الهدية ينتقد تجاهل مثقفي الإمـارات قضايا تهّم المجتمع

انتقد الشاعر الإماراتي عبدالله الهدية تمحور عدد من شعراء الإمارات والمثقفين حول ذواتهم، وتجاهلهم قضايا ملحة تمس المجتمع، مثل قضايا اللغة العربية ومحاولات تهميشها، والهوية الوطنية التي يختصرها بعضهم في احتفالات اليوم الوطني فقط، متجاهلاً ما تتضمنه من تساؤلات تهدف للتعرف إلى الذات والآخر، للانطلاق نحوه اعتماداً على ثوابت قوية، مشيراً إلى تفاؤله، على الرغم مما يعانيه الواقع العربي في الوقت الحالي على مختلف الصعد. وقال «يجب أن نتفاءل، وبينما يعتبر بعضهم ما نمر به في واقعنا العربي عارضاً لنكسة مقبلة، أجده قد يكون بمثابة الرذاذ الذي يسبق المطر، ولأن السحب لا تسقط مطرها، إلا إذا صفعتها الرياح، فربما يكون الواقع الحالي هو الصفعة التي نحتاج إليها لنستفيق».

وعلى هامش أمسية شعرية نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ فرع أبوظبي، أول من أمس، في مقره في المسرح الوطني، قال الشاعر عبدالله الهدية «هناك مسؤولية كبيرة تقع على المثقف العربي في ما وصل إليه، بعد أن اتجه جانب من المثقفين إلى الانزواء بعيداً والتغني بالماضي، وهذه إشكالية وليست مجرد مشكلة يسهل حلها، أيضا المثقف العربي دائماً في انتظار أن تمتد إليه يد المساعدة، على الرغم من أن المبدع لا يجب أن ينتظر مساعدة خارجية، ولكن تقوده إلى الإبداع والابتكار رغبته الداخلية في التوهج». وأضاف «انسقنا خلف مصطلحات أتتنا من الخارج، وآمنا بها من دون أن نمحصها تمحيصاً جيداً، مثل اختلافنا حول الحداثة، وهو الخلاف الذي كان ومازال حبيساً للندوات، من دون أن نفكر في الاتجاه نحو المجتمع لاستطلاع رأيه ومدى قابليته له، وبالتالي، تمحورت القضية في المعاناة الذاتية للشاعر بشكل مبالغ فيه، من دون أن نسعى إلى التواصل مع الشارع والمحيط الذي نعيش فيه، أو أن نسعى للتواصل مع العالم، من أجل أن ننقل تراثنا وحداثتنا إليه، فنحن، للأسف، نبكي أحياناً من دون أن نسعى لإيجاد مخرج من بكائيتنا، وفي أحيان أخرى، نتفاءل حتى ننسى الواقع ومشكلاته».

وفي الأمسية، قدم الشاعر عبدالله الهدية قصائد له حضر فيها بقوة الهم العربي، بعد أن نسجه ببراعة مع معاناة ذاتية للمثقف، وعكست قدرة الشاعر على تناول قضايا قد يجدها بعضهم غير قابلة للتناول الشعري، مثل العولمة وتهميش اللغة العربية في موطنها؛ براعته الشعرية وثراء وتماسك معجمه اللغوي، نافياً أن تكون قصائده نوعاً من جدل الذات «ولكنها تعرية للواقع، ربما تفضي إلى تصحيح ما يمكن تصحيحه». وأشار إلى أن القصائد الطويلة لم تعد تناسب روح الوقت الحالي المسكون بالسرعة، والذي ربما أصبح زمن الومضات الشعرية «ولكن، عند تناول قضية جادة في قصيدة، فلابد من التطرق إلى جوانبها المتعددة واستيفاء الفكرة تماماً من دون التوقف كثيراً أمام عدد أبيات القصيدة».

وقال الهدية الذي أصدر ثلاثة دواوين شعرية، ويستعد لإصدار الرابع، «لا أكتب للنخبة فقط، ولكن أكتب أيضا للعامة، ولذا، تراوح قصائدي من حيث الوضوح، فالقصائد السهلة الواضحة وسيلة لاستدراج القارئ العادي نحو قصائد أخرى أكثر عمقاً، بما يحفزه لطرح أسئلة جادة حول القضايا المحيطة به والتفاعل الايجابي معها». وأضاف «مؤكد أن بيئتي التي نشأت فيها في رأس الخيمة كان لها أثر في شعري وتمسكي بالموروث القديم، إذ نشأنا في وقت كان الفن فيه يحتل موقعاً أكثر سمواً من الحالي، حيث كان هناك تمازج بين الفصحى واللهجة المحكية، كما في فن (الصوت) القديم، وإن كان هذا التمازج أصبح إشكالية حاليا، في ظل تخوف من طغيان اللهجات المحلية على اللغة العربية، ولذا، علينا السعي لتحقيق التوازن بين الاثنين». ويشغل عبدالله الهدية منصب نائب رئيس جمعية الشحوح للثقافة والتراث، ورئيس تحرير مجلة (الندبة) إصدار جمعية الشحوح في أبوظبي. وسبق وتولى رئاسة لجان ثقافية عديدة في أندية رياضية مختلفة، إلى جانب عمله معداً ومقدم برامج إذاعية تراثية ثقافية على امتداد 11 عاماً في إذاعة الإمارات العربية المتحدة من رأس الخيمة.

تويتر