«مصر والجزائر».. ترقـب في الساحة الفنية أيضاً

المصري محمد منير والجزائري الشاب خالد كانا الأكثر اتزاناً. رويترز

على صيغة مقولات اللغز التي تربط بين ضدين لا رابط منطقياً بينهما، يتساءل كثيرون من المتابعين حالياً، ما علاقة هيفاء وهبي ونانسي عجرم بمباراة في كرة القدم بين فريقي بلدين عربيين، هما مصر والجزائر، التي تقام مساء اليوم في القاهرة؟ وكيف يمكن لفنانين كثيرين يفضلون دائماً إرضاء جميع الأطراف العربية الانحياز صراحة لطرف ما؟

 
مناورة تسويقية

قال معدون لبرامج مباشرة نُسجت سيناريوهات كثيرة لها، مقررة عقب انتهاء مبارة مصر والجزائر، إنهم تلقوا طلبات كثيرة من فنانين، بعضهم لم يسمع عنهم على الساحة الفنية، سائلين إياهم بتسيق مداخلات على الهواء، وبشكل خاص في حال فوز المنتخب المصري، في الوقت الذي بدا فيه الظفر بمداخلة، أو السماح بتقديم مقطع من أغنية مُهداة بمثابة «دعاية ذاتية ومناورة تسويقية مغلفة ببريق حب الوطن»، في مزايدة رآها منظمو المباراة مكشوفة، موجهين رسالة إلى الفنانين بأنهم غير مرغوب في وجودهم بهالة إعلامية داخل استاد القاهرة الذي يشهد المباراة.

وبصيغة تنسجم مع مقولة «سبع صنايع والبخت ضايع» المروجة لعدم احترام قيمة التخصص، تحول فنانون حالياً إلى نقاد ومحللين ورياضيين، يحتلون مساحات واسعة من أوقات بث البرامج الرياضية، فطفوا على السطح مع مباراة مصر والجزائر التي تقام اليوم لتحديد أحد المتأهلين لمونديال كأس العالم في جنوب إفريقيا ،2010 لغايات تسويقية.

وفي السياق نفسه، انشغل مطربون بإنجاز أغانٍ تُهدى للإذاعات والفضائيات «لشحذ الهمم»، مرتبين لطلات ومداخلات المباركة على شاشات الفضائيات الرياضية، إذا ما سارت الأمور باتجاه فوز فريق بلد الـ80 مليون نسمة مصر، في حين تؤكد النظرة التحليلية أن التهافت الفني للعب على أوتار الجماهير يحمل فرصاً ذهبية لتسجيل حضور يشبه الفاصل الترويجي للفنان نفسه على فضائيات كثيرة، فضلاً عن ضمان إذاعة كليب وحيد لنحو 100 مرة يومياً في الفضائيات في سابقة لم تحظ بها حتى أشهر أغاني العندليب عبدالحليم حافظ وفيروز وأم كلثوم.

«الإمارات اليوم» استطلعت آراء فنانين يترقبون المباراة، مال بعضهم إلى المنتخب المصري، كالفنانين الإماراتيين محمد المزروعي، ومحمد المنهالي، والمطرب عبدالله بالخير، في حين أعلن آخرون تشجيعهم للمنتخب الجزائري مثل الفنانة وردة والفنانة فلة.

انحياز شبابي

وإذا كانت الخبرة التسويقية التي دفعت فناناً ، مثل الإماراتي حسين الجسمي لغناء أغنية «أجدع ناس» قاصداً بها المصريين في أعقاب فوزهم ببطولة كأس أمم إفريقيا الأخيرة، على خطى اللبنانية الموصوفة بأنها الأكثر ذكاء بين فنانات جيلها، نانسي عجرم صاحبة أغنية «لو سألتك انت مصري قولي آه»، فإن فنانين إماراتيين شباباً يمثلون التيار الصاعد للأغنية انحازوا جميعهم بشكل صريح لمشاعر تضامن مع الفريق المصري، من دون أن يكون في مخيلتهم، على الأقل في المرحلة الحالية، طموحات الوجود الفني في مصر، حيث يقول الفنان الشاب محمد المزروعي صاحب أغنية «أنفلونزا الخنازير» «سأشجع بكل تأكيد المنتخب المصري، على الرغم من علمي بأنني كفنان يجب أن أكون متحفظاً ومتوازناً في مثل هذه التصريحات، لكن عشقي لمصر يجعلني أستعين بقاعدة أنا وابن عمي على الغريب».



التلقائية الشديدة في تصريح الزرعوني ودبلوماسية مفردة «الغريب»، لم تمنعه من الإيعاز بأنه على علم بالمواقف الدعائية لبعض الفنانين، حيث أضاف معلقاً على أغنية «أجدع ناس» للجسمي «هذا الفنان يتسم بقدر كبير من الذكاء».

وعلى خطى المزروعي، لم يخف الفنان الشاب محمد المنهالي انحيازه وتشجيعه للمنتخب المصري، وقال لـ«الإمارات اليوم» «أحب مصر، ليس في كرة القدم فقط، بل أرى من الطبيعي أن ينحاز شعورياً أي عربي لبلد النيل».

وقال الفنان عبدالله بالخير إنه لا يتردد في الإعلان عن تشجيعه للمنتخب المصري في كل المحافل، فيما عدا لو كان اللقاء مع منتخب الإمارات الأبيض، بل إن بالخير أحيا أمسية خاصة احتفاء بالمنتخب المصري في مقر قناة «إم بي سي» الفضائية، تخللتها آراء «رياضية» له.

وأثارت هيفاء وهبي التي لا تتردد دائماً في إعلان موقفها «الداعم» للمنتخب المصري حماسة فنانات مصريات لحضورهن إلى استاد المباراة، حيث اللقاءات الإعلامية وعدسات التصوير المختلفة تنقل حماستهن وهن يلتحفن بعلم مصر، وبعضهن يفضلن، مسايرة لقيم التشجيع الجدية، طبعه على خدودهن، مثل المصرية سمية الخشاب التي توجد حالياً في الإمارات، وقالت لـ«الإمارات اليوم» «من الضروري أن يفوز الأكثر اجتهاداً، وأعتقد أن منتخب بلادي بالفعل هو الأكثر اجتهاداً»، ووصفت نفسها بأنها مشجعة شديدة التعصب للفريق المصري.

دبلوماسية لطيفة

ووجدت الفنانات من دول المغرب العربي، ومعظمهن يُقمن في القاهرة، أنفسهن في موقف لا يحسدن عليه، حسب تفسيراتهن، فعلاقات الجوار تدفعهن إلى تصريحات مُحفزة للفريق الجزائري، فيما يبدو شبح غضبة جمهور الـ80 مليون وآثارها على نجاح الخطط التسويقية لأعمالهن، بمثابة فزاعة، جعلت معظمهن يفضلن تصريحات دبلوماسية، فقالت لطيفة بلهجتها التونسية «هي مقابلة رياضية بين فريقين شقيقين، وإن شاء الله يفوز الأجدر، المهم إن اللي يفوز يمثلنا تمثيل مشرف في كأس العالم».

ولم يكن الأمر بالنسبة للفنانين الجزائريين سوى إعلان التأييد التام لمنتخب بلادهم، مشفوعاً بتأكيد أنهم سيكونون أول المهنئين للمنتخب المصري إذا انتزع بطاقة التأهل لكأس العالم، وهو موقف الفنانة فلة الجزائرية التي قالت «سأشجع بلادي بكل قوة، وسأتحول إلى مصرية في مدرجات جنوب إفريقيا إذا قُدر لمصر أن تكون هناك، لكن النصر بإذن الله سيكون حليف الأخضر الجزائري».

وإذا كانت العلاقة الحساسة بين فلة ونقابة الفنانين المصريين، ومنعها من الغناء في مصر لأسباب قديمة، قد منحت مزيداً من الحرية لفلة في تصريحاتها، فإن وردة الجزائرية اضطرت إلى اللجوء لمزيد من الدبلوماسية، بعدما انتشرت شائعات عبر مواقع إلكترونية عن منعها من دخول مصر، إثر نشر تصريحات حماسية لها، مفضلة أن تنسحب بهدوء من تيار دغدغة مشاعر جمهور الألبومات الفنية، لاسيما أن وردة في المرحلة الحالية باتت مكتفية برصيدها القديم.

في السياق نفسه، تسببت صور فنانات مصريات، طبعها مراهقون على مجسمات تحمل فانلات لاعبي الفريق المصري، وانتشرت في شوارع العاصمة الجزائرية، في مزيد من تعكير الأجواء الجماهيرية، بعد أن أعاد الجمهور إنتاج تقليعة خلط الفني بالرياضي التي ابتدعها فنانون أرادوا نصيباً من هوجة إعلامية تكسّب كثيرون من ورائها تسويقياً عبر دعايات مجانية، كان لمحسوبين على الوسط الفني تركة مهمة، تضمنت ما اعتبروه أرباحاً تسويقية عظيمة.

في المقابل، كانت الطلة الفنية الأكثر اتزاناً للفنانين المصري محمد منير والجزائري الشاب خالد، مساء أول من أمس، في مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة، حيث قاما باعتلاء المسرح متعانقين متبادلين مزاحا كثيرا، فيما قام منير بتوشيح خالد بالعلم المصري، ورفعه الأخير محيياً الجمهور الغفير.

تويتر