مرشد جمع 6 نماذج شبابية مبدعة في كتاب «إماراتيون كيف نجحوا». تصوير: لؤي أبوهيكل

كتاب يرصـد قصص نجاح إماراتية

لم يؤثر غياب أحدهما واستئثار الآخر بكامل كعكة الكرتون على شاشة «سما دبي» هذا العام في علاقة الشراكة الإبداعية بين صاحب «فريج» محمد سعيد حارب، ومنافسه فنان الكاريكاتير وصاحب «شعبية الكرتون» حيدر محمد، وظهرا في مؤتمر صحافي خُصص لتوقيع كتاب «إماراتيون كيف نجحوا» لمؤلفه الشاب مرشد محمد أحمد، مؤكدين أن ما يجمعهما هو رسالة مجتمعية هادفة عبر فن الكرتون وصياغة نموذج للثبات من أجل النجاح لجيليهما أكبر من الوقوع في فخاخ تنافس سلبي.

«ضد الإحباط»

بناءً على طلب «الإمارات اليوم» قام مؤلف كتاب «إماراتيون كيف نجحوا» بوصف كل شخصية من شخصيات كتابه الست بكلمات موجزة، إذ وصف محمد سعيد حارب بـ«المدهش»، مفسراً «لا ينهزم حارب أبداً أمام الظروف المحيطة، فبعد أن تمكن بعناء من إقناع جهات رسمية بجدوى إبداع مسلسل كرتوني، وجد انتقاداً شديداً بسبب الميزانية الضخمة، وهي انتقادات تبخرت مع أولى حلقات (فريج)، وها هو الآن يدخل في دوامة البداية نفسها بسبب غياب الرعاة، دون أن يستسلم للهزيمة أيضاً، وهو ما جعلني أضطر للتعديل في صياغة قصته بعد تجدد أحداثها».

«ضد الإحباط» تشبيه اختزل به مرشد رأيه في حيدر محمد، مشيراً بشكل خاص إلى المعوقات الهائلة التي اعترضت إنتاج (شعبية الكرتون)، واضطراره من أجل مواصلة الإبداع إلى إبداع الرسوم عن طريق رسائل الهاتف المتحرك، فيما وصف هيثم الريس بـ«المكافح»، متطرقاً إلى تدهور حالته الصحية في الصين أثناء رحلة عمل أبى أن يعود إلى الوطن إلا بعد إتمامها بنجاح، واختار صفة الإقدام ليعتبرها الجوهرية لدى مصمم الأزياء أحمد الريايسة، بسبب جرأته على اقتحام مجال لم يكن مُعبداً للرجال في المجتمع الإماراتي قبله، واصفاً خليفة الجزيري بصاحب الحلول السحرية لمختلف الأزمات وخصوصاً الاقتصادية، وهو الوصف نفسه الذي أقره لفيصل البناي.

في سياق مختلف سرد الريايسة مشهد انبهار وزير قصده بصحبة زوجته في مقر عمله، به بعدما قرأ عنوان الكتاب، مطالباً بأخذ نسخة موقعة منه، مضيفاً: «عندها كدت أبكي من فرط إحساسي بأنني لم أكن مجانباً للصواب عندما انسجمت مع ميولي لفن تصميم الأزياء النسائية وتمسكي به رغم الإحباطات».

وقال مبدعا مسلسلي الكرتون الأشهر خليجياً وعربياً حالياً إنهما مرا بمعاناة كبيرة من أجل الحصول على فرصة تأخرت كثيراً بالنسبة لحيدر الذي أمضى نحو 15 عاماً رسام كاريكاتير في صحيفتي «البيان» و«الإمارات اليوم» قبل أن يقرر التفرغ لإبداع الكرتون، وشابها كثير من الإحباطات بالنسبة لحارب الذي يغيب للعام الثاني على التوالي عن العرض الرمضاني لأسباب صرح انها تتعلق بغياب الرعاية والتمويل.

وكشف مرشد عن الكثير من التفاصيل الدقيقة والتحديات التي اعترضت شخوص الكتاب، لافتاً الى أن حيدر كان يرسل إبداعاته دائماً قبيل التحاقه رسمياً بـ«البيان»، إلى مسابقات تخصصها الجريدة لهواة الإبداع الكاريكاتيري، من دون أن يحظى بأي قبول أو رد، سوى ملاحظة استبعاد إبداعاته من النشر مستقبلاً بسبب تمسكه بالرسم بالقلم الرصاص، في حين جاهد حارب من أجل إثبات جدوى بث مسلسل كرتوني فضائياً خلال الموسم الرمضاني الأول له عام ،2006 وكاد يستبعد من العرض حينها بعد رحلة تجهيز طالت لثلاث سنوات، قبل أن يعود ويتعرض لمشكلة غيابه عن العرض هذا العام.

ولفت مرشد إلى أنه اعتمد معيار توافر عزيمة وإرادة استثنائيتين وتحقيق نجاح ملموس، مضيفاً «لم يكن الاختيار عشوائياً بل بعد تمحيص وتدقيق شديدين، ووجدت أن التركيز على نماذج شبابية نلمس نجاحها جميعاً، ليس بدافع توثيقي بل بلورة قصص نجاح واقعية يمكن أن تكون محفزة لعدد غير متناهٍ من الشباب»، مشيراً إلى أن الكتاب مرشح لإنجاز أجزاء لاحقة له، بتعدد النماذج المشرفة.

ورغم تواضع الحضور الإعلامي لمؤتمر صحافي دعا إليه نادي دبي للصحافة الأسبوع الماضي، من أجل الاحتفاء بصدور كتاب «إماراتيون كيف نجحوا» لمؤلفه مرشد محمد أحمد، إلا أن بعض الحضور والشخصيات التي اعتبرها الكتاب نموذجاً لهذا النجاح اعتبروا أن صدور الكتاب نفسه يعد في أحد جوانبه تحدياً لواقع تغييب المبدع الإماراتي إعلامياً سواء بعمد أو دون عمد.

وبدا الإماراتيون الستة الذين تضمنهم الكتاب متحفزين لسرد تفاصيل قصة نجاحهم، مطالبين بتعميم توزيع الكتاب على الجامعات والمدارس بشكل خاص، بعدما جاء في قائمة أكثر الكتب مبيعاً طبقاً لإحصاءات مكتبة المجرودي في دبي.

180 يوماً

180 يوماً تقريباً هي مجموع ما أمضاه مرشد مع شخصيات الكتاب الست، بمتوسط شهر تقريباً لكل منهم، وخرج بتصورات وافية حول أهم مقومات وعناصر النجاح لدى كل منهم، لتكون «محفزاً وباعثاً على الأمل وتخطي الصعاب لكل طامح أو موهوب في مختلف المجالات، التي لن تخلو من معوقات يتعاظم حجمها وصلابتها بتعاظم الأهداف». وقال مرشد لـ«الإمارات اليوم» إن «فكرة إصدار الكتاب ولدت لديه في عام ،2007 قبل أن يضطر لمراجعة كل شخصية من الشخصيات المحورية للكتاب بسبب وجود تفاصيل مستجدة في مسيرة كل منهم، وبشكل خاص بالنسبة لحارب، لاسيما أن هناك محوراً آخر في الشخصيات الست يرتبط بـ«فريج» ايضاً وهو هيثم الريس الذي يقف وراء تحويل شخصيات «فريج» إلى دمى ومنتج تجاري يدر دخلاً لمصلحة الشركة الناشئة «لم تر بكتشرز» التي أسسها حارب في مدينة دبي للإعلام، فيما تتضمن شخصيات الكتاب أيضاً كلاً من خليفة الجزيري مؤسس شركة E-Home Automation الذي قام بتحويل هوايته في التعرف الى عوالم التحكم الآلي إلى شركة تعنى بالبيوت الذكية، وهيثم الريس الذي قام بجهود تحويل شخصيات «فريج» و«شعبية الكرتون» إلى دمى وعلامات تجارية، ومصمم الأزياء أحمد الريايسة، فضلاً عن فيصل البناي منشئ شركة أكسيوم تليكوم الذي اعتذر عن حضور الحدث.

واتفقت الشخصيات الخمس مع مؤلف الكتاب على أن «إماراتيون كيف نجحوا» من نوعية الأعمال التي يجب أن تُقرأ في ليلة واحدة، نظراً لوجود محور واقعي يربط بينها جميعاً، فيما أشاروا إلى أن الفكرة المسبقة التي تفترض غياب الخبرة والرغبة في الالتزام بالعمل عن الشاب الإماراتي كانت أحد ابرز المعوقات الجامعة بينهم، فضلاً عن غياب الإيمان بجدوى تخصيص ميزانية للمشروعات التي يبتكرها الشباب، فيما أشار الريايسة إلى أنه وجد صعوبة كبيرة في مدى تقبل المجتمع فكرة كونه مصمم أزياء نسائية.

الأكثر مشاركة