء، فلا شك في أننا في زمن مسخ». وقال الكاتب محمد فتحي «ستندم عائلة الرحبانية كثيرًا على ما فكرت فيه وفعلته مع السيدة العظيمة فيروز، وسيكون وصمة عار في تاريخها»، وأضاف فتحي أن قرار المنع «أشبه بمحاولة حرمان الفرد من وطنه، فيروز بمثابة الوطن الذي التقينا فيه جميعًا ولم نختلف عليه، وهي أيضًا شلال من المشاعر والأحاسيس، وتاريخ لا يجوز لنا أن نمحوه».

 أسباب

يعود الخلاف إلى أن ورثة منصور طالبوا فيروز باستئذانهم أولاً قبل إقدامها على أداء أي من أعمال الأخوين، وبإعطائهم الحقوق المادية عند تقديم تلك الاعمال في أي مكان تذهب إليه. وشكل الاخوان رحباني ثنائياً فنياً وقدموا مع فيروز المئات من الاغنيات التي أحدثت ثورة في الموسيقى العربية. وتم تقديم العدد الكبير من هذه الاغاني ضمن مجموعة مسرحيات من تأليف وتلحين الاخوين رحباني. وقال الملحن أسامة الرحباني «كل الذي عملناه نحن بعثنا رسالة ليست لها علاقة بفيروز لشركة كازينو لبنان نلفت انتباهها إلى أنه إذا أحد طلب عرض مسرحيات الاخوين رحباني، فيجب أخذ موافقة الورثة»، وأضاف «لأن القانون كان واضحاً وصريحاً، فان كازينو لبنان عمل مطالعات قانونية، وهذه أشياء تعالج على الطاولة وبحوار مباشر بعيدا عن الإعلام». وكانت الخلافات بدأت تظهر الى العلن إثر وفاة منصور الرحباني العام الماضي، حيث تم استصدار قرار من وزارة التربية تم تعديله لاحقاً يقضي بتدريس أدب وفن منصور الرحباني في المناهج التربوية من دون الاتيان على ذكر عاصي الرحباني.

وكانت فيروز قدمت على مدى أكثر من نصف قرن أكثر من 15 مسرحية للاخوين رحباني، عاصي زوج فيروز وشقيقه منصور، لكنها عندما عزمت على إعادة تقديم مسرحية «يعيش يعيش» التي كانت قد عرضتها عام ،1970 اصطدمت بقرار الرفض من إدارة مسرح «كازينو لبنان» بعد ان استلمت إدارة المسرح رسالة قانونية من ورثة منصور الرحباني أسامة وغدي ومروان.

وقالت المخرجة وابنة فيروز ريما الرحباني «هذا تجاوز للتضييق على فيروز، محاولة منعها تصب في خانة المخطط الذي هو إلغاء عاصي من الأخوين رحباني وتذويب الاخوين بالرحابنة الذي كانت ذروته بالمرسوم التربوي في العام ،2009 والذي تم تعديله ثلاث مرات، كل مرة كانت الاساءة فيه تزداد أكثر من مرة». وكانت ريما أصدرت العام الماضي فيلماً وثائقياً بعنوان «كانت حكاية» في ذكرى رحيل عاصي، يختصر حكاية العمر بين فيروز وعاصي على الصعيدين الفني والانساني. وقالت ريما «هذا مخطط لتزوير التاريخ. من المستحيل أن يستطيع أحد إسكات فيروز. هناك شيء في العالم اسمه «الساسيم» جمعية المؤلفين والملحنين وقوانينها واضحة. أنا لا أريد ان أقول معنا الحق، في النهاية كل واحد يقول الذي يريده، الحكي لا يوجد عليه جمرك»، وأضافت «أدعو الجميع إلى العودة الى الوثائق والحقائق والوقائع، لأن هذه لا يمكن تكذيبها، لانها وقعت وخلصت، مهما خرج أناس وحاولوا التضييق على فيروز فلن يفلحوا». وأكدت أن «فيروز لا تتجاوز القانون، ونحن لم نطالب يوما بأن نكون فوق القانون، انما مع القانون. يا ليت الجميع يطبق القانون كما تفعل فيروز».

 

تويتر