وعـد بوحسـون: أسـعى إلى إحـياء «عصر المغنيات»

وعد بوحسون: رسالتي الفنية تقديم فرائد التراث العربي. من المصدر

«هنا ينام قلبي»، تحت هذا العنوان الموحي، جاءت الأمسية التي أحيتها الفنانة السورية وعد بوحسون، بالاشتراك مع مغني الفلامنغو كرو بينانا، إلى جانب عازف القيثارة كارلوس بينانا، وعازف الكاجون وميغل انغل اورينغو، مساء أول من أمس، في المجمع الثقافي في أبوظبي، بتنظيم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وضمن فعاليات إطلاق «مركز العين للموسيقى في العالم الإسلامي».

وقالت بوحسون لـ«الإمارات اليوم» إن رسالتها محاولة لبعث كل ما هو متفرد في التراث الفني العربي، من قصائد وموشحات لكبار الشعراء . وإنها تسعى إلى إحياء عصر المغنيات اللواتي كان لهن أثر بارز في تطور الموسيقى والشعر العربيين. وأشادت بإطلاق «مركز العين للموسيقى في العالم الإسلامي» الذي سيحتضن الفنون الأصيلة.

فن يستلهم روح التراث

قالت الفنانة السورية وعد بوحسون حول وجود فنانات عربيات يحملن مشروعات فنية، قد تتشابه مع ما تقدمه، وإن اختلفت في طابعها وأسلوبها، مثل غادة شبير وجاهدة وهبي، «بالفعل، هناك مشروعات فنية متميزة تستلهم روح التراث على الساحة، كما بدأت أسماء تبرز لملحنات وعازفات عربيات، وهذا جيد، فالتراث يتضمن مدارس متعددة، ما يتيح لكل فنان أن يقدم ما يريد، من دون أن يتقاطع ذلك مع ما يقدمه الآخرون».

وأضافت«يظل العامل الذي يجمعني بهؤلاء الفنانات أننا أكاديميات، تلقينا دراسة أكاديمية للفن والغناء والموسيقى، وأحببنا الاستمرار ومواصلة ما درسناه من خلال تطبيقه، والاستفادة منه في أعمالنا».

وكحوار فريد، يقدم تجسيدا واضحا لمعنى أن الموسيقى لا تعرف حدوداً، وأنها اللغة المشتركة بين الشعوب، من دون أن تحتاج إلى ترجمة أو شرح، جاءت فقرات الأمسية، فتناوب كل من وعد بوحسون وكرو بينانا تقديم أشعار ابن زيدون وولادة بنت المستكفي باللغتين العربية والأسبانية . وعقب كل أغنية، كان الجمهور الذي امتزجت فيه جنسيات عدة يعرب عن إعجابه، مردداً الكلمة الأسبانية الشهيرة «أوليه»، التي تعني بالعربية «الله».

واشترك الفنانان في تقديم أغنيات تتضمن قصيدة واحدة، يردد كل منهما كلماتها بلغته في تناغم فريد، ومن القصائد التي قدماها «أغار عليك من عيني»، «يا من غدوت به بين الناس مشتهرا»، «أدين بدين الحب»، «إني ذكرتك».

وسبق أن قدمت بوحسون وبينانا العرض في احتفالات «دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008» في قصر الحمراء في غرناطة في إسبانيا، كشاهد على الأثر الأندلسي في الموسيقى والشعر في إسبانيا.

ألبوم جديد

وأعربت وعد بوحسون عن سعادتها بالحفل والمستوى الراقي الذي تميز به، «وهو أمر ليس غريبا على الإمارات عموماً، وأبوظبي خصوصاً التي تسعى دائما إلى احتضان الثقافة والتراث والفن الراقي، وهو ما يجسده إنشاء مركز العين للموسيقى في العالم الإسلامي».

وذكرت بوحسون لـ«الإمارات اليوم» أنها مستعدة لطرح أسطوانة جديدة في ،2010 تضم قصائد قدمتها مع كرو بينانا، والتي من المقرر أن يقدماها في حفل في مركز العالم الإسلامي في باريس في 13 مارس المقبل. وأوضحت أن التقارب الفني الكبير بينهما كان من أهم أسس نجاح تجربتهما معاً. وأن إصدار البوم جديد لها بعد الأول الذي أصدرته أمر لا تتعجله، فالعمل على الألبوم يحتاج إلى عامين تقريبا، حتى يخرج في المستوى الذي يرضيها. وعن رأيها في ما يقدم على الساحة الغنائية الآن، قالت «تضم الساحة الفنية اتجاهات فنية مختلفة، يعبر من خلالها كل فنان عن فنه وفكره، وما يريد توصيله إلى المستمع بالطريقة التي تناسبه، وعلى المستمع أن يختار ما يتناسب مع ذوقه».

وأضافت بوحسون «أسعى من خلال فني إلى إعادة تقديم التراث العربي الأصيل، حيث كان من المتعارف عليه وجود (مغنيات) وشاعرات في مجالس الخلفاء، وكن يتمتعن بمكانة رفيعة، مثل الشاعرة الأندلسية ولادة بنت المستكفي التي كان مجلسها مقصدا للعلماء والمفكرين». وقالت «توارت هذه الصورة عن المرأة في التاريخ العربي حاليا، وأحاول إعادتها إلى الأذهان من جديد، من خلال تقديم أشعارها وقصائد كبار الشعراء العرب، أمثال ابن الرومي وابن عربي وابن زيدون»، معربة عن استعداداها لتقديم قصائد حديثة، إذا كانت على مستوى القصائد التي تقدمها، وتحمل الطابع والرسالة التي تسعى إلى تقديمهما. وقالت «أفضل البحث في التراث واختيار القصائد التي تعبر عن رسالتي، وتبرز جماليات وثراء تراثنا، خصوصاً أن هناك قصائد تحمل أفكاراً وأطروحات غير مسبوقة وفي غاية التفرد والتميز، مثل أشعار رابعة العدوية».

صعوبات إنتاجية

وذكرت الفنانة السورية أن اختيارها تقديم لون معين من الغناء، لم يحرمها من تحقيق التواصل مع الجمهور، وقالت «في كل حفل أقيمه، في العالم العربي وفي الغرب، أجد جمهوراً من مختلف الأعمار والجنسيات، يتفاعل مع ما أقدم من أعمال، وهو ما يسعدني كثيراً، وهو ما قد ينطبق أيضا على الإنتاج، حيث كانت هناك صعوبات في البداية في إيجاد تمويل وإنتاج لأعمالي، ولكنني كنت مصرة على الاستمرار ومواصلة الطريق. والآن، بدأت هيئات مختصة تبدي اهتماما بدعم ما أقدم».

وأوضحت أن اختيارها الفنانين الذي يشاركونها تقديم أعمالها وحفلاتها في بعض الأحيان قد يأتي من خلال طرح مؤسسات ثقافية أسماء معينة، مثل الفنان التركي قدسي اورجناز الذي قدمت معه أشعار رابعة العدوية. وأحيانا، تلعب المصادفة دوراً في ذلك، كما حدث في تعاونها مع الفنان الأسباني كرو بينانا الذي وجدت تشابها كبيرا في تجربتهما، نظرا إلى تقارب المناخ الثقافي لكل منهما.

تويتر