ناشرون يرونها وجوهاً للمضامين
أغلفة الكتب.. حب مـن النظرة الأولى
الغلاف الجذاب محفّز على القراءة. تصوير: أشرف العمرة
أكد عدد من أصحاب دور النشر على المكانة الخاصة التي يحظى بها غلاف الكتاب ودوره الأساسي في الترويج للكتاب والمساهمة في بيعه ورواجه. وأشار البعض إلى أنه يشبه قصة حب تبدأ من النظرة الأولى، حيث إن العلاقة بين القارئ والكتاب صعبة ومعقدة وفيها كثير من المزاجية والانطباعات الخاصة. وأكد آخرون أنه ليس مهماً أن تراعي أغلفة الكتب مزاجية المؤلفين ورغباتهم بل مضمون الكتاب، والهدف الذي يرجونه. فالغلاف أول شرارة تجذب القارئ او تنحيه بعيداً. وأوضح البعض أنه عمل مستقل في حد ذاته تسنده دور النشر المحترفة إلى مصمم يقوم بقراءة الكتاب او مناقشة الفكرة مع صاحب الدار او التحدث مع المؤلف بشكل شخصي لمناقشته والخروج بنتيجة تساعد على تقديم الكتاب بوجه جذاب، حسب نوع الكتاب وتوجهه، فالمطبوعات الفكرية لها أسلوبها، وغالباً ما تكون ألوانها أقرب إلى الأسود وتدرجاته، أما الكتب الروائية والأدبية، فيفضل استخدام الألوان الهادئة بالزهري مع تداخلات العاجي والسماوي، والخطوط الهادئة غير الحادة، معبرة عن محتوى الرواية أو البعد الأدبي للكتاب. وللكتب العلمية تكنيك مختلف، فالغلاف يعكس رموزاً وصوراً تعبر عن المحتوى العلمي، وأفضل الألوان في هذا المجال الخلفية الداكنة للأزرق والرمادي وخطوط الرسومات بالأسود، أما الدينية فتعتمد على الزخارف الإسلامية بشكل رئيس وغالباً ما تكون ضخمة وتختار الألوان الذهبية والنحاسية والفضية لتعطي عليها رونقاً مختلفاً.
|
تاريخ
يرجع تاريخ رسم أغلفة الكتب إلى بدايات القرن ،19 حيث كان يُستخدم في الأغلفة ورق قوي صلب لحفظ مادة الكتاب بداخله، وكان يصنع من مادة صلبة تتداخل فيها خيوط الفضة، أو الجلود المطعمة بالأحجار الكريمة، وكانت صناعة أغلفة الكتب تجمع بين الفن الراقي والصنعة الحرفية كالزخارف. وفي العام 1920 حدث تطور كبير في صناعة الأغلفة في العالم، وخصوصاً في منطقة وسط أوروبا، فاستخدموا الأقمشة الغالية الثمن كالكتان الطبيعي والحرير الطبيعي، وتمت معالجتها بطريقة خاصة للرسم عليها وتجليد الكتاب بها، وأصبح هذا الفن مع الوقت صناعة وفناً في آن واحد في الغرب. وخصصت المتاحف والمعارض الدائمة مساحات شاسعة لعرض تاريخ فن رسم الأغلفة في العالم، ومازالت موجودة حتى الآن في برلين ويون وروما ونيويورك وروسيا ومن اشهر رسامي اغلفة الكتب في روسيا «الكسندر رودشينكو» الذي تخصص في تصميم أغلفة الموسوعات التاريخية. |
ويرى صاحب المؤسسة العربية للدراسات والنشر ماهر الكيالي، أن غلاف الكتاب «ردة الفعل الأولى التي يستشفها الناشر أو المؤلف من نظرة القارئ وتقبله للكتاب الذي بين يديه»، وقال «عندما يأتي أحد القراء أراقب نظرته للكتاب وأحدد منها مدى ارتياحه أو نفوره، الغلاف هو البوابة التي تغري القارئ بتصفح الكتاب وشرائه»، مشيراً إلى أن «هناك كتباً مهمة جداً لا تحظى بالرواج الذي تستحقه بسبب غلافها غير الجيد، وهذا فقط عند القارئ غير المحترف، أما القارئ المنتظم فنراه يبحث عن اسم كتاب محدد أو كاتب يحبه ولا يعنى كثيراً بمظهر الكتاب، إلا أن هذا الأمر لا يقلل من الأهمية الخاصة التي يتمتع بها الغلاف».
وأضاف الكيالي أن الوقوف أمام اللوحات الفنية التي تزدان بها أغلفة الكتب، يشبه الوقوف امام لوحات فنية في معرض، فالغلاف لا يقل عن اي معرض فني يحتوي على العديد من اللوحات والألوان. وأوضح «يعمل لدينا في الدار مصمم متخصص في تصميم الأغلفة وعادة تتكون علاقة بينه وبين المؤلفين ومن خلال تلك العلاقة التي تتحول الى معرفة يستطيع المصمم ان يستنبط رسوماته التي غالباً ما تنال اعجاب المؤلف».
وشبه صاحب دار كنعان في سورية سعيد البرغوثي، غلاف الكتاب بقصة الحب التي تبدأ غالباً بنظرة، إما أن تكون عابرة أو يمتد تأثيرها إلى فترة طويلة. وقال إن «دار كنعان تعتمد في إنجاز أغلفتها على أكثر من فنان ومصمم من أجل خلق حالة من التنوع ومحاولة إرضاء الأذواق، لكن يظل الحرص على أن تكون هذه الأغلفة متماشية مع موضوع الكتاب وطبيعته»، وأكد البرغوثي أن أغلفة الكتب «لا يتم تصميمها ورسمها بين ليلة وضحاها، بل هي عملية تتطلب الوقت والجهد وفيها الكثير من الطقوس والأخذ بين الدار والمؤلف وقد تحدث اختلافات في وجهات النظر إلى أن نصل إلى حل يرضي جميع الأطراف المعنية بالكتاب، ولكن في النهاية يكون الهدف إرضاء القارئ ولفت انتباهه»، وأشار إلى أن جمال الغلاف واتقانه يعطيان سمة جيدة او سيئة للدار قبل المؤلف، لذا فالعناية به ضرورة ملحة لا تقل عن العناية بمراجعة الكتب مرات عدة قبل عملية الطباعة».
واكدت صاحبة دار «ممدوح عدوان للطباعة والنشر» إلهام عبداللطيف، أن «الغلاف لا يقل أهمية عن الكتاب، فكلاهما يكمل الآخر»، وقالت إن «تصميم الأغلفة فن كامل وله أصوله وقواعده التي تشبه إلى حد كبير فن انجاز لوحة فنية أحياناً، نقف أمامها ولا نفهم ما يعنيه الفنان، الا اننا نستمتع ونشعر بالراحة، أو نشعر بالملل والضيق والنفور» واضافت «غلاف الكتاب هو بادرة الخير على المؤلف في أن يقتني عابر ما كتابه او يبتعد عنه، لذا فالاهتمام مسؤولية كبيرة، خصوصاً انه يسهم إلى حد كبير في عملية بيعه مثل العنوان تماماً» موضحة «باختصار هو اختزال ملون يعكس مضمون الكتاب، وهو ثقافة بصرية خاصة تجعلنا نقف طويلاً قبل شراء الكتب».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
